الرباط: اعتبر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أن اقتصاديات الدول العربية ينخرها الفساد، نؤكدا أن هذه القضية تمثل مصدر إزعاج للحكومات والشعوب، مطالبا بضرورة تكثيف الجهود من أجل التصدي لها.

وقال العثماني في كلمة ألقاها في افتتاح الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، اليوم الثلاثاء، بالرباط، إن "آفة الفساد تنخر اقتصادياتنا العربية وتزعجنا وتزعج مواطنينا جميعا".

وأضاف العثماني أن الفساد يشكل عقبة رئيسية "تعيق تنمية واستقرار مجتمعاتنا، وذلك بإضعاف المخططات التنموية والسياسات العمومية والحيلولة دون تحقيق أهدافها، وعرقلة الاستثمارات وتأخيرها، وضعف جودة البنيات التحتية".

وأكد رئيس الحكومة المغربية أن الانخراط الفعلي لشرائح واسعة من المواطنين في مكافحة الفساد من شأنه أن يسهم في "تحقيق التنمية المنشودة، والرفع من مستوى عيش المواطنين، وتقوية اقتصاديات البلدان وبث الثقة بين المواطنين في المؤسسات الوطنية".

وأضاف "نحن على يقين بأن محاصرة الفساد، وإضعافه، وإغلاق منافذه، والحد منه، سينعكس إيجابا على المدى المتوسط والبعيد في تحسن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية"، ودعا الدول والحكومات العربية إلى تقوية التعاون والتنسيق فيما بينها من أجل محاصرة الظاهرة.

من جانبه، قال ياسر عبد المنعم عبد العظيم، مدير إدارة الشؤون القانونية بجامعة الدول العربية، إن الجامعة تعمل على "تقديم الدعم اللازم لتعزيز قدرات الدول في مجال رسم سياسات فعالة في مكافحة الفساد بالدول العربية".

ودعا عبد العظيم الدول العربية التي لم توقع على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، إلى الإسراع في التوقيع على الاتفاقية من أجل تعزيز التعاون المشترك في مكافحة الظاهرة التي تعرقل التنمية الاجتماعية والاقتصادية في دول المنطقة.

كما طالب المتحدث ذاته الدول الأعضاء" بضرورة العمل على مراجعة التشريعات والقوانين من أجل تحصين الدول العربية وشعوبها من مخاطر الظاهرة السلبية التي تفوت على بلداننا الكسير من الفرص".

من جهته، طالب محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بالمغرب، باعتماد آلية عربية تتولى إنتاج وتجميع وتحليل المعطيات الإحصائية، والأبحاث والدراسات الموضوعاتية ذات الصلة بالفساد داخل البلدان العربية.

وأفاد الراشدي بأن المعطيات المتوفرة حول الكلفة التي تخلفها ظاهرة الفساد على مسار التنمية بالعالم العربي "ضعيفة"، وشدد على أهمية جمع المعطيات الكافية حول الظاهرة واستغلالها في بلورة "مؤشرات عِلمية دقيقة تسمح بقياس مدى التأثير الذي تخلفه الظاهرة على التنمية".

وأبرز الراشدي بأن ظاهرة الفساد أصبحت أكثر "تفشيا وتعقيدا، نتيجة ما يتيحه النمو التكنولوجي وتطور الآليات والشبكات المالية العالمية، وتداخل مصالح وطرق عمل المفسدين"، مشددا على أن هناك إجماع دولي على أن الفساد "يساهم في المس بقواعد الديمقراطية، وفي تقويض سيادة القانون، وفي الحد من الولوج للموارد والتوزيع العادل للثروات، وتكريس الهشاشة الاجتماعية والمجالية".

ويناقش أكثر من 120 مشاركا يمثلون الدول العربية بالإضافة إلى خبراء يمثلون منظمات دولية وإقليمية مختصة في مكافحة الفساد، على مدى يومين موضوع "الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد، مقاربة تشاركية، شاملة ومندمجة ومحفزة على انخراط أوسع وضامنة لتأثير أكبر".

يشار إلى أن مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، تنظمه الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بالمغرب، بشراكة مع جامعة الدول العربية، ويرتقب أن يخرج بجملة من التوصيات التي من شأنها الإسهام في إيجاد حلول مبتكرة في مجال مكافحة الفساد بالدول العربية.