إيلاف من القاهرة: تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مسار المفاوضات بين مصر وإثيوبيا حول أزمة سد النهضة، وعقد اجتماعًا مع وزراء الخارجية والري في مصر وإثيوبيا والسودان فجر اليوم الأربعاء.

وبعد جمود استمر لسنوات في مسار المفاوضات حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، حدثت انفراجة بين البلدين، بعد تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشكل مباشر في مسار المفاوضات، واستضافته للوفود المفاوضة من مصر والسودان وإثيوبيا في مكتبه بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، أن وزراء الخارجية والموارد المائية والري في مصر والسودان وأثيوبيا اتفقوا خلال اجتماعهم بواشنطن على مواصلة المفاوضات، اليوم الأربعاء الموافق 15 يناير، ولليوم الثالث على التوالي لمواصلة التباحث حول كافة جوانب قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وذكرت وزارة الخارجية في بيان، فجر اليوم الأربعاء، أن وزيري الخارجية والموارد المائية والري شاركا في الاجتماع الذي عقده الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع وزراء الدول الثلاث، حيث أعرب وزير الخارجية سامح شكري عن تقدير مصر لاهتمام الرئيس الأميركي بهذا الملف الحيوي وللجهد البناء الذي يضطلع به وزير الخزانة الأميركي وفريقه المعاون.

وأوضحت الوزارة أنه تم في واشنطن، أمس الثلاثاء 14 يناير، استئناف الاجتماعات الجارية حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بمشاركة وزراء الخارجية والموارد المائية والري في مصر والسودان وأثيوبيا.

وعقدت الوفود المشاركة في المفاوضات بالدول الثلاث، لقاءات برئاسة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن، بالإضافة إلى عدة اجتماعات على المستوى الفني لمناقشة تفصيلات قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، بما في ذلك الإجراءات التي يتوجب على أثيوبيا اتخاذها خلال مرحلتي الملء والتشغيل للحد من آثار الجفاف والجفاف الممتد.

ونشر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد حافظ، صورا من مشاركة وزيريّ الخارجية والموارد المائية والري في الاجتماع الذي عقده الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع وزراء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في إطار اجتماعات واشنطن حول سد النهضة.

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ"إيلاف" السر وراء تدخل الرئيس الأميركي في المفاوضات بشكل مباشر، مشيرة إلى أن الرئيس دونالد ترمب، يستشعر الخطر بسبب تعثر المفاوضات وجمودها بين مصر وإثيوبيا لنحو أربع سنوات، ويخشى من إندلاع مواجهة مباشرة بين البلدين على المياه، قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي.

وأضافت المصادر إن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية نصحوا ترمب بضرورة أن يظهر اهتمامه الشخصي بمسار المفاوضات، وأن تحقق تقدمًا ملحوظًا، حتى يتم للأطراف المفاوضة تقديم تنازلات، والوصول إلى حلول ترضي الطرفين وتحافظ على حقوقهما في الحصول على المياه.

وكانت مصر قد اتهمت إثيوبيا بالتعنت في المفاوضات قبيل عقد الاجتماع الحالي في واشنطن، وقالت وزارة الخارجية المصرية، إن الاجتماع الوزاري حول سد النهضة الذي عُقد يومي 8-9 يناير 2020 في أديس أبابا قد تضمن العديد من المغالطات المرفوضة جملة وتفصيلًا، وانطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق، وقدم صورة منافية تمامًا لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية، ولواقع ما دار في هذا الاجتماع وفى الاجتماعات الوزارية الثلاثة، التي سبقته، والتي عقدت على مدار الشهرين الماضيين لمناقشة قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وأعلنت وزارة الخارجية أن هذه الاجتماعات الوزارية الأربعة لم تفضِ إلى تحقيق تقدم ملموس، بسبب تعنت أثيوبيا وتبنيها لمواقف مغالى فيها، تكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب وبالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة، بما يخالف التزامات إثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس 2015، وكذلك اتفاقية 1902 التي أبرمتها أثيوبيا بإرادتها الحرة كدولة مستقلة، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية، إلا أن أثيوبيا تسعى للتحكم في النيل الأزرق، كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة.

وأعربت مصر عن دهشتها من أنه كلما طالبت بضرورة الاتفاق على خطوات فعالة للتعامل مع سنوات الجفاف التي قد تحدث أثناء الملء، تقوم أثيوبيا بالتلويح باستعدادها لملء سد النهضة بشكل أحادي، وهو ما رفضته مصر على مدار المفاوضات باعتباره يمثل مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 ولالتزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولي.

كما استنكرت مصر ما ورد في بيان الخارجية الأثيوبية من مزاعم بأن "مصر تسعى للاستئثار بمياه النيل"، موضحة أن مثل هذه التصريحات والشعارات الجوفاء، والتي ربما تصدر للاستهلاك المحلي، لا تساعد على خلق البيئة المواتية لتحقيق تقدم في المفاوضات.

بينما ردت إثيوبيا مطالبة بضرورة وجود طرف دولي آخر وسيط، واقترحت أن تتدخل دولة جنوب أفريقيا في المفاوضات.