عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: بعد ساعات قليلة على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات قاسية على العراق لو طلبت الحكومة العراقية من الولايات المتحدة رحيل القوات الأميركية من البلاد، ارتفع سعر صرف الدينار العراقي في بورصات بغداد ومحلات الصرافة، وسط مخاوف من ارتفاع أسعار السلع، مما حدا بالبنك المركزي العراقي، اليوم الاثنين، الى الاعلان أنه مستمر بضخ الدولار إلى السوق المحلية، محذراً من الشائعات التي تتعمد بثها بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

طمأنة

وكالة الانباء العراقية الرسمية نقلت عن البنك، قوله: "مستمرون بضخ الدولار الى السوق ونحذر من الشائعات".

وارتفع سعر صرف الدولار اليوم الى 123 الف دينار لكل 100 دولار بعد تهديدات ترمب بفرض عقوبات على العراق.

من جهتها نشرت صفحة “اقتصاديون عراقيون”، على موقع فايسبوك جاء فيها أن “ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي وقتي بسبب كثرة العطل المتصلة من يوم الأربعاء الماضي وبفعل مضاربة السوق”. مؤكدة “الارتفاع سينتهي عند فتح نافذة بيع العملة غداً”.

وأعاد تهديد ترمب للعراقيين سنوات الحصار الأممي في تسعينيات القرن الماضي بعد غزو نظام صدام للكويت.

وكان الرئيس الأميركي ترمب أبلغ الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية أن ”لدينا قاعدة جوية هناك باهظة التكلفة بشكل استثنائي، لقد احتاجت مليارات الدولارات لبنائها منذ فترة طويلة قبل مجيئي، لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا تكلفتها“.

وأضاف ترمب أنه إذا طلب العراق رحيل القوات الاميركية دون أساس ودي، سنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها من قبل مطلقا، ستكون عقوبات إيران بجوارها أمرا صغيرا، على حد تعبيره.

مخاوف

الأكاديمي العراقي الدكتور نبيل المرسومي أشار الى فداحة الخسائر المتوقعة من جراء العقوبات الأميركية لو حصلت. وبين المرسومي في تدوينة له أن:

1.ثمة احتمال كبير في ان تجمد الولايات المتحدة عائدات النفط العراقية التي تمر من خلال البنك الفدرالي الاميركي الى العراق. فضلا عن امكانية تجميد استثمارات العراق في سندات الخزانة الاميركية التي تبلغ 32.7 مليار دولار وتجميد ارصدة العراق الاخرى في المصارف والمؤسسات المالية الاميركية.

2.انهيار سعر صرف الدينار العراقي بسبب شحة العملات الاجنبية وتوقف مزاد العملة للبنك المركزي العراقي الذي يعتمد على تدفق الدولارات النفطية مما سيؤدي الى عدم الاستقرار النقدي والى اضطراب الاسعار وارتفاعها.

3.تراجع كبير في الاحتياطيات النقدية العراقية في البنك المركزي العراقي التي تعتمد على تدفق اموال النفط ومن ثم تآكل القدرة في الدفاع عن سعر صرف الدينار العراقي.

4.ستتدهور كثيرا البيئة الاستثمارية في العراق وسيصبح العراق طاردا للاستثمار وستحجم العديد من الشركات العالمية عن الاستثمار في العراق بسبب حالة عدم الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي التي تسود البلد
5.ستعاني موازنة 2020 من ازمة حقيقية بسبب التراجع الكبير في الايرادات العامة من جهة وتوقف المؤسسات الدولية والاميركية عن اقراض العراق والتي تعد احد المصادر المهمة لتمويل عجز الموازنة العراقية.

6.تراجع كبير في القدرة الانتاجية والتصديرية للنفط الخام بسبب الانسحاب المتوقع للشركات الاميركية والاجنبية عموما العاملة في حقول عقود التراخيص فضلا عن توقف المشاريع الرامية الى تطوير صناعة الغاز والبنية التحتية لقطاع النفط العراقي.

7.انخفاض حاد في حجم التجارة الخارجية العراقية لكل من الصادرات والواردات الممولة اساسا من العائدات النفطية وهو ما سيؤدي الى ارتفاع هائل في مستويات اسعار السلع والخدمات والى تراجع ايرادات البلد من الموانئ والمنافذ الحدودية.

