حفل تأبين ضحايا الطائرة الأوكرانية
BBC

في أعقاب تحطم طائرة أوكرانية في إيران، أعرب كنديون عن حزنهم لخسائر الأرواح التي وقعت في الحادث، فضلا عن حزن بشأن ضياع مستقبل كان يأمل كثيرون من الضحايا في بناءه.

ولقي جميع من كانوا على متن الطائرة، وعددهم 176 شخصا في الرحلة الجوية الأوكرانية PS752، مصرعهم في وقت مبكر من صباح يوم الأربعاء عندما تحطمت الطائرة بعد وقت قصير من إقلاعها في إيران.

وكانت الرحلة متجهة إلى كييف، لكن غالبية الركاب، 138 شخصا وفقا لرئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو، كانت تربطهم صلات بكندا، 63 شخصا منهم مواطنون كنديون، وكثيرون منهم كانوا يصفون كندا بموطن لهم، على الأقل مؤقتا.

كان الضحايا يعيشون في مدن مثل مونتريال وتورونتو وفانكوفر وإدمونتون، وكان من بينهم الكثير من الطلاب أو أساتذة الجامعات ممن يعكفون على إجراء أبحاث مهمة في مجالاتهم.

وقال يونس زانغيابادي، من منظمة الكونغرس الكندي الإيراني، إن العقوبات الأمريكية جعلت السفر بين إيران وكندا صعبا على نحو متزايد، لذا تحظى رحلة الخطوط الجوية الأوكرانية الدولية من طهران إلى كييف ومنها إلى تورنتو بشعبية، لكونها تعد من أكثر الخيارات تفضيلا من حيث أسعارها المناسبة.

لافتة ارشادات إلكترونية لبيانات الحرلات الجوية
Getty Images
كان نحو 63 كنديا في طهران على متن الطائرة المتجهة إلى كييف ثم إلى تورونتو

وألقت حصيلة الوفيات في الحادث بظلالها على مجتمع الجامعات في جميع أنحاء البلاد.

وقالت طالبة تدعى إلناز مرشدي لبي بي سي، خلال مراسم تأبين أقيمت للضحايا في جامعة تورونتو: "كانوا (الضحايا) أفضل منا".

أقيمت مراسم التأبين باللغة الفارسية، في غرفة صغيرة في مجمع سكن الطلاب في الحرم الجامعي.

وتجمع ما يزيد على مئة شخص للتعبير عن احترامهم، والمشاركة بتلاوة آيات قرآنية وقصص عن أحبائهم الذين ماتوا.

وكان العديد من المشاركين في مراسم التأبين لا يزالون في حالة صدمة من الأخبار، التي لم تمر عليها 24 ساعة.

وقال طالب يدعى سيد حسين مرتضوي، غير مصدق ما حدث: "إنه القدر، بالنظر إلى احتمالات حدوث شيء كهذا".

وأضاف: "بالتأكيد لم يتوقعوا (الضحايا) هذا الشيء، ولا نحن. لكنني أعتقد أنه عبء على الجالية بأكملها أن تحمله".

وتعد كندا موطنا لجالية إيرانية كبيرة مهاجرة، وتشير أرقام التعداد الفيدرالي إلى انحدار 210 ألف شخص من أصول إيرانية، بيد أن مرتضوي يقول إن أبناء الجالية في الجامعات يشعرون بأن هذا العدد صغير.

رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو
Reuters
وصف رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو الحادث بأنه "مأساة مفجعة"

وأضاف: "كل شخص في مجتمعنا يعرف شخصا كان على متن هذه الطائرة، من خلال أصدقاء، أو من خلال العائلة".

وقالت مرشدي إنها تأمل في أن تطلق جمعية خيرية لإحياء ذكرى صديقتها، زينب أسدي لاري، التي لقيت مصرعها مع شقيقها محمد أسدي لاري.

وأضافت متنهدة: "كانت مفعمة بالأحلام، لكنهما ماتا الآن".

وقالت: "كانت دائمة الدراسة، وكانت تريد أن تعيش، وكانت تريد أن تستمتع، وكانت تريد أن تعيش قصة حب، والآن لم يعد لديها وقت لأي شيء على الإطلاق".

وتعهد رئيس الوزراء الكندي، جاستين ترودو، بتحديد أسباب تحطم الطائرة.

وقال لوسائل الإعلام في أوتاوا مساء الأربعاء: "الكنديون لديهم أسئلة، وهم يستحقون إجابات عنها".

وأضاف ترودو إن كندا ستعمل عن كثب مع شركائها لضمان إجراء تحقيق شامل في الحادث، وسيطلب حضور مسؤولين كنديين في طهران لمساعدة الأسر التي تطلب مساعدة من القنصلية، وأيضا للمشاركة في أي تحقيق لمعرفة أسباب الحادث.

