واشنطن: دعا الديموقراطيون الأربعاء أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوريين إلى التحلي بـ"الشجاعة" الكافية "للبحث عن الحقيقة" في المحاكمة الجارية ضمن آلية عزل الرئيس دونالد ترمب لاتهامه بمحاولة "الغش" للفوز بولاية رئاسية ثانية.

وقال النائب آدم شيف الذي يقود فريق الادعاء، مخاطبا أعضاء مجلس الشيوخ المئة الذين يتولون دور المحلفين في المحاكمة، "يجدر بكم أن ترغبوا في انكشاف الحقيقة".

وعرض شيف بمساعدة فريقه المؤلف من ستة أعضاء، التهمتين اللتين وجههما مجلس النواب لترمب باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس.

وبعد يوم أول ماراتوني حدد إطار وإجراءات هذه المحاكمة التاريخية، استمع أعضاء مجلس الشيوخ بصمت مطلق على مدى تسع ساعات للمدعين يستعيدون وقائع القضية.

واستشهد الادعاء بمقاطع عديدة من إفادات أدلى بها أعضاء في الإدارة الأميركية أمام اللجنة البرلمانية في مجلس النواب في تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال شيف موجها كلامه إلى الأعضاء الجمهوريين الـ53 الموحدين حتى الآن في دعمهم لترمب، "لقد جازفوا بكل ما لديهم، بمسارهم المهني. أعرف أنّ ما نطلبه منكم يمكن أن يعرّض مساركم أنتم أيضا للخطر، لكن إن كانوا تحلّوا بالشجاعة، فذلك بإمكاننا نحن أيضا".

ودعاهم إلى "البحث عن الحقيقة كاملة حول مدى هذا الفساد، لأنني أعتبر أن من حق الشعب أن يعرف".

وقال إن دونالد ترمب "مارس ضغوطا على أوكرانيا حتى تعلن فتح تحقيقات" يمكن أن تكون مفيدة في حملته الانتخابية، طالبا أن يتناول أحدها الديموقراطي جو بايدن الذي قد يواجهه في انتخابات نوفمبر، من أجل "تلويث سمعته".

وأضاف أن من أجل تحقيق هدفه "و"بكلام آخر لممارسة الغش"، قام الرئيس بصورة خاصة بـ"تعليق مساعدة عسكرية بمئات ملايين الدولارات لحليف استراتيجي يخوض حربا مع روسيا للحصول على مساعدة أجنبية في انتخابات".

وتابع شيف الذي يعرف الملف بأدق تفاصيله إذ أشرف على التحقيق في مجلس النواب، أنه بعد انكشاف الأمر "استخدم سلطاته لعرقلة التحقيق" في الكونغرس.

واتهم رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر، ترمب بأنه تصرف بشكل "سيّئ وغير قانوني وخطير". وقال ان الرئيس اقدم على "إساءة استخدام السلطة" من خلال مطالبته أوكرانيا بالإعلان عن اجراء تحقيق بحق جو بايدن خصمه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة وذلك من اجل "إركاعه".

واضاف انه من اجل تحقيق أهدافه، ذهب الملياردير الجمهوري "أبعد من ذلك" من خلال تجميد مساعدات عسكرية مهمة لاوكرانيا التي تخوض نزاعا مع روسيا، معتبرا أن "العزل هو الرد النهائي للدستور على رئيسٍ يعتقد أنه ملك ".

"مجانين"

من جهته أعلن عضو فريق الادعاء حكيم جيفريز "لا أحد فوق القانون في الولايات المتحدة، ولا حتى الرئيس!"

وعلق ترمب من سويسرا حيث كان يشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس "هؤلاء الأشخاص مجانين!" مؤكدا أنه ضحية "مكيدة" دبرتها المعارضة الديموقراطية.

وقال ترمب إنه كان "بودّه" حضور المداولات لكن محاميه لا يؤيدون ذلك. وغرد بكثافة ناشرا ما لا يقل عن 150 تغريدة سخر فيها من خصومه وتباهى بحصيلته.

وترمب هو ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يخضع لمحاكمة ضمن آلية عزل، بعد أندرو جونسون عام 1968 وبيل كلينتون عام 1999.

ومن المتوقع على غرار الرئيسين السابقين، أن تتم تبرئته في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ ودعمهم التام له.

ورغم ذلك يأمل الديموقراطيون الـ47 في المجلس في إقناع الرأي العام بأن رجل الأعمال السابق "نكث بقسمه" الدستوري، وأمامهم مهلة 24 ساعة موزعة على ثلاثة أيام لتحقيق ذلك.

وتناول الادعاء الخميس الإطار الدستوري للمحاكمة، على أن تخصص مرافعات الجمعة للسلوك الذي أدّى إلى توجيه الاتهام للرئيس.

وتبدأ مرافعات الدفاع اعتبارا من السبت وتخصص لها المهلة ذاتها. وقال المحامي الشخصي للرئيس جاي سيكولو الأربعاء إن "الدستور يحمي "امتيازات السلطة التنفيذية، وثمة سبب لذلك".

وندد بمحاكمة "مثيرة للسخرية" و"خطيرة" قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية.

إطار صارم

وبعد عرض حجج الادعاء والدفاع، تخصص 16 ساعة لأعضاء مجلس الشيوخ لطرح أسئلتهم خطيا.

ويتحتم عليهم طوال المحاكمة لزوم مقاعدهم والبقاء صامتين بدون استشارة هواتفهم ولا حواسيبهم، إذ يحظر إدخال أي أجهزة إلكترونية إلى القاعة.

ويهدف هذا الإطار الصارم المفروض على المحاكمة إلى الحفاظ على لياقة المداولات، ولو أن النبرة سجلت حدة الثلاثاء.

وقال قسيس مجلس الشيوخ باري بلاك في عظته اليومية إن "طريقة التعبير عن الأمور تضاهي أحيانا أهمية ما يقال".

ومن المرتقب إجراء عملية تصويت أولى في نهاية الأسبوع المقبل، يقرر فيها مجلس الشيوخ إن كان يوافق على استدعاء شهود جدد، وهو ما يطالب به الديموقراطيون.

ومن أجل البت بالطلب إيجابا، يتحتم أن يخالف أربعة جمهوريين إجماع حزبهم ويؤيدوا استدعاء شهود، وهو ما يبدو مستبعدا.

ورفض الديموقراطيون الأربعاء "صفقة" اقترحها عدد من الجمهوريين، تقضي بالموافقة على استدعاء شاهد ادعاء مقابل استدعاء هانتر بايدن نجل جو بايدن، الذي طلب ترمب من كييف فتح تحقيق بشأنه.

ويمكن بعد ذلك لأعضاء مجلس الشيوخ الانتقال إلى التصويت على الاتهامين الموجهين إلى ترمب. ويفرض الدستور الحصول على غالبية الثلثين لعزل رئيس، وهي عتبة من المستبعد في الوقت الحاضر بلوغها.