يعتبر البعض أنه مع تغييب كل من بشير الجميّل وكمال جنبلاط ورفيق الحريري وموسى الصدر فقد لبنان بورصته السياسية الحقيقية، ويؤكدون أنه لو لم يتم تغييب هؤلاء لكان كتبت للبنان صفحة مشرقة في السياسة والأمن ومحاربة الفساد.

إيلاف من بيروت: في سنوات سابقة غرّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قائلًا:" غيّبوا موسى الصدر كما غيّبوا بشير الجميّل وكمال جنبلاط ورفيق الحريري، لأنهم لا يريدون قيامة لبنان، لم ينجحوا، لكنهم ما زالوا يحاولون".

وفي نظرة سريعة إلى أقوال الغائبين يتبيّن أن لبنان فقد الكثير في القول والفعل بعد تغييبهم. ومن أقوال موسى الصدر على سبيل المثال لا الحصر: "أنا قارع أجراس الكنائس القديمة، أنا مؤذّن الجوامع، وعندما أتلو الأبانا يغمرني طيف علي، وأبكي الحسن والحسين ويطيب قلبي بمحمد، أصلّي للسيدة العذراء، فيقبّل وجهي يسوع، أسمع الله وأكبر من خشوع الكنائس وأسمع صوت يسوع من قبة الجوامع، فلا تسألني من أين أنا، أنا من بلد كل الأديان.. أنا من لبنان".

أما من أقوال بشير الجميّل فـ"نحن مستعدون للحوار، ليس مع الملائكة فقط، بل مع الشياطين لمصلحة لبنان". وأيضًا من أقواله: "سأحاول ألا أرضخ للوساطات، ومنذ الآن أقول لكم أن من سيلجأ إلى الوساطة لن يعرف "وين الله راح يلاقيه". "كل موظف سينال منصبه حسب كفاءته وخبرته وإمكاناته وعطائه، وليس لأن أحدهم زلمة فلان يجب أن يكون رئيسًا أو لأن الآخر لا يدعمه أحد لن يدري أي إنسان به".

ومن أقول كمال جنبلاط :"إذا خُيّر أحدكم بين حزبه وضميره، فعليه أن يترك حزبه وأن يتبع ضميره، لأن الإنسان يمكن أن يعيش بلا حزب، لكنه لا يستطيع أن يحيا بلا ضمير، الحياة في أصالتها ثورة، فكن ثائرًا على الدوام".

ومن أقوال رفيق الحريري: "ليس المهم من يبقى ومين يذهب، بل المهم البلد".. ومن أقواله أيضًا: "لا تصدق كل ما تسمعه أذناك وصدق نصف ما تراه عيناك واترك النصف الثاني للعقل، فاستعمالكم للعقل سيكون هو المصفاة التي تؤدي بالنتيجة إلى معرفة الحقيقة التي يحاول كثير من الناس في هذه الأيام طمسها عنكم".

حالة غير مسبوقة
عن رجالات السياسة الذين غيّبوا، وهل كان مصير لبنان تغيّر لو كانوا على قيد الحياة، يقول الكاتب والإعلامي عادل مالك لـ"إيلاف" إن لبنان يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر على أكثر من جهة ومن صعيد، ولو كان رجالات السياسة في لبنان على قيد الحياة كانت أمور كثيرة تغيرت.

فعلى الجانب الأمني هناك أولوية مع وجود الإعلام، والأزمة غير المسبوقة في تاريخ لبنان الراهن حتمت على كل الأطراف ممارسة أقسى أنواع ضبط النفس.

لو كنا في الماضي مع السنوات الخمسين الماضية التي عاشرتها، لكان التعاطي مع ما يجري في لبنان ومع التظاهرات مختلفًا، رجالات تلك الفترة كان لديهم أسلوب مغاير لما يجري اليوم، وهناك متغيرات عديدة طرأت اليوم على المشهد اللبناني، ولكن دخلت عناصر جديدة على الساحة، والأسلوب اليوم يبقى غير مسبوق وكذلك العلاج، وسوف يؤدي إلى المزيد من التعقيد.

ولو كان لبنان في تلك الفترة من رجالات السياسة، التاريخيين، لما كنا نشهد كما اليوم المواجهات، لكن الموضوعية في التحليل تجعلنا نضيف التالي، على المنتفضين بموجب قضايا حياتية أن يتنبهوا إلى عناصر غير منضبطة، يمكن أن تتسلل الى التظاهرات، وتعمل على تشويه سمعة التظاهرات.

ويلفت مالك إلى أن لبنان كان في الفترة الماضية، يعتمد مع رجالات السياسة تدوير الزوايا، وكان يعتمد السياسة والحفاظ على هيبة الدولة والسلطة من دون وقوع ضحايا في الشارع.

أما هل يمكن للبنان إنتاج شخصيات سياسية كتلك التي رحلت ولعبت دورًا بارزًا في لبنان؟. فيجيب مالك أنه ليس هناك بديل من الأشخاص الكبيرة التي كانت في لبنان، ورجال تاريخيون في تلك الفترة بكل ما للكلمة من معنى لا يتكررون، إنما هذا لا يعني خلو الساحة اللبنانية من بعض الشخصيات تعرف كيف تتعاطى مع المتظاهرين لتأمين الحد الأدنى من المطالب.