يعتبر البعض أن كلمة النأي بالنفس تبقى فضفاضة في ما خص لبنان، وأن لأخير فعليًا لن يستطيع النأي بنفسه عن تطورات المنطقة مع تغيّر المشهد الإقليمي برمته.

إيلاف من بيروت: تعتبر مصادر برلمانية أنه "لا يمكن للبنان أن ينأى بنفسه عن تطورات المنطقة التي قد تغيّر المشهد الإقليمي برمته، وأنه بالتالي سيكون سرياليًا تشكيل حكومة تلبّي حاجات حزب الله وحلفائه كما حاجات الشارع المنتفض، وأن تأخير تشكيل الحكومة قد يكون بات مطلوبًا من الخارج قبل الداخل بانتظار اتضاح معالم العاصفة ومآلاتها".

ويبقى السؤال هل لبنان لن ينأى بنفسه فعليًا عن أزمات المنطقة؟.

أزمة لبنان
يؤكد الكاتب والإعلامي عادل مالك في حديثه لـ"إيلاف" أن لبنان غرق في واحدة من الأزمات التي شهدت نوعًا من التخبط في السياسات اللبنانية المحلية، وتركت آثارًا وندوبًا سياسية بين مختلف الأحزاب.

ويلفت مالك إلى أن تعبير "النأي بالنفس" يبقى مطاطيًا يحتمل أكثر من تفسير وأكثر من اجتهاد، لذلك صيغة النأي بالنفس التي تم التوصل إليها، باعتقاد مالك، تدور في حلقة مفرغة، بمعنى الاهتداء إلى تعريف محدد ومضمون معيّن، إضافة إلى أن "النأي بالنفس" يحتاج فريقًا آخر، ويشبه رقصة التانغو التي لا يمكن أن تكون منجزة من قبل طرف واحد، ليتكامل معه، وبمعنى آخر لا يكفي أن يقول لبنان إنه بمنأى عن القضايا العربية والدولية، بل يجب أن يكون المطلوب من الأطراف الأخرى التوافق فعليًا، لا كلاميًا، على هذا الموضوع، والنأي بالنفس من طرف واحد لا يتعدى عملية التسوية السياسية على الطريقة اللبنانية، عدا عن ذلك القضية تبقى قضية مبدأ أكثر مما هي الاتفاق على تعبير لغوي أي النأي بالنفس، وإذا لم يكن هناك من تفاهم جدي وصريح من مختلف الكتل والفصائل السياسية اللبنانية، فعبثًا نحاول الإختباء وراء شعار النأي بالنفس.

صياغة
رغم ذلك يضيف مالك، تم العمل على صياغة في ما خص موضوع النأي بالنفس يمكن أن تشكل مخرجًا للموضوع، لكن يبقى أن لا قيمة لأي نص أو تفاهم ما لم تصف النوايا، وما لم يتفق اللبنانيون في العمق على تجنيب أنفسهم مشقات الآخرين.

ويؤكد مالك أن لبنان منذ الأربعينات من القرن الماضي يعتمد المبدأ العملي القائم على عدم إقحام نفسه في المشاكل العربية والدولية، فلبنان كان دائمًا مع العرب والعالم إذا اتفقوا، ولبنان على الحياد إذا ما اختلفوا.

المجتمع الدولي
ردًا على سؤال أي دور للمجتمع الدولي في حث لبنان على تطبيق مبدأ النأي بالنفس فعليًا لا كلاميًا فقط؟. يجيب مالك أن هذا يندرج تحت إطار حرص بعض المرجعيات الدولية على ضبط الإستقرار في لبنان قدر المستطاع.

لدى سؤاله إلى أي مدى سيستفيد لبنان من الدعم الدولي في حال طبّق فعليًا موضوع النأي بالنفس؟، يلفت مالك إلى أن التركيبة اللبنانية ليست واحدة وموحدة لجهة القضايا المطروحة، فلبنان عرف بالتعددية السياسية وسيبقى، إنما أزمة لبنان التي مر بها دفعت إلى تجنيب علاقات لبنان أي أزمة مع الدول المجاورة من خلال اعتماد لبنان النأي بالنفس، لذلك من مصلحة جميع اللبنانيين التضامن حيال هذه النقطة، لكن من الناحية العملية هناك أزمة ثقة مستعصية بين مختلف الأطراف اللبنانية، والحل المثالي الذي يجعل من لبنان "جمهورية فاضلة" غير موجود حاليًا، إنما يبقى الشكر للعالم اللغوي "سيبويه" في اللغة العربية الذي يساعد دائمًا على إخراج لبنان من أزماته، بفضل الإهتداء على تركيبات لغوية من شأنها أن تلبّي بعض الإحتياجات التي تطالب بها الكتل السياسية في لبنان، ومن بين هذه التركيبات موضوع النأي بالنفس.