بغداد: تواصل التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران السبت مع شنّ واشنطن فجرًا غارة جوية استهدفت موكبًا تابعًا لهيئة الحشد الشعبي في شمال بغداد، وذلك بعد 24 ساعة على غارة مماثلة أدّت إلى مقتل كل من نائب رئيس هذا التشكيل العسكري الموالي لطهران والجنرال الإيراني الواسع النفوذ قاسم سليماني.

بعيد تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أنّه لا يسعى إلى الدخول في حرب مع إيران، شنّت واشنطن ضربة عسكرية جديدة في منطقة التاجي في شمال بغداد ضدّ قافلة للحشد الشعبي. وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس إنّ الغارة "أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى" من دون أن يحدّد عددهم. واتّهم الحشد واشنطن بتنفيذ الغارة، في حين لم يصدر من الإدارة الأميركية في الحال أي تعليق.

أتى هذا التصعيد الميداني بعيد ساعات على تأكيد ترمب أنّ الضربة الصاروخية التي أمر بشنّها فجر الجمعة قرب مطار بغداد الدولي، وأسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ورجل إيران الأول في العراق أبو مهدي المهندس، كان هدفها "وقف" حرب، وليس بدئها، بين بلاده وإيران، التي توعّدت الولايات المتحدة بـ"ردّ قاس".

بعيد ساعات من مقتل سليماني قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لوكالة فرانس برس إن الولايات المتحدة في صدد نشر ما يصل إلى 3500 جندي إضافي في المنطقة لتعزيز أمن المواقع الأميركية.

وتوعّدت إيران الجمعة بالردّ "في الوقت والمكان المناسبين" على اغتيال قائدها العسكري الكبير على أيدي الأميركيين. وحذّر العراق من "حرب مدمرة" بعد الغارة التي نفّذتها طائرة مسيّرة وأثارت قلقًا في العالم ودعوات إلى ضبط النفس.

كشف مسؤول عسكري أميركي لوكالة فرانس برس أن العملية نفذت بـ"ضربة دقيقة لطائرة مسيّرة استهدفت سيارتين قرب مطار بغداد" كانتا ضمن موكب سليماني والمهندس.

كان سليماني (62 عامًا)، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري، الجيش العقائدي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وموفد بلاده إلى العراق وسوريا ولبنان للتنسيق مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران فيها. وكان المهندس رسميًا نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يشكل جزءًا من القوات العراقية، ويُعد مواليًا لإيران، لكنّه كان يعتبر على نطاق واسع القائد الفعلي للحشد.

أتت الغارة الجديدة في وقت يستعد فيه العراق لتشييع جثماني سليماني والمهندس السبت. وبحسب الحشد الشعبي فإن الجثمانين سيشيّعان في بغداد أولًا، ثم ينقلان إلى مدينة كربلاء، ومنها إلى مدينة النجف في جنوب البلاد، حيث سيوارى المهندس الثرى.

وجاءت الضربة الأميركية بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران وللحشد الشعبي على السفارة الأميركية في العاصمة العراقية، ما أعاد إلى الأذهان أزمة السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن في طهران في 1979.

تصاعدت في الشهرين الأخيرين الهجمات على قواعد عراقية تضم عسكريين أميركيين أسفرت عن جرح ومقتل عدد من العسكريين العراقيين، وصولًا إلى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك في شمال بغداد بثلاثين صاروخًا في 27 ديسمبر، ما تسبب بمقتل مدني أميركي.

وقد ردّت الولايات المتحدة في 29 ديسمبر بقصف منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب حزب الله، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي، ما تسبب بمقتل 25 مقاتلًا.