أسامة مهدي: وسط اجراءات امنية مشددة في بغداد ومخاوف من احتكاك بين متظاهري المليشيات المطالبين باخراج القوات الأميركية ومحتجي الحراك الشعبي الداعين للتغيير، والذين خرجوا اليوم في تظاهرتين منفصلتين، فقد هددت نقابة المحامين بالاضراب العام ووقف الترافع في المحاكم، بينما حذرت السفارة الأميركية من اقتراب المتظاهرين من مبناها في المنطقة الخضراء.

وانطلقت في بغداد صباح الجمعة تظاهرة ينتظر أن تكون "مليونية"، كما دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ، للمطالبة بطرد القوات الأميركية من العراق، فيما يقف شارع المتظاهرين المطالبين في الجهة الأخرى على أهبة الاستعداد لأي طارئ.

ودعت لجان الاحتجاجات المواطنين إلى ساحات الاعتصام والتظاهر دعما لمطالبهم بالتغيير.

المنتفضون يدعون الى الالتحاق بهم ضد الاحتلالين الإيراني والأميركي

ووجهت "اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين" نداء إلى العراقيين في وقت متأخر من الليلة الماضية، حصلت "إيلاف" على نصه، قالت فيه "إلى شبابنا الواعي في كل ربوع الوطن وخاصة بغداد الحبيبة تدعوكم اللجنة المنظمة غدا الجمعة للزحف إلى ساحات التحرير وبقية ساحات الوطن للتمسك بسليمة الثورة والمطالبة بخروج المحتل الغازي من العراق والمتمثل بأميركا وإيران والرد على المظاهرات التي دعا اليها ذيول المحتل الإيراني، فالثوار لن يقفوا مع هذا او ذاك انما هم مع العراق وشعبه ولن يكونوا مطايا للمحتل كغيرهم ".

صدامات بين المحتجين والقوات الأمنية على طريق سريع محمد القاسم في بغداد

الصدر يدعو الى التظاهر ضد الغزاة والفاسدين

ومن جهته، دعا صالح محمد العراقي الناطق بإسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي دعا إلى "مليونية" اليوم لاخراج القوات الأميركية من العراق واستجابت لها مليشيات المسلحة، إلى الخروج بتظاهرات ضد الغزاة والفاسدين.

وقال العراقي في سلسلة تغريدات على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" "زلزلوا الارض تحت اقدام الغزاة بملايينكم واسمعوا الفاسدين والطغاة اصواتكم #العراق_لنا_لا_لغيرنا".

وأضاف "جحافل بالفاو اولها.. واخرها ببغداد متصلات.. وجحافل بدهوك اولها واخرها ببغداد متصلات.. فهل سيثبت العراق انه انه رافض لوجود الاغراب.. بتجمع حاشد لم يسبق له مثيل؟.. أم لا؟!".

وتساءل قائلا "هل ستتضامن شعوب العالم مع الشعب العراقي.. فتتظاهر سلميا امام السفارات الأميركية في بلدانها.. ام سيتركونه يصارع مصيره وحده؟".

وأشار إلى أنّه "يمنع مشاركة السياسيين بالتظاهرة المليونية، وقال "ممنوع حضور أي سياسي بالمظاهرة المليونية وممنوع رفع أية راية غير العلم العراق.. حتى سرايا السلام (التابعة للصدر) لا يحق لها رفع رايتها.. التزموا الاوامر".

مسعفات عراقيات لإنقاذ جرحى التظاهرات

وقد تم تحديد مكان تظاهرة الحشد اليوم في تقاطع جامعة بغداد قرب منطقة الجادرية وبعيدة عن ساحة التحرير مركز الاحتجاجات في العاصمة العراقية.

السفارة الأميركية تحذر من الاقتراب من مقرها

ومن جانبها، حذرت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء بوسط بغداد من الاقتراب منها وهددت باجراءات رادعة ضد المخالفين.

تحذيرات من الاقتراب على جدران السفارة الأميركية في بغداد مع مليونية الحشد

وأظهرت صور نشرتها وسائل اعلام عراقية واطلعت عليها "إيلاف"، لافتات طويلة على جدران السفارة تقول "تحذير.. لا تتجاوز هذه النقطة. ستتخذ بحقك إجراءات رادعة في حال محاولتك التجاوز.

ومن الواضح أن التحذير موجه إلى المشاركين في التظاهرة التي تشهدها بغداد الجمعة بمشاركة مليشيات الحشد الشعبي الداعية الى اخراج القوات الأميركية من العراق.

وكانت فصائل الحشد الشعبي قد هاجمت في 31 من الشهر الماضي مجمع سفارة الولايات المتحدة في المنطقة الخضراء المحمية بوسط بغداد ردا على ضربة أميركية استهدفت قاعدة عسكرية لحزب الله العراقي بمحافظة الانبار الغربية وقتلت عددا من قادته ومسلحيه، حيث واجه جنود أميركيون من حراس السفارة المهاجمين بقنابل الغاز المسيل للدموع.

