واشنطن: أظهر الأمر الذي أعطاه ترمب باغتيال قائد فليق القدس في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني إلى العلن الانقسام السياسي في واشنطن، إذ أكد الجمهوريون دعمهم للقرار فيما حذّر الديموقراطيون بأن عملية القتل قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية مدمّرة في المنطقة.

وغالبا ما يؤيد الحزبان العمليات العسكرية الكبرى التي تشنّها القوات الأميركية خارج البلاد، على غرار ما حصل في عام 2011 حين قتلت قوات أميركية خاصة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان.

لكن هذا النوع من التوافق تلاشى في السنوات الأخيرة، وقد أظهر الهجوم الذي وقع فجرا في بغداد وأدى إلى مقتل سليماني مدى الاستقطاب الحاد في الكونغرس الأميركي.

وقال أعضاء ديموقراطيون في الكونغرس إن زعماء الحزب ولا سيّما رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر لم يتبلّغا مسبقا بالضربة.

وعادة ما يبلّغ البيت الأبيض كبار مسؤولي الحزبين في مجلسي الشيوخ والنواب مسبقا بضربات عسكرية من هذا النوع.

لكن السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام المقرّب من ترمب قال إنه "تبلّغ بالعملية" عندما التقى ترمب هذا الأسبوع في منتجعه في فلوريدا.

وصرّح غراهام لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية "كانت ضربة دفاعية لتحييد هجمات مستقبلية كان سليماني يخطط لتنفيذها"، مضيفا أنه يقدّر "وضعه في أجواء" التخطيط للهجوم العسكري.

وفي حين وصف النائب الجمهوري البارز في مجلس النواب كيفن ماكارثي الضربة بأنها "تجسيد للتصميم والقوة"، اعتبر زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل أن سليماني "رجل شرير".

لكن على الرغم من إجماع الديموقراطيين والجمهوريين على إدانة سلوك سليماني ودوره في قتل أميركيين، هاجم أعضاء الحزب الديموقراطي القرار الذي اتّخذه ترمب على أبواب عام سيشهد انتخابات رئاسية.

وقالت بيلوسي إن قتل سليماني في ضربة أميركية يهدد بإحداث "تصعيد خطير للعنف".

من جهته اعتبر شومر أن ترمب "قد يكون دفع بالبلاد إلى حرب جديدة لا نهاية لها".

ووافقه الرأي النائب الديموقراطي هانك جونسون في تغريدة وصف فيها قرار ترمب بأنه "متهوّر".

"إصبع ديناميت"

وأدت الضربة التي وقعت قرب مطار بغداد الدولي صباح الجمعة إلى مقتل سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.

وجاءت الضربة بعد أن اقتحم محتجون موالون لإيران هذا الأسبوع السفارة الأميركية ردا على ضربات جوية أميركية على فصيل من الحشد الشعبي.

ونفذت الولايات المتحدة تلك الضربات بعد أن أدى هجوم صاروخي قبل ذلك بأيام إلى مقتل متعاقد أميركي في قاعدة عسكرية شمال بغداد.

وانتقد مرشّحون ديموقراطيون للرئاسة اغتيال سليماني.

وقال جو بايدن، النائب السابق للرئيس لقد "ألقى ترمب للتو إصبع ديناميت في برميل بارود وعليه أن يقدم توضيحات للشعب الأميركي"، مؤكدا أنه "تصعيد هائل في منطقة خطيرة أساسا".

وفي حين أيّدت غالبية جمهورية قرار ترمب، أعلن جمهوريون معتدلون تأييدهم للديموقراطيين في مطالبتهم بإحاطة شاملة من الإدارة بشأن تحركات مستقبلية وبإعطاء الكونغرس دورا فيها.

وقال ماكونل إن الإدارة ستقدّم إحاطة سرية لأعضاء مجلس الشيوخ "مطلع الأسبوع المقبل"، داعيا إياهم لعدم إطلاق الأحكام قبل "الاطّلاع على الوقائع".

وبدا السناتور راند بول، الذي يعارض توسّع الانتشار العسكري الأميركي، وكأنه يغرّد خارج السرب الجمهوري في توجيهه تحذيرا قاسيا.

وحذّر في تغريدة بأن "حربا من دون إعلان من الكونغرس" ستعرّض الجنود لموجات من العنف.