كشف أحد المرتزقة السوريين في ليبيا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نقل 3 آلاف شخص إلى طرابلس، غالبيتهم من الفقراء السوريين، مقابل مرتب شهري يقدر بـ2000 دولار أميركي.

إيلاف من القاهرة: رغم تأكيد ألمانيا وفرنسا وروسيا والأمم المتحدة أن تركيا ترسل مرتزقة إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة فايز السراج، إلا أن التفاصيل الدقيقة حول عمليات النقل والمقابل المادي يكتنفها الغموض إلى أن كشفت صحيفة "INVESTIGATIVE JOURNAL" الأميركية هذه التفاصيل عبر لقاء أجري في طرابلس مع أحد قادة المرتزقة، وهو سوري، قاتل ضمن ما يعرف بــ"الجيش السوري الحر" ضد نظام حكم الرئيس بشار الأسد.

وفقًا لتصريحات المرتزق السوري التي نقلتها الصحفية "ليندزي سنيل"، فإن تركيا تدفع 2000 دولار شهريًا للمقاتلين الذين سيذهبون إلى ليبيا، مقابل دفع 100 دولار فقط، في حال بقائهم في سوريا، مشيرًا إلى أن حملات تجنيد المقاتلين كانت مركزة بشكل كبير على محافظة إدلب وما حولها.

وكشف أن الرئيس التركي رجب أردوغان استغل أوضاعهم، ليقدم إليهم الإغراءات بالسفر إلى ليبيا، موضحًا أنه يتم إرسال مدنيين فقراء ومستعدين للذهاب إلى ليبيا، وليس مقاتلين فقط، وتابع: "سافر ما يقدر بنحو 3000 عضو من الجيش السوري الحر إلى ليبيا".

قالت الصحافية الأميركية سنيل إنها تمكنت من مقابلة أحد مرتزقة الجيش السوري الحر، المتمركزين في معسكر في طرابلس، مشيرة إلى أنها لا يمكنها الكشف عن اسمه، لكنها أطلقت عليه اسم "أحمد"، خشية أن يتعرّض للقتل.

وقال أحمد: "سمعنا حفتر، حفتر، حفتر، لكننا لا نعرف من هو، فقد ذكر الأتراك اسمه لنا في سوريا، وأخبرونا أن نذهب لمحاربته، لكن لم يهتم أحد، حتى قالوا لنا إن من سيذهب سيحصل على راتب 2000 دولار شهريًا، منوها بأنه قبل وصوله إلى ليبيا، لم يسمع عن طرفي النزاع هناك، وأنه لم يلتق الليبيين في طرابلس، والأتراك هم من يأتون لتدريبهم.

كشف "المرتزق السوري" عن وجود "الكثير من الجنود الأتراك في طرابلس، وليس القادة فقط، في نفي واضح لتصريحات الرئيس التركي التي أكد فيها عدم وجود قوات عسكرية تركية في ليبيا.

كما كشف المرتزق السوري أن هناك رغبة من المقاتلين في الفرار إلى إيطاليا، وقال إن هناك الكثير من الحديث بين المقاتلين السوريين حول الفرار من المعسكر وإيجاد مهرب لنقلهم إلى إيطاليا، منوهًا بأن أكثر من مائة آخرين قاموا بالفعل بعمل ودائع لمحاولة تأمين مواقعهم على القوارب مع المهربين.

ولفت إلى أن الأتراك جاؤوا لحصرهم للتأكد من عدم حدوث عمليات فرار إلى إيطاليا. وأوضح أنه كان جزءًا من مجموعة مكونة من 70 شخصًا انقسموا بين القوات البرية والقناصة ومواقع أخرى، وقال: "لقد كنت في العديد من المعسكرات، والفرق في هذا المعسكر هو أننا لا نتدرب على القتال كالمعتاد، بل إنهم يقومون بتدريبنا على حروب الشوارع والعصابات، للقتال في الشوارع عن بعد، كما لم يتم إطلاع المقاتلين السوريين على الأسلحة التي يمتلكها الجيش الوطني الليبي أو أسلوب قتالهم".

عن حياته في المعسكر، قال: "نحن نأكل فقط ونمارس الرياضة ونجلس في المخيم، ونُمنع من مغادرة المخيم، لقد أحضروا لنا الطعام والسجائر، ونحصل على 2000 دولار شهريًا لعدم القيام بأي شيء".

في نهاية اللقاء، قال المرتزق السوري، إنه لا يشعر بالندم على القدوم إلى ليبيا، وتابع: "لقد جئت للحصول على المال بسبب الوضع في سوريا، ولأن الدولار مرتفع للغاية، وبعضنا من حلب، وبعضنا من الغوطة وحمص، وكلنا نازحون بلا مأوى، فليست لدينا منازل، وليس لدينا حتى غصن شجرة في سوريا، ولا تزال لديّ عائلة لأطعمها، فلتطلقوا علينا لقب "المرتزقة"، لكن ماذا يفترض بنا أن نفعل؟.

وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السبت الماضي، عن "أسفها الشديد وإدانتها للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا، حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية في هذا الصدد" خلال مؤتمر برلين الذي عقد في 19 يناير الجاري.

وقالت البعثة الأممية في بيان لها، إن الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير الجاري، بموافقة حكومة الوفاق والقيادة العامة أفضت إلى انخفاض ملحوظ في الأعمال القتالية في طرابلس، وأعطت مهلة للمدنيين في العاصمة هم بأمسّ الحاجة إليها.

أكدت البعثة الأممية أن "هذه الهدنة الهشة مهددة الآن بسبب استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من قبل بعض الدول بينها دول شاركت في مؤتمر برلين". وأشارت البعثة الأممية إلى أنه خلال الأيام العشرة الماضية، "شوهد العديد من طائرات الشحن والرحلات الجوية الأخرى تهبط في المطارات الليبية في الأجزاء الغربية والشرقية من البلاد لتزويد الأطراف بالأسلحة المتقدمة والمركبات المدرعة والمستشارين والمقاتلين"، وعبّرت عن إدانتها لهذه "الانتهاكات المستمرة التي تهدد بإغراق البلاد في جولة متجددة ومكثفة من القتال".

ودعت البعثة الأممية الدول المعنية إلى الوفاء بالتزاماتها واحترام حظر التسليح في ليبيا الذي يفرضه قرار مجلس الأمن رقم 1970 لسنة 2011 والقرارات اللاحقة احتراماً تاماً وتنفيذه بشكلٍ لا لبس فيه.