وقال للذين فقدوا أفراد أسرة وأحباء: "خسارتكم لا تصفها كلمات".

وأضاف: "إنها مأساة مفجعة، وعلى الرغم من عدم وجود كلمات تزيل آلامكم، فنحن نريدكم أن تعرفوا أن دولة بأكملها تقف معكم، ونحن نشاطركم حزنكم".

كانت حقا مأساة وطنية، تركت عائلات وأحباء في حزن في شتى أرجاء البلاد.

وتحمل كل قصة مأساة في حد ذاتها.

في مدينة فانكوفر، كان أردالان بن الدين حميدي، ونيلوفر رزاغي، وابنهما المراهق كاميار على متن الطائرة، بحسب تأكيد صديق العائلة كيلي إسماعيل بور، من الرابطة المدنية للكنديين الإيرانيين.

وقال إسماعيل بور إن العائلة كانت تزور إيران لقضاء عطلة قصيرة، وأن صديقه أردالان عبر له عن قلقه قبل مغادرته بشأن الوضع الأمني هناك، لكنه قرر في النهاية الذهاب في رحلته.

وأضاف أن الأشخاص الذين يعرفون العائلة، يسألون كيف حدث شيء من هذا القبيل.

وتوفي في الحادث أربعة أشخاص حديثي الزواج أثناء عودتهم إلى كندا بعد زفافهم في إيران

وكان المهندس سيافاش غفوري عازر عائدا مع زوجته سارة ماماني عندما تحطمت الطائرة.

سيافاش غفوري عازر عائدا مع زوجته الجديدة سارة ماماني
Submitted by Ali Dolatabadi
سيافاش غفوري عازر عائدا مع زوجته الجديدة سارة ماماني

وقال علي دولتابادي، أستاذ الهندسة بجامعة كونكورديا والمشرف السابق على أطروحته البحثية، إن الزوجين اشتريا منزلا بالقرب من مدينة مونتريال الكندية، وكانا يتطلعان إلى تنظيم حفل ودي.

وأضاف دولتابادي لبي بي سي: "إنها خسارة كبيرة، لقد كان ذكيا جدا، ونبيلا، كان يتمتع بروح لطيفة وهادئة".

وقال دولتابادي إن الزوجين التقيا قبل بضع سنوات في كونكورديا، وكانا يعمل كلاهما في كبرى شركات الهندسة في مونتريال، وقررا الزواج في إيران لأنهما كانا يرغبان في الاحتفال مع العائلة.

وكان المتزوجان حديثا أراش بورزارابي، 26 عاما، وبونه غورغي، 25 عاما، من طلاب الدراسات العليا في علوم الكمبيوتر بجامعة ألبرتا وكانا عائدين أيضا إلى كندا بعد زفافهما.

كما أودى الحادث بحياة فتاتين صغيرتين، داريا ودورينا موسوي، 14 و9 أعوام على التوالي، مع والديهما، بيدرام موسوي وموجان دانيشماند، خريجا جامعة ألبرتا.

بيدرام موسوي وموجان دانيشماند
Reuters
بيدرام موسوي وموجان دانيشماند مع ابنتيهما

وقال بايمان بارسايمان، وهو كندي إيراني من إدمونتون، إن الجالية أصيبت بصدمة فور علمها بأن العديد من المهاجرين الإيرانيين في المدينة، وكذلك الطلاب الإيرانيين الأجانب الذين كانوا يدرسون هناك، كانوا على متن الرحلة PS752.

وقال لبي بي سي: "كانت صدمة صاحبها عدم تصديق"

وأضاف أن العديد من الكنديين الإيرانيين كانوا يجلسون بالفعل أمام أجهزة التلفزيون الخاصة بهم أو الإنترنت يتابعون أخبارا عن الضربات الصاروخية الباليستية التي شنتها إيران على القواعد الجوية التي تضم قوات أمريكية في العراق في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، وانتهى بهم الأمر بمشاهدة تقارير أولوية عن تحطم الطائرة وقت وقوع الحادث.

وسارع الناس بالاتصال بذويهم عبر تطبيق "تليغرام" للرسائل، والبحث عن المعلومات وإيجاد طرق لدعم أسر وأحباء الضحايا.

شاب يبكي حزنا على الضحايا
AFP
كنديون في شتى أرجاء البلاد يعربون عن حزنهم لفقد أفراد في الأسرة أو أحباء

ولا تتمتع كندا بتمثيل دبلوماسي في إيران منذ عام 2012، عندما أغلقت سفارتها في طهران وطردت الدبلوماسيين الإيرانيين من أوتاوا.

وقال مسؤولون إن عددا من الحلفاء، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا وأستراليا، عرضوا تقديم المساعدة لكندا في إيران.