سيدني: انتشر عسكريون من جنود الاحتياط في مناطق دمرتها الحرائق الهائلة في ثلاث ولايات أسترالية الاثنين بعد نهاية أسبوع مروعة، في وقت تعهدت الحكومة تخصيص 1,4 مليار دولار على مدى سنتين لجهود الإغاثة والتعويض عن الخسائر الناجمة عن الأزمة المستمرة منذ أشهر.

وحوّلت حرائق غابات كارثية مساحات شاسعة من الأراضي إلى بؤر متفحمة ودمرت مساحة توازي مساحة جزيرة إيرلندا، وفق أرقام رسمية، فيما حذرت السلطات من أن الكارثة يمكن أن تستمر لأسابيع أو أشهر.

وتعهد رئيس الوزراء سكوت موريسون الذي تعرضت حكومته للانتقاد لبطء استجابته للطوارئ، تخصيص ملياري دولار استرالي (1,4 مليار دولار اميركي) من أموال دافعي الضرائب لإنشاء صندوق وطني للإنقاذ.

وقال موريسون "الطريق طويل أمامنا وسنكون إلى جانب هذه المجتمعات في كل خطوة من الطريق عندما يقومون بإعادة البناء".

واستفاد رجال الإطفاء الذين انضمت إليهم فرق جديدة من الولايات المتحدة وكندا، من تساقط المطر وانخفاض درجات الحرارة لمكافحة حرائق خارجة عن السيطرة قبل ارتفاع جديد في الحرارة تتوقعه الأرصاد في وقت لاحق هذا الأسبوع.

وفي أكبر تعبئة من نوعها لجنود الاحتياط، تم نشر فرق عسكرية في مناطق شرق أستراليا لمساعدة أجهزة الطوارئ على مسح الأضرار وإعادة التيار الكهربائي وإيصال إمدادات الطعام والمياه والوقود إلى مجتمعات معزولة.

وللمرة الأولى في تاريخ أستراليا قامت الحكومة ايضا بنشر فريق المساعدة الطبية الذي ترسله عادة إلى دول أخرى للمساعدة في مرحلة ما بعد الكوارث، من أجل إغاثة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم.

وقالت رئيسة حكومة ولاية نيو ساوث ويلز غلاديس بيريجيكليان الاثنين "لا مجال للتقاعس خاصة وأن لدينا أكثر من 130 حريقا لا تزال مشتعلة في أنحاء الولاية".

وضع طبيعي جديد

أتت الحرائق على قرابة خمسة ملايين هكتار من الأراضي (50 ألف كلم مربع) في أنحاء نيو ساوث ويلز وأكثر من 1,2 مليون هكتار في ولاية فكتوريا منذ أيلول/سبتمبر، وفق مسؤولين.

ويوازي إجمالي المساحات المدمرة الذي يبلغ قرابة 8 ملايين هكتار، مساحة جزيرة إيرلندا أو ولاية كارولاينا الجنوبية الأميركية.

وقضى 24 شخصا في الحرائق حتى الآن، فيما دمر أكثر من 1800 منزل. واعتبر شخصان في عداد المفقودين في نيو ساوث ويلز، الولاية الأكثر اكتظاظا في استراليا.

في ولاية فكتوريا، أعلن رئيس الحكومة دانيال أندروز إنشاء وكالة لمساعدة البلدات المدمرة في أعقاب الحرائق، موضحا أنها ستكون هيئة دائمة إذ يتوقع أن تصبح الحرائق العنيفة اعتيادية.

وقال أندروز للصحافيين "يجب أن نكون صادقين إزاء حقيقة أننا سنشهد المزيد والمزيد من الحرائق، والمزيد والمزيد من الدمار مع حلول كل موسم حرائق ... هذا هو الوضع الطبيعي الجديد".

وقال رئيس صندوق الإغاثة الذي تم إنشاؤه حديثا في ولاية فكتوريا، بات ماكنامارا إن موسم الحرائق هذا الصيف كان "كارثة زاحفة".

واضاف في تصريحات لشبكة "إيه بي سي" العامة "لم نصل بعد إلى ما يمكن اعتباره ذروة موسم الحرائق".

وفي بلدة إيدن المعروفة بمناظرها الخلابة جنوب شرق الولاية، قالت هولي سبنس إنها أمضت أكثر من 12 ساعة تحمي مزرعة عائلتها السبت، بعد أقل من أسبوع على إنقاذها ليلة رأس السنة.

وقالت المرأة البالغة 28 عاما لوكالة فرانس برس "لا نريد أن نواجه هذا مرة ثالثة".

ومن ناحيتها قالت فيونا كينيلي (50 عاما) التي غادرت مع 24 من أفراد عائلتها إلى نزل قرب إيدن، إنها تشعر بالارتياح لتحسن الظروف الجوية، ما منحهم استراحة.

وقالت لوكالة فرانس برس "جيد أن نرى ضوء النهار في وقته مجددا" مضيفة أن السماء كانت تصبح سوداء اللون في فترات بعض الظهر.

غضب شعبي

تجاوزت آثار حرائق الغابات المناطق المتضررة. فقد لف الدخان الكثيف ملبورن ثاني أكبر المدن الاسترالية والعاصمة كانبيرا.

وأغلق عدد من الدوائر الحكومية في كانبيرا فيما اعتبرت نوعية الهواء فيها الأسواء في العالم، وفق مرصد مستقل على الانترنت يرصد نوعية الهواء.

وتسببت الكارثة بغضب شعبي متزايد تجاه موريسون. وصدرت دعوات إلى التظاهر الجمعة لمطالبة حكومته بتسريع جهودها في التصدي للتغيّر المناخي الذي يقول الخبراء إنه أجج الحرائق.

في لوس انجليس قال النجم الهوليودي راسل كرو إنه عاد إلى وطنه لمكافحة الحرائق مؤكدا أن الكارثة "سببها تغير المناخ".

وقال في رسالة قرأتها الممثلة جنيفر أنيستون "يجب ان نتصرف بناء على العلم، ودفع قوانا العاملة العالمية في اتجاه الطاقة المتجددة، واحترام كوكبنا لكونه مكانا فريدا ومذهلا. بهذه الطريقة يكون لنا جميعا مستقبل".

بدورها أشادت الممثلة الاسترالية كيت بلانشيت بالإطفائيين المتطوعين الذين يشاركون في جهود مكافحة النيران واضافت "عندما يواجه بلد ما كارثة مناخية، نواجه جميعا كارثة مناخية. نحن معا في المحنة".