بيروت: ظلت كارول غصن شخصية بارزة، ولكن متكتمة في عالم الموضة النيويوركي، إلى أن سُلطت عليها الأضواء بعد توقيف زوجها رجل الأعمال كارلوس غصن واعتقاله وفراره في وقت لاحق من اليابان.

الزوجة الثانية للرئيس التنفيذي السابق لشركة نيسان، والبالغة 53 عامًا، وتحمل مثله الجنسية اللبنانية، قادت جهارًا الحملة لإطلاق سراح زوجها، لكن الدور الذي لعبته في فراره المفاجئ والمثير لا يزال غير واضح.

التحقت كارول بزوجها الاثنين بعد فراره من اليابان التي احتجزته سلطاتها، ثم وضعته قيد الإقامة الجبرية في منزله، بتهم تتعلق بمخالفات مالية. وسيدة الأعمال الأنيقة ذات الشعر الأشقر غير معروفة كثيرًا في لبنان، وأمضت فترة كبيرة من حياتها في الولايات المتحدة. لكنها خلال السنة الماضية جابت العالم بلا كلل، وقادت حملة لتبرئة زوجها.

لم تكن كارول معه في 19 نوفمبر عندما تم توقيفه على متن طائرته الخاصة في مطار ياباني، وصُدمت لتلقي الأنباء على بعد آلاف الكيلومترات.

مُنعت من زيارة زوجها خلال اعتقاله، ولزمت الصمت بشكل كبير في بادئ الأمر بشأن قضيته، لكنها كانت دائمة متواجدة بعد الإفراج عنه بكفالة، وإقامته في شقة في وسط طوكيو في 6 مارس.

صدمة
ناشدت زوجة قطب صناعة السيارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واشتكت في حديث مع صحيفة جورنال دو ديمانش من أن صمت السلطات الفرنسية إزاء القضية "يصم الآذان".

اتصلت بالبيت الأبيض، وأجرت مقابلة مع وسائل الإعلام الأميركية، أوشكت فيها على البكاء، وقالت إن زوجها البالغ 65 عامًا في صحة سيئة، يفاقمها ما وصفته بـ"سوء المعاملة النفسي" أثناء احتجازه.

قال أحد أصدقاء الزوجين والمقيم في طوكيو "خلال الشهر الذي كان فيه طليقًا، حاولا أن يعيشا بشكل طبيعي والذهاب في نزهات وتناول وجبات الطعام الجيدة". وكانا يقومان بذلك رغم تواجد المصورين أمام منزلهما، وهو ما لم تكن كارول تخفي انزعاجها منه.

لم تطل فترة الإفراج عنه تلك. فقد أعيد اعتقال كارلوس فجر الرابع منأبريل للرد على مزيد من الاتهامات، في خطوة تسببت لها "بالصدمة" بحسب صديقتها. وقالت في مقابلات إن المدّعين فتشوا شقتهما البالغة مساحها 50 مترًا مربعًا، وفتشوها، وأخذوا جواز سفرها، بل حتى رافقوها إلى الحمّام.

قال المحامي الفرنسي للأسرة فرنسوا زيمراي "كان اختبارًا كبيرًا، من أسوأ لحظات حياتها". أشاد بحفاظها على "كرامتها" تحت الضغط.

ومستخدمة جواز سفر آخر، غادرت اليابان متوجهة إلى فرنسا، لكنها عادت بعد أيام قليلة للمثول أمام المحققين الذين استجوبوها ولتظهر أن "ليس لديها ما تخفيه".

قالت صديقتها لوكالة فرانس برس "قررت القتال من أجل زوجها، لأنها تحبه وتؤمن ببراءته. لن تتركه لأنها تدرك أن بالنسبة إليه، دفاعه أكبر تحدّ في حياته".

أوردت وسائل إعلام تفاصيل مثيرة عن هرب غصن، وخروجه من منزله في علبة آلة موسيقية بمساعدة جندي أميركي سابق في سلاح المارينز وعنصر أمن من شركة خاصة لبنانية تنكرا كموسيقيين لحفلة بمناسبة عيد الميلاد.

وقد ذكرت وسائل إعلام يابانية الجمعة أن غصن ظهر على إحدى كاميرات المراقبة مغادرًا منزله في طوكيو بمفرده. ولم يشاهد غصن عائدًا بعد مغادرته حوالى ظهر التاسع والعشرين من ديسمبر، كما ذكر أشخاص على صلة بالتحقيق لهيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية (إن إتش كي).

يعتقد أنه سافر على متن طائرة خاصة من مطار كنساي في غرب اليابان في ذلك اليوم متوجّهًا إلى إسطنبول، وأنه توجّه من هناك إلى بيروت.

وأعلنت شركة الطائرات الخاصة التركية "إم إن جي جيت" في بيان الجمعة أنها قدمت شكوى جنائية تقول فيها إن طائراتها استُخدمت بشكل غير قانوني لنقل رجل الأعمال إلى لبنان بعد فراره من اليابان لتجنب محاكمته.

وأكد الرئيس السابق لشركة نيسان الخميس أنه لم يتلق مساعدة من أي حكومة وأنه دبّر هربه "بمفرده"، نافيًا تقارير عن أن زوجته لعبت دورًا في عملية خروجه الجريئة من اليابان.

يخوت الجمال
ولدت كارول نحاس زوجة غصن في بيروت عام 1966. وأمضت سيدة الأعمال الجزء الكبير من حياتها في الولايات المتحدة. وتحمل الجنسية الأميركية وكذلك أولادها الثلاثة من زواج سابق.

تلقت تعليمًا عاليًا، وحققت نجاحًا بجهدها، وفي العقد الماضي أسست شركة لبيع العباءات الفاخرة. التقت بكارلوس، ووقعا بسرعة في الغرام. وكان لكارول تأثير مهدئ على زوجها المندفع، بحسب أحد الأصدقاء.

تزوجا عام 2016، في قصر فرساي المهيب قرب باريس، في مراسم مترفة، جذبت انتباه السلطات، وسط تساؤلات حول كيفية تسديد كلفة الحفل.

ووفق مصادر قريبة من الملف، فإن كارول أيضًا رئيسة شركة استخدمت لشراء يخت فاخر يشتبه المدّعون في أن ثمنه سدد جزئيًا من أموال تم تحويلها من نيسان.

استجوبتها السلطات في ما يتعلق بشركتها "بيوتي يوتس" (يخوت الجمال) المسجلة في الجزر العذراء البريطانية، لكن لم توجّه إليها أي اتهامات، كما تنفي ارتكاب أي مخالفة.