إجراءات أمنية مشددة وحافلات الدولة تنقل متظاهري الحشد

وقبيل انطلاق تظاهرة الحشد الشعبي اليوم، فقد وضعت القوات الامنية في بغداد في حالة الانذار القصوى، بينما اتخذت فرق الدفاع المدني إجراءات استباقية لتأمين تظاهرة الحشد.

فقد نفذت فرق معالجة القنابل غير المنفلقة والمتساقطات الجوية التابعة إلى مديرية الدفاع المدني إجراءات احترازية استباقية شملت مسحا ميدانيا كاملا لساحة الحسين في منطقة الكرادة موقع انطلاق التظاهرة اليوم بهدف تأمين المتظاهرين حيث تم تفتيش ومسح المنطقة بشكل كامل، كما اوضح بيان لجهاز اعلام الدفاع المدني.

ومن جهتها، هيأت السلطات المئات من الحافلات التابعة لها لنقل المتظاهرين من المحافظات إلى بغداد مجانا للمشاركة في التظاهرة.

محامو العراق يهددون بالاضراب العام

وفيما تتصاعد الاحتجاجات بشكل مسبوق منذ الاثنين الماضي في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، فقد هددت نقابة المحامين العراقيين الجمعة بإعلان الاضراب العام والامتناع عن الترافع امام المحاكم في حالة عدم الاستجابة لمطالب الشعب العراقي خلال هذه المرحلة العصيبة من تاريخ العراق.

المحامون العراقيون يتظاهرون في بغداد دعما للحراك الشعبي

وقال ضياء السعدي نقيب المحامين العراقيين في بيان اليوم حصلت "إيلاف" على نصه، إن النقابة تتابع تطورات انتفاضة تشرين الشعبية المتصاعدة هذه الأيام والتي يشكل المحامون ونقابتهم جزءاً أساسياً في حراكها السلمي سواء بالمشاركة الفعلية في ساحات التظاهر والاعتصام ام بالدفاع عن حقوق المتظاهرين وحرياتهم امام المحاكم القضائية عندما يتعرضون إلى القتل اوالاغتيال اوالخطف اوالتوقيف من قبل أجهزة الأمن الحكومية او أي جهات اخرى غير حكومية.

وأشار إلى أنّه "في الوقت الذي نؤكد فيه ادانتنا واستنكارنا وسخطنا الشديد لاستمرار استخدام القوة المفرطة والمميتة بالتعامل مع المتظاهرين والمنتفضين السلميين ومطالبتنا بالكشف عن قتلة ابناء الشعب العراقي تمهيدا لمقاضاتهم امام المحاكم الجزائية، فإن جملة من الاعتبارات والقواعد القانونية والانسانية لابد ان تكون شاخصة امامنا عند معالجة ازمتنا الراهنة والتي ينبغي ان تنبع من الادراك العميق بمخاطر الاوضاع السائدة في العراق وما تشكله من تهديد فعلي لشعبه، وجودا ووحدة وسيادة واستقلالاً، عند الاستمرار باستخدام القوة في معالجة انتفاضة الشعب العراقي وعدم تقديم المعالجات الوطنية التي تخرج العراق من ازمته الراهنة، والتي تشكل الاجابة الفورية لمطالب المتظاهرين والمنتفضين على امتداد الساحة العراقية ومدخلاً اساسياً في تمكين العراق وشعبه من النهوض على طريق التطور والتقدم والازدهار باعتماد خياراتنا وقراراتنا الوطنية المستقلة بعيداً عن المؤثرات والتدخلات الاجنبيه والاقليمة والدولية.

وأضاف السعدي أن هذا الامر يتطلب قيام مجلس النواب والكتل السياسية بالتعاون مع رئيس الجمهورية بتكليف شخصية وطنية مناسبة لتشكيل الوزارة طبقاً لاحكام الدستور دون التقيد بمتطلبات المادة 76 من الدستور بعد الامتثال إلى الشروط والاحكام والمعاير المعلنة من قبل ساحات الاعتصام والتظاهر والانتفاض ومراعاتها عند التكليف".. مشددا على "ان الاسراع بتنفيذ هذه المهمة الدستورية باتت قضيه لا تقبل التأجيل او التأخير تحت أي ذريعة كانت".

وهدد نقيب المحامين العراقيين ان النقابة بصدد إعلان الاضراب لمحامي العراق بالامتناع عن الترافع امام المحاكم في حالة عدم الاستجابة لمطالب الشعب العراقي خلال هذه المرحلة العصيبة من تاريخ العراق".

يشار إلى أنّ المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد اكد امس توثيق مقتل 40 متظاهرا واصابة 191 آخرين واختطاف 88 محتجا خلال الفترة بين الاول والعشرين من الشهر الحالي.

ويشهد العراق منذ الأول من أكتوبر الماضي تظاهرات حاشدة انطلقت من أجل تنفيذ مطالب معيشية ومكافحة الفساد والبطالة إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية تتمسك برحيل الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد والتبعية، حيث واجهتها القوات الحكومية بالعنف المفرط والمليشيات المسلحة بالاغتيال والاختطاف والتهديد، ما اسفر عن مقتل 669 متظاهرا وإصابة 24.488 آخرين واعتقال 2.806 من المحتجين.