8.عدم قدرة الدولة على توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية التي تعتمد بنسبة 87% على العائدات النفطية والتي من المؤمل ان تزداد هذه الرواتب بمقدار 14 ترليون دينار في موازنة 2020 لتنفيذ حزم الاصلاح الحكومية والبرلمانية
9.من المتوقع ان تلغي الولايات المتحدة الاستثناء الممنوح للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من ايران مما سيؤثر سلبيا على تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية.

10.الخسائر الكبيرة التي سيتعرض لها القطاع المصرفي العراقي بسبب العقوبات الاميركية المحتملة عليها.

11.سيضطر العراق الى دفع عدة مليارات من الدولارات الى الولايات المتحدة مقابل اخلائها لقواعدها العسكرية في العراق.

12.تراجع الاداء في الاقتصاد العراقي وخاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء والنقل مما سيفاقم من مشكلتي الفقر والبطالة في العراق.

وختم المرسومي تدوينته بالقول إنّ ضررا كبيرا سيلحق بالاقتصاد الايراني الذي يعتمد كثيرا على العراق اذ تصدر ايران للعراق سلعا بقيمة 12 مليار دولار سنويا تسهم الى حد كبير في تخفيض حدة العقوبات الاميركية عليها فضلا عن توقف تدفق النفط الايراني عبر العراق والى تراجع اعداد السائحين العراقيين الى ايران مما يحد من تدفق العملات الاجنبية الى ايران وكذلك توقف المشتقات النفطية التي تستوردها سوريا من ايران عبر العراق فضلا عن توقف المساعي الرامية الى ربط شبكات السكك الحديدية بين العراق وإيران كجزء من خطة أوسع لتمكين إيران من نقل بضائعها إلى سوريا وموانئها المتوسطية.

يذكر أن القوات الأميركية اغتالت فجر الجمعة الماضي قائد فيلق القدس الجنرال الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس ومساعدين لهما قرب مطار بغداد الدولي، مما تسبب بأزمة سياسية وتدهور للعلاقات بين واشنطن وبغداد، وتهديد الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية العراقية بالانتقام اضافة الى تهديدات إيران بالثأر من أميركا.

خطة اخراج القوات الأجنبية

ظهر اليوم، أعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن خلف عبد الكريم عن البدء بإعداد آلية لإخراج القوات الأجنبية من العراق.

وقال خلف في تصريح صحفي، اطلعت عليه "إيلاف"، إن "عمل التحالف الدولي سيقتصر على المشورة والتسليح والتدريب" مشيراً الى ان "الحكومة العراقية قيدت حركة التحالف الدولي بريا وجويا".

وبين أن "الآلية التي اعدتها الحكومة تشمل القوات القتالية وقضايا الدعم الجوي" منوها الى ان "قضايا التجهيز والتسليح والدعم اللوجستي تبقى قائمة".

وكان مجلس النواب صوت في جلسة طارئة أمس السبت على قرار يلزم الحكومة العراقية بحفظ إلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش لانتهاء العمليات العسكرية، والتزام الحكومة العراقية بإنهاء تواجد أي قوات أجنبية في الأراضي العراقية ومنعها من استخدام الأراضي والمياه والأجواء العراقية لأي سبب كان.

كما طلب القرار من الحكومة التوجه بنحو عاجل إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وتقديم الشكوى ضد الولايات المتحدة؛ بسبب ارتكابها انتهاكات وخروقات خطيرة لسيادة وأمن العراق وقيام الحكومة العراقية بإجراء التحقيقات بأعلى المستويات لمعرفة ملابسات القصف الأميركي وإعلام مجلس النواب بالنتائج خلال 7 أيام من تاريخ القرار.

وكان تصويت البرلمان العراقي تم بحضور النواب الشيعة وغياب نواب الكتل السنية والكردية التي يعارض قادتها انسحاب القوات الأميركية خشية من عودة تنظيم داعش وسيطرة أكبر للتنظيمات الشيعية المسلحة القريبة من إيران.