بيروت: أفرجت قوات الأمن الخميس بناء على إشارة قضائية عن عشرات المتظاهرين اللبنانيين الذين أوقفتهم في الليلتين الأخيرتين، أثناء مشاركتهم في تحرّكات غاضبة في بيروت استهدف بعضها المصارف، وفق ما أكد محامون مواكبون لملفاتهم.

وأعلنت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين عبر حسابها على فيسبوك مساء الخميس "تم الافراج عن جميع الموقوفين خلال التظاهرات في الحمرا والمزرعة يومي الثلاثاء والأربعاء، باستثناء سبعة أجانب سيتم إحالتهم إلى الأمن العام".

وأوضح أحد أعضاء اللجنة لوكالة فرانس برس إن الأجانب هم ستة سوريين ومصري، أوراق إقامتهم منتهية.

وحتى صباح الخميس، كانت القوى الأمنية لا تزال تحتجز نحو مئة موقوف، هم 56 ضمنهم خمسة قاصرين تم توقيفهم ليل الأربعاء، بالإضافة إلى 45 آخرين تم توقيفهم الثلاثاء.

وشهدت بيروت ليل الثلاثاء مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية تسببت بسقوط جرحى من الطرفين، تخللها إقدام محتجين في شارع الحمرا على تكسير واجهات عدد من المصارف وتخريب أجهزة الصراف الآلي، للتعبير عن غضبهم من القيود المصرفية المشددة. وإثر ذلك، أعلنت قوات الأمن توقيفها "59 مشتبهاً به في أعمال شغب واعتداءات".

وتجدّدت ليل الأربعاء المواجهات، إثر تظاهر المحتجين أمام مقر قيادة شرطة بيروت، مطالبين بإطلاق سراح المحتجزين من الليلة السابقة. واستخدمت قوات الأمن القوة لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة، واعتقلت عدداً منهم، وفق ما أكد ناشطون ومحامون لفرانس برس من دون أن يصدر أي بيان رسمي عن عددهم.

وكتب المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، منظمة غير حكومية، المحامي نزار صاغية في تغريدة الخميس "تبعاً للضغط الشعبي، تم الإفراج عن جميع الموقوفين بعد يومين من القمع الهستيري (...) مبروك للثورة التي نجحت في تحرير أبنائها".

وأحصى الصليب الأحمر اللبناني إصابة 47 شخصاً بجروح، تمّ نقل 37 منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج. ولم يسلم عدد من المصورين والصحافيين من التعرض للضرب، بعضهم أثناء قيامهم ببث مباشر على القنوات المحلية.

وقالت لين معلوف، مديرة أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، "ما شهدناه في اليومين الماضيين هو اعتداء صارخ على حرية التجمع والتعبير"، مشيرة إلى أن القوى الأمنية "ضربت المتظاهرين بعنف، وجرتهم من الشارع باتجاه مركز الشرطة واعتدت عليهم لفظياً وجسدياً".

واعتبرت أن "تصرفات أقلية من المتظاهرين الذين خربوا مصارف ورموا حجارة لا تعد أبداً مبرراً لاستخدام القوة المفرطة بهذا الشكل".

ومنذ 17 أكتوبر، خرج مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات وقطعوا الطرق احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية.

وتسبّبت الاحتجاجات باستقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ومن ثم تكليف حسان دياب تشكيل حكومة إنقاذية، تعهّد أن تكون مصغرة ومن التكنوقراط.

ويضع دياب اللمسات الأخيرة على صيغة حكومية يعتزم تقديمها قريباً الى رئيس الجمهورية ميشال عون.

وقال وزير المالية علي حسن خليل، بعد لقاء دياب الخميس رئيس مجلس النواب نبيه بري، "التقدم كبير واصبحنا على عتبة تأليف حكومة جديدة من ١٨ وزيراً" جميعهم من الاختصاصيين.

ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن تضع خطة إنقاذ للاقتصاد المتداعي. وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم جراء أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد في تاريخها الحديث.

وتشهد المصارف بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفي المصارف العاجزين عن تلبية رغباتهم. كما لم يعد ممكناً تحويل مبالغ مالية إلى الخارج إلا في حالات محددة.

وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية، التي ظهرت في الصيف للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين.