واشنطن: يبدو مشروع الاتفاق الإسرائيلي-الفلسطيني الذي سيقدمه دونالد ترمب بحلول الثلاثاء، هو خطة سلام لا فرصة لها بتحقيق السلام بعد أن خسرت الولايات المتحدة دورها كوسيط بسبب دعمها الشديد لاسرائيل.

ومن شأن هذه الخطة، في ذهن الرئيس الأميركي، أن تسمح بالتوصل إلى "اتفاق نهائي" بين الإسرائيليين والفلسطينيين لم ينجح أي من أسلافه في تحقيق هذه الغاية. ويتم الاعداد لهذه الخطة منذ 2017 بعيدا عن الأنظار باشراف زوج ابنته جاريد كوشنر.

وارجئت عملية عرض الخطة مرارا بسبب الانتخابات الإسرائيلية التي تلاقي عقبات في تشكيل حكومة.

فلم هذا التوقيت قبل شهر من اقتراع جديد في الدولة العبرية؟

يجيب دنيس روس المفاوض الأميركي السابق للشرق الأوسط "لأن ذلك لا يمت بصلة للسلام".

ويقول آرون ديفيد ميلر الذي اضطلع بدور مماثل "لأنها أول مبادرة سلام هدفها لا علاقة له بالإسرائيليين والفلسطينيين ولا بعملية السلام ولا ببدء مفاوضات".

حتى ان إعداد العملية غريب.

فبدلا من جمع قادة طرفي النزاع لعرض الخطة دعا دونالد ترمب إلى المكتب البيضوي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وخصمه السياسي في اقتراع الثاني من آذار/مارس بيني غانتس.

وعلى أرض الواقع قطعت السلطة الفلسطينية علاقتها بترمب عندما اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل نهاية 2017. وهو قرار أحدث صدمة أعقبته قرارات أخرى تصب في مصلحة اسرائيل وتضر بالفلسطينيين الذين باتوا يعتبرون أن واشنطن لم تعد قادرة على لعب دور "الوسيط الحيادي".

إعطاء دفع

وتسمح أسباب اخرى بتفسير توقيت هذا الاعلان.

ويرى ديفيد ميلر الذي أصبح خبيرا في معهد "كارنيغي اندومنت فور انترناشونال بيس" أن فريق كوشنر يريد أن "يثبت بأن لديه خطة فعلا" إذ كانت قد تبقى حبرا على ورق لطول الانتظار ومع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر.

ويضيف روس أنه على المدى القصير "كل ما يمكن أن يسمح بتحويل الأنظار موضع ترحيب" لدونالد ترمب وبنيامين نتانياهو. ويواجه الأول محاكمة لعزله والثاني تهماً بالفساد.

وترمب الذي يأمل ترسيخ شعبيته بين الناخبين المسيحيين الانجيليين المتأثرين بكل ما له علاقة بإسرائيل يريد أيضا على الأرجح إعطاء دفع لنتانياهو "صديقه" الذي بات مستقبله السياسي على المحك.

ويضيف الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "يظن نتانياهو أن ذلك سيضعه في موقع قوة ليبقى رئيسا للوزراء في حكومة وحدة وطنية".

وعلى الأجل البعيد يريد كوشنر والسفير الأميركي في القدس ديفيد فريدمان المعروفان بدعمهما لاسرائيل، ترك بصمة بحسب هذين الأخصائيين، من خلال تعديل الموقف الأميركي.

وهذا ما شرعا القيام به : اعترفت واشنطن بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان السورية ولم تعد تعتبر الضفة الغربية "أراضي محتلة" أو المستوطنات الاسرائيلية "مخالفة للقانون الدولي".

دولتان؟

وكل هذه الأمور ضربات للتوافق الدولي المعتمد منذ عقود من الدبلوماسية والذي اعتبرته إدارة ترمب "غير فعال".

وإن لم نكن نعرف الكثير عن مضمون الخطة، يتوقع مراقبون كدنيس روس وآرون ديفيد ميلر بأن تثبت هذا التوجه.

وقد تعطي الضوء الأخضر لضم اسرائيل قسماً من الضفة الغربية وجعل غور الأردن حدود الدولة العبرية شرقا. وإن قد توضع أحياء في القدس الشرقية تحت سيطرة فلسطينية يبقى وضع هذا القسم من المدينة المقدسة كعاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية، غير مؤكد.

فهل سيكون هناك دولة فلسطينية في المقترح الأميركي؟

لقد رفض ترمب وكوشنر حتى الآن استخدام هذا التعبير ما يشكل مفارقة مع الموقف التقليدي للأسرة الدولية لصالح حل يقوم على أساس "دولتين".

ويتوقع روس بأنه إذا نصت الخطة على قيام دولة "ستكون بالاسم فقط ومنزوعة السلاح" لا ترقى إلى تطلعات الفلسطينيين الراغبين في استعادة كامل الأراضي التي ضمتها إسرائيل في 1967.

وأنصار خطوة البيت الأبيض راهنوا على العلاقات التي أقامها كوشنر مع القادة الخليجيين والاتصالات غير الرسمية بين بعض الدول العربية وإسرائيل.

ويأمل اولئك بأن تحث السعودية السلطة الفلسطينية على تبني خطة السلام والإفادة من شقها الاقتصادي الذي كشف في حزيران/يونيو مع استثمارات دولية بمستوى 50 مليار دولار على 10 سنوات.

لكن ديفيد ميلر "يشك" في مثل هذا السيناريو، "وفي أفضل الحالات سيقولون +ربما+ لإرضاء ترمب".