سالم شرقي: ماذا حدث خلال الساعات التي سبقت مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس ؟ سؤال لم يكن من المحتمل العثور على إجابة له في عمليات الإغتيال المشابهة في فترات سابقة، إلا أن الأمر يبدو مختلفا في الوقت الراهن، سواء لأسباب تتعلق بقوة الإعلام أو ربما لأن تسريب مثل هذه المعلومات المهمة قد يخفي أسبابا سياسية.

كشفت وكالة "رويترز" للأنباء في تقرير حصري لها عن تفاصيل الساعات التي سبقت نجاح الضربة الأميركية ضدّ موكب قاسم سليماني قرب مطار بغداد يوم الجمعة الماضي.

سيارة مظللة وطيران مدني

أشار تقرير "رويترز" إلى أن سليماني وصل إلى مطار دمشق في سيارة ب"زجاج معتم"، وكان برفقته 4 ضباط من الحرس الثوري الإيراني.

وإمعاناً في السرية التي تحيط بتحركات سليماني، فقد وقفت السيارة بالقرب من المدرج القريب من الطائرة، وهو طيران "أجنحة الشام" التجاري الخاص الذي يتخذ من دمشق مقراً له، أما عن الطائرة التي كانت متجهة إلى بغداد فهي إيرباص A320، وكان من اللافت أن سليماني ومن بصحبته وهم 4 ضباط لم يتم تسجيلهم رسمياً على متن الرحلة المتجهة إلى بغداد، وذلك لضمان منع أي تعب أو مراقبة، خاصة أن سليماني كان مستهدفاً، وهو يعلم بذلك.

أمنيون وموظفون أرشدوا عنه

من أرشد القوات الأميركية عن مسار تحركات سليماني على الرغم من كل السرية التي أحاط بها نفسه ؟

الإجابة وفقاً للتقرير الذي نشرته كالة رويترز، ونقلته عنها الصحف والوكالات العالمية، يؤكد أن هناك شبكة عراقية سورية لم يتم التعرف سوى على 4 أشخاص فقط منها، موظفان في قطاع الأمن بمطار بغداد، وموظفان في طيران أجنحة الشام، حيث يعمل أحدهما موظفاً أرضياً في مطار دمشق، والآخر يعمل على متن طائرات الشركة السورية التجارية الخاصة.

تفاصيل تفجير الفجر

بنفس الطريقة التي غلفتها السرية والحذر خلال مغادرته دمشق متوجهاً لبغداد، فقد كان سليماني أشد حرصاً عقب وصول الرحلة التي أقلته إلى بغداد، فقد وصل في تمام الساعة 00:30 فجر الجمعة 3 يناير، وبالطبع لم يمر على الجوازات والجمارك وغيرها من الإجراءات، وكان في استقباله خارج الطائرة أبو مهدي المهندس، واستقلا مدرعة، بينما استقبل المرافقون لسليماني سيارة رباعية الدفع، وفي الطريق الرئيسي خارج مطار بغداد حدثت الضربة الأميركية التي قتلت سليماني والمهندس في تمام الساعة 00:55 فجراً، ثم تمت تصفية السيارة التي كان يستقلها الحرس.

الإستخبارات السورية تحقق

وفقاً للتقرير فإن الإستخبارات السورية تقوم بالتحقيق مع موظفين في شركة طيران أجنحة الشام، وهو ما يحدث في بغداد من جانب السلطات العراقية التي تحقق مع أمنيين في مطار بغداد لمعرفة أبعاد ما حدث، ومشاركتهم في الإبلاغ عن تحركات سليماني.

وأشارت "رويترز" إلى أنها لم تحصل على تعليقات من جهات عدة على علاقة بعملية تصفية سليماني، كما أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعلق على استعانتها بعناصر أمنية في بغداد أو موظفين في طيران أجنحة الشام للحصول منهم على معلومات مهدت للعملية التي لازالت تحظى باهتمام عالمي لافت، فقد أكدت تقارير أن الحدث سيكون له تأثيره في تغيير معادلات سياسية في الشرق الأوسط.

وبصفته قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، أدار سليماني عمليات سرية في دول أجنبية وكان شخصية رئيسية في الحملة الإيرانية طويلة الأمد الرامية لإخراج القوات الأمريكية من العراق.

وقضى سنوات يدير عمليات سرية ويزرع قادة فصائل في العراق لمد النفوذ الإيراني ومحاربة مصالح الولايات المتحدة. وذكرت رويترز يوم السبت أن سليماني شن سرا هجمات متصاعدة على القوات الأمريكية المتمركزة في العراق بداية من أكتوبر تشرين الأول كما زود فصائل عراقية بأسلحة متطورة لشن الهجمات.

وأثار الهجوم على الجنرال غضبا واسع النطاق وتعهدات بالانتقام في إيران التي ردت يوم الأربعاء الماضي بهجوم صاروخي على قاعدتين عسكريتين عراقيتين تستضيفان قوات أمريكية. ولم يقتل أو يصب أي أمريكيين أو عراقيين في الضربة.