"الانتخابات النيابية المبكرة" مطلب رنّان يتردّد صداه بزخم في أروقة أوساط سياسية عدّة، تمامًا كما يصدح في ساحات الانتفاضة، ما يجعل من الشعار مادة دسمة ومحطّ اختلاف في الآراء بين الأحزاب والقوى الرئيسة.

إيلاف من بيروت: يؤكد الخبير القانوني منير كنعان أن ملف "الانتخابات النيابية المبكرة" عاد في لبنان إلى الواجهة في الآونة الأخيرة، مع مطالبة قواعد انتفاضة 17 أكتوبر اللبنانية بذلك في التظاهرات التي تعمّ البلاد.

ومع أن الطبقة السياسية، وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، رفضت إجراءها، إلا أنها قد تشكّل حلًا نموذجيًا لأسباب شتّى.

يضيف كنعان: "صحيح أنه لم يمرّ أكثر من عام ونصف عام على الانتخابات النيابية الأخيرة، التي أُجريت في 6 مايو 2018، إلا أنها لم تحمل تغييرًا جوهريًا على صعيد التمثيل الشعبي، خصوصًا مع اعتماد نظام النسبية المتعدد الدوائر، ما سمح لأحزاب السلطة بتشكيل تحالفات أمّنت وصولها جميعها بنسب متفاوتة، في مقابل عدم حدوث خرق شعبي جدّي".

الأولى من نوعها
ويلفت كنعان إلى أنه: "مع أن الانتخابات في عام 2018، كانت الأولى من نوعها منذ عام 2009، إلا أنها شهدت اقتراع 1.861.203 من أصل 3.746.483، مدرجين في لوائح الشطب، أي ما نسبته 49.68 في المائة من الناخبين اللبنانيين. ومن بين هؤلاء من اقترع بورقة بيضاء أو لمصلحة منظومات رافضة لأحزاب السلطة".

ويؤكد كنعان أنه "سبق أن طُرحت "الانتخابات المبكرة" مرارًا في لبنان، خصوصًا في مرحلة ما بعد عام 2005، ودعا إليها رئيس الجمهورية، ميشال عون، الذي اعتبر أن القوانين الانتخابية التي اعتُمدت عامي 2005 و2009 لم تُتح له استغلال شعبيته خارج مناطق جبل لبنان لكسب مقاعد نيابية إضافية.

وكرّر عون دائمًا هذا الطرح من دون أن يلاقي من يسانده.

لاحقًا، مُدّدت ولاية المجلس النيابي المُنتخب عام 2009 حتى عام 2018. ومع انتهاء عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، خفّ الحديث عن الانتخابات المبكرة حتى انتخاب رئيس جديد. وهو ما حصل في 31 أكتوبر 2016، مع انتخاب عون رئيسًا.

التدهور الإقتصادي
أما هل تكون الانتخابات المبكرة حلًا في ظل التدهور الإقتصادي الذي يعيشه لبنان؟. فيرى كنعان أنه وفي ظلّ التدهور الاقتصادي وتفشي الفساد والهدر والمحسوبيات في البنيان الدولي، إضافة إلى رفض الجهات المانحة تحويل أموال مؤتمر "سيدر"، الذي عقد في إبريل 2018، والمقدّرة بنحو 12 مليار دولار، إلى لبنان، ما لم تُطبّق الإصلاحات المطلوبة، فإن الحاجة إلى التغيير باتت أمرًا ضروريًا.

وأضحى معلومًا، يتابع كنعان، أن الحلّ، ولو كان عبر حكومة جديدة تلبّي مطالب المواطنين، إلا أن اختيار نواب جدد وفقًا لقانون انتخابي جديد وعادل، قد يسمح بتغيير موازين القوى البرلمانية.

مع العلم أن معظم أحزاب السلطة متمسك بالبرلمان الحالي بسبب خشيته من فقدان مكاسبه من جهة، وعجزه عن مجاراة مطالب المواطنين من جهة أخرى.

ويضيف كنعان: "في السياق، لم يقدّم أي طرف طرحًا عمليًا سوى حزب الكتائب، الذي كشف رئيسه، النائب سامي الجميّل عن اقتراح قانون تقدّم به الحزب لتقصير ولاية مجلس النواب لإجراء انتخابات نيابية مبكرة في السابق".

ويشير كنعان إلى أنه "لم يسبق أن أُجريت انتخابات مبكرة في تاريخ البلاد، فمع ولادة لبنان الكبير في 1 سبتمبر 1920، حمل مجلس النواب الأول اسم "اللجنة الإدارية"، ومع تعاقب المجالس حتى مرحلة ما بعد استقلال 1943، ظلّت الوتيرة الزمنية معتمدة دون تأثر بأي تحولات، سواء ثورة 1958 أو أزمة مصرف إنترا 1966 أو غيرهما.

في عام 1972، انتُخب البرلمان الـ13، والذي مُدّد له مرات عدة حتى عام 1992، بفعل الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990). وبعد الحرب، تمّ تعيين نواب لفترة قصيرة قبل إجراء انتخابات 1992، ثم 1996 و2000 و2005 و2009 و2018. وفي حسابات السلطة، يضيف كنعان، إذا تمّ القبول بانتخابات نيابية مبكرة، فستكون الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، وقد تغيّر مسار انتخابات رئاسة الجمهورية المقررة عام 2022. وهو ما يضع التشابكات السياسية في أوجها بين الأطراف التي لا تملك أصلًا مرشحًا رئاسيًا معينًا، وإن كانت أسماء وزير الخارجية السابق جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون قيد التداول.