كييف: قدّم رئيس الوزراء الأوكراني أوليكسي غونشاروك الجمعة استقالته بعدما تسرّب تسجيل صوتي نُسب إليه شكك فيه بمدى فهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي للاقتصاد، في أول اختبار سياسي كبير يواجهه الرئيس حديث العهد بالسياسة.

لم يتضح بعد إن كان زيلينسكي سيوافق على استقالة غونشاروك، التي جاءت بعدما انتشر تسجيل له وهو يقول بحسب تقارير إن فهم الرئيس للاقتصاد "بدائي".

وصل زيلينسكي، الممثل الكوميدي الذي لم تكن لديه أي خبرة سابقة في السياسة، إلى السلطة بعدما حقق فوزاً كاسحًا في انتخابات العام الماضي بينما فاز حزبه "خادم الشعب" بغالبية كبيرة في البرلمان.

ووجد نفسه محوراً لإجراءات في واشنطن تهدف لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب بينما انخرط في محادثات صعبة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنه نجح حتى الآن بتجنّب حدوث مشاكل سياسية داخلية كبيرة.

تسرّب التسجيل الصوتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأربعاء وذكرت تقارير أنه يعود الى اجتماع غير رسمي عقد في ديسمبر بين وزراء وكبار مسؤولي المصرف الوطني.

بحسب تقارير إعلامية محلية، ناقش المشاركون بالاجتماع الكيفية التي يمكن من خلالها شرح التطورات الاقتصادية الأخيرة لزيلينسكي.

وذكرت التقارير أن غونشاروك قال بحسب التسجيل إن "لدى زيلينسكي فهمًا بدائيًا جداً للعمليات الاقتصادية أو فهمًا مبسّطًا"، مضيفًا أنه هو نفسه "جاهل" بالاقتصاد.

وبعدما نفى في البداية التقارير التي رجّحت استقالته، أعلن غونشاروك عبر صفحته الرسمية في فايسبوك أنه قدّم استقالته. وكتب غونشاروك (35 عامًا) "في مسعى الى إزالة أي شكوك بشأن احترامنا للرئيس وثقتنا به، كتبت رسالة استقالة وسلّمتها للرئيس".

لم ينفِ صحة التسجيل، لكنه شدد على أن "مضمونه خلق بشكل مصطنع فكرة أنني وفريقي لا نحترم الرئيس". وقال "هذا الأمر غير صحيح ... وصلت إلى هذا المنصب لتنفيذ برنامج الرئيس".

وأكّدت الرئاسة الأوكرانية أنها تلقّت رسالة الاستقالة وأشارت إلى أنها ستنظر في الطلب. ورفضت المتحدثة باسم زيلينسكي في اتصال أجرته معها فرانس برس التعليق على الأمر.

"اختبار مهم" لزيلينسكي
وأصبح غونشاروك رئيس الوزراء الأصغر سنًا في تاريخ أوكرانيا بعدما عيّنه زيلينسكي بالمنصب في أغسطس ضمن فريق من الوجوه الجديدة التي تعهّد بأنها ستحدث تحوّلاً في المشهد السياسي بالبلاد الذي يخيّم عليه الجمود.

وأوكل المحامي الشاب مهمة إنعاش الاقتصاد الذي تأثّر بشكل كبير بالفساد وبالنزاع المستمر منذ خمس سنوات في أوكرانيا مع الانفصاليين الذين تدعمهم موسكو في شرق البلاد.

شارك غونشاروك، المؤيّد لإدخال إصلاحات اقتصادية ليبرالية، في تأسيس شركة محاماة عندما كان في الرابعة والعشرين من عمره وأدار منظمة غير حكومية يمولها الاتحاد الأوروبي تهدف الى تحسين البيئة التجارية في أوكرانيا. وأعرب عدد من الوزراء عن دعمهم لغونشاروك بعدما قدّم استقالته.

قالت وزيرة السياسة الاجتماعية يوليا سوكولوفسكايا "نحن فريق موحّد. ندعم موقف رئيس الوزراء وننتظر قرار الرئيس". وسيعود القرار الأخير بشأن الاستقالة إلى البرلمان، حيث انتقد البعض غونشاروك لأنه بعث رسالته مباشرة إلى الرئيس.

أفاد خبير الاقتصاد والشأن الأوكراني المقيم في لندن تيموثي آش أن طلب الاستقالة يشكّل "اختباراً مهمًا" لزيلينسكي. وكتب أن "إقالة غونشاروك لأنه أدلى برأيه (...) في اجتماع مغلق، وتم تسريب أقواله، سيبعث برسالة سلبية للغاية لدعاة الإصلاح". أضاف "أعتقد أن زيلينسكي يرفض الاستقالة (...) لكنه اختبار مهم لوعوده الإصلاحية".

وصل زيلينسكي إلى السلطة عبر وعوده بإحداث تغييرات واسعة واتّخذ بالفعل خطوات عدّة مذاك باتّجاه حل النزاع مع الانفصاليين، شملت عمليات تبادل للسجناء وعقد اجتماع تاريخي مع بوتين في باريس في الشهر الماضي. لكن مراقبين اتّهموه بعدم التحرّك كما يجب لدفع الاقتصاد قدمًا أو محاربة الفساد المتفشي.