بيروت: انهمك عمال التنظيف والصيانة صباح الأربعاء في إزالة زجاج واجهات المصارف التي هاجمها متظاهرون غاضبون ليلًا في منطقة الحمرا في وسط بيروت وأقدموا على تكسيرها، على خلفية قيود مشددة تفرضها على المودعين الذين يريدون سحب أموالهم.

بعد توقف لأسابيع، عاد المتظاهرون إلى شوارع بيروت وعدد من المناطق الثلاثاء احتجاجًا على تعثّر تشكيل حكومة جديدة وازدياد حدّة الأزمة الاقتصادية والمالية، في حلقة جديدة من سلسلة احتجاجات غير مسبوقة يشهدها لبنان منذ 17 أكتوبر.

ومنذ ساعات الصباح الباكر، شاهد مراسلو فرانس برس في شارع الحمرا عمال نظافة يزيلون زجاج واجهات المصارف المتناثر أرضاً، بينما انصرف آخرون إلى كسر ما تبقى من الواجهات المتصدعة الصلبة عبر استخدام مطرقة وأدوات أخرى. وسارعت بعض المصارف إلى تركيب واجهات جديدة.

تحوّل شارع الحمرا، الذي يضم المقر الرئيس لمصرف لبنان المركزي وعشرات المصارف ومؤسسات تجارية، مسرحًا لمواجهات عنيفة ليلًا تخللها رشق بالحجارة بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم، واعتقلت عددًا منهم بعد ملاحقتهم في الأزقة.

أوقعت الصدامات جرحى في صفوف المتظاهرين وقوى الأمن، تم نقل عدد منهم إلى المستشفيات، وفق ما أعلن الدفاع المدني في بيان، من دون تحديد العدد.

وكسر المتظاهرون واجهات المصارف عبر أعمدة إشارات السير التي اقتلعوها من مكانها وقساطل حديدية ومطافئ الحريق. كما حطموا أجهزة الصراف الآلي وكتبوا على الجدران شعارات مناوئة للمصارف.

حضر موظفو غالبية المصارف إلى دوامهم بشكل طبيعي، متفقدين الأضرار التي لحقت بمكان عملهم، قبل أن يستأنفوا استقبال المودعين.

وبدت الحركة طبيعية في شوارع بيروت ومحيطها، فيما قطع متظاهرون طرقًا رئيسة في شرق البلاد وجنوبها وشمالها. وأقفلت العديد من المدارس أبوابها.

ينقم المتظاهرون على المصارف التي فرضت في الأشهر الثلاثة الأخيرة قيودًا مشددة على عمليات السحب، خصوصًا الدولار. وتشهد فروعها بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفي المصارف العاجزين عن تلبية رغباتهم.

وتقترب الليرة اللبنانية من خسارة نحو نصف قيمتها عمليًا. ففيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتًا على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية.

ومنذ 17 أكتوبر، خرج عشرات الآلاف من اللبنانيين الى الشوارع والساحات وقطعوا الطرق احتجاجًا على أداء الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد، ويحمّلونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية.

تسببت هذه الاحتجاجات باستقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ومن ثم تكليف حسان دياب تشكيل حكومة إنقاذية. وتحت شعار "أسبوع الغضب"، قطع المتظاهرون الثلاثاء طرقًا رئيسة في بيروت ومحيطها وفي عدد من المناطق بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات.

وتعدّ الأزمة الاقتصادية الراهنة، الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية، عدا عن تداعيات الانقسام السياسي الذي فاقمه النزاع في سوريا. وارتفع الدين العام إلى نحو تسعين مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.