طهران: أكّد رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية الجمعة أن أي صاروخ لم يصب الطائرة الأوكرانية التي أسفر تحطمها عن مقتل جميع ركابها الـ176، نافيا التكهنات بأن الحادث نجم ربما عن خطأ كارثي من دفاعات طهران الجوية.

وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحافي في طهران أعقب التصريحات البريطانية والكندية التي تحدثت عن مؤشرات تدل على ضربة صاروخية بالخطأ.

وقال رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية علي عابد زاده "هناك أمر واحد مؤكد هو أن هذه الطائرة لم تصب بصاروخ".

وتحطّمت الطائرة من طراز بوينغ 737 الأربعاء بعد وقت قصير من إطلاق طهران صواريخ على قاعدتين في العراق يتمركز فيهما جنود أميركيون رداً على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بضربة نفّذتها طائرة أميركية مسيّرة ببغداد.

واعتبر الحادث أسوأ كارثة طيران مدني تشهدها إيران منذ العام 1988 عندما أعلن الجيش الأميركي إسقاط طائرة تابعة لخطوط الطيران الإيرانية "إيران إير" بالخطأ، ما أسفر عن مقتل 290 شخصًا هم جميع من كانوا على متنها.

وأفاد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الخميس أن عدة مصادر استخباراتية أشارت إلى أن صاروخا إيرانيا أسقط طائرة الخطوط الأوكرانية الدولية الرحلة "بي إس752" بعد إقلاعها من طهران.

لكن عابد زاده رفض هذه الرواية مشدداً على أن "أي تصريحات تصدر قبل استخراج البيانات (من صندوقي الطائرة الأسودين) لا تعد آراء خبراء".

جاءت هذه التطورات بينماأظهر تسجيل مصوّر على ما يبدو أنها لحظة إصابة الطائرة.

ويظهر التسجيل الذي أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أنها تحققت منه، جسمًا يتحرّك بشكل سريع ويرتفع في السماء قبل أن يظهر وميض ساطع ثم يخفت ويواصل تحرّكه إلى الأمام. وبعد عدة ثوان، سمع دوي انفجار.

وصرح ترودو نقلاً عن معلومات وردت من حلفاء بلاده وأجهزة الاستخبارات الكندية نفسها أن الطائرة أصيبت على ما يبدو بصاروخ أرض-جو إيراني.

وقال للصحافيين "نعرف أن الأمر لربما لم يكن متعمداً. لدى الكنديين أسئلة ومن حقهم الحصول على إجابات".

ودعم أقواله عدد من القادة الغربيين، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي أكد وجود أدلة متزايدة تدعم فرضية الضربة الصاروخية "التي لربما كانت غير متعمّدة".

بدوره، أفاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن المسؤولين في واشنطن يعتقدون بأن طائرة بيونغ 737 التي كانت متوجّهة إلى كييف أصيبت بصاروخ إيراني أو أكثر قبل أن تهوي وتنفجر قرب طهران.

"غير منطقي"

أفاد المجلس الوطني الأميركي لسلامة النقل في وقت متأخر الخميس أن إيران أبلغته رسميًا بالحادثة وسيرسل ممثلاً للمشاركة في التحقيق.

ودعت وزارة الخارجية الإيرانية في وقت سابق شركة بيونغ الأميركية لتصنيع الطائرات "للمشاركة" في التحقيق.

وسقطت الطائرة بعد دقائق فقط من إقلاعها، بينما لم تصل أي رسالة من الطيّار تشير إلى أنه يواجه حالة طارئة، بحسب منظمة الطيران المدني الإيرانية.

وكانت تقل 82 إيرانيًا و63 كنديًا و11 أوكرانيًا وعشرة سويديين وأربعة أفغان وثلاثة ألمان والعدد نفسه من البريطانيين.

وفي ظل ارتفاع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وقعت الحادثة بعد ساعات فقط على إطلاق طهران صواريخ بالستية باتّجاه قاعدتين في العراق يستخدمهما الجيش الأميركي.

وكان الهجوم رداً على قتل الولايات المتحدة قاسم سليماني في الثالث من كانون الثاني/يناير.

وأفادت الحكومة الإيرانية أن سيناريو تحطّم الطائرة بفعل ضربة صاروخية "غير منطقي"، مشيرة إلى مرور عدّة رحلات داخلية ودولية في المجال الجوي ذاته تقريبًا وقت وقوع الحادث.

وطلبت طهران لاحقًا من أوتاوا مشاركة المعلومات التي لديها مع المحققين الإيرانيين.

عودة طائرات كانت متوجهة إلى طهران

بدوره، أكّد ترودو أن بلاده تعمل مع حلفائها لضمان إجراء تحقيق ذو مصداقية. وقال "عائلات الضحايا تريد إجابات والكنديون يريدون إجابات، وأنا أريد إجابات. لن تهدأ هذه الحكومة حتى نحصل على ذلك".

وأفاد مجلس سلامة النقل الكندي الخميس أنه قبل دعوة من منظمة الطيران المدني الإيرانية للانضمام إلى التحقيق. وأعلنت السلطات الإيرانية الجمعة أن فريقًا كنديًا من عشرة أشخاص توّجه إلى إيران.

أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فصرّح الجمعة أن باريس مستعدة لتقديم خبرتها التقنية في التحقيق إذا تقدمت إيران بطلب لذلك، رافضًا التكهّن بأسباب تحطّم الطائرة.

وقال لودريان لإذاعة "ار تي ال" إن "فرنسا مستعدة للمساهمة بالخبرة اللازمة"، موضحا انها لم تتلق "حاليا" طلبا في هذا الشأن.

ولا تملك سوى دول قليلة بينها الولايات المتحدة، وكذلك ألمانيا وفرنسا، إمكانيات تقنية لتحليل الصندوقين الأسودين.

وفي بريطانيا، دعا جونسون الخميس لتحقيق كامل وشفاف.

من جهته، لم يفصح ترامب بشكل مباشر عما تتداولة أجهزة الاستخبارات الأميركية خلف الكواليس. وقال "لدي شكوكي"، مضيفًا "قد يكون أحد ما ارتكب خطأ".

لكن مسؤولين لم تُكشف هوياتهم قالوا لوسائل إعلام أميركية أن المعلومات التي رصدتها الأقمار الصناعية والرادارات تشير إلى أن منظمة الدفاع الجوي الإيرانية أسقطت الطائرة.

ودعت أوكرانيا الأمم المتحدة إلى دعم تحقيق واسع في الحادثة وأرسلت 45 خبيرا إلى طهران للمشاركة في التحقيق الذي تقوده السلطات الإيرانية.

وينظر المحققون في عدة فرضيات بينها عطل في المحرّك أو ضربة صاروخية أو عمل "إرهابي".

وفي السياق ذاته، أعلنت ناطقة باسم شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا أن واحدة من طائراتها كانت متوجهة من فرانكفورت إلى طهران عادت أدراجها بعد ساعة من إقلاعها الخميس في إجراء "وقائي" لأسباب "امنية" في "المجال الجوي لمطار" طهران.

وأعلنت خطوط الطيران النمسوية كذلك إلغاء رحلتها المتوجهة إلى طهران الجمعة نظراً "للتقارير الأخيرة وتغيير التقييم بشأن الوضع الأمني في المجال الجوي حول مطار طهران".