بيروت: تشهد محافظة إدلب السورية منذ تسعة أشهر تصعيداً عسكرياً متقطعاً لقوات النظام وحليفتها روسيا يتمثل في هجمات ميدانية وقصف عنيف يتمحور بشكل أساسي حول الطريق الدولي الذي يصل حلب بالعاصمة دمشق.

وفي هجوم جديد بدأته في ديسمبر الماضي، تسعى قوات النظام إلى السيطرة على معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب، التي تقع بمعظمها مع أجزاء محاذية لها من محافظات أخرى، تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً.

بدء التصعيد

في فبراير العام 2019، بدأت قوات النظام تصعّد وتيرة قصفها للمنطقة خصوصاً ريف إدلب الجنوبي والمناطق المحاذية قبل أن تنضم الطائرات الروسية لها لاحقاً.

وبلغ التصعيد العسكري أوجه في نهاية نيسان/أبريل مع مقتل 15 مدنياً في الـ26 والـ27 من الشهر جراء قصف جوي روسي، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي 17 مايو، اتهمت منظمة العفو الدولية النظام السوري بشن "هجوم متعمد ومنهجي" على المستشفيات والمنشآت الطبية.

وحذرت الأمم المتحدة من خطر "كارثة إنسانية"، في حين نفت روسيا استهداف مدنيين.

مئات القتلى

بين 28 و29 مايو، قتل أكثر من أربعين مدنياً في محافظتي إدلب وحلب. في 15 يونيو، قضى 45 شخصاً على الأقل بينهم عشرة مدنيين في غارات ومعارك. وفي العشرين منه، استهدف القصف سيارة إسعاف وأسفر عن سقوط عشرين قتيلاً.

في 12 يوليو، ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بشدة" بعمليات القصف التي تستهدف "منشآت طبية وطواقم طبية".

في 22 يوليو، قتل 50 شخصاً على الأقل، غالبيتهم في غارات روسية استهدفت سوقاً ومحيطه في مدينة معرة النعمان.

واستمرت الوتيرة نفسها ليسفر القصف عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين والمقاتلين بشكل شبه يومي، فيما كانت الفصائل تردّ باستهداف مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، موقعة عشرات القتلى أيضاً.

وتزامن ذلك مع تقدم لقوات النظام التي سيطرت في 21 أغسطس على مدينة خان شيخون، الواقعة على الطريق الدولي، في جنوب إدلب.

وفي 31 أغسطس، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية تركيا وروسيا حيز التنفيذ.

وأسفر الهجوم بين أبريل وأغسطس عن مقتل حوالى ألف مدني، وفق المرصد السوري، كما دفع بـ400 ألف شخص للفرار بحسب الأمم المتحدة.

زيارة الأسد

شهدت المحافظة هدوءاً نسبياً، من دون أن تتوقف خروقات وقف إطلاق النار.

وفي الـ19 من سبتمبر، استخدمت روسيا والصين حقّ النقض لمنع صدور قرار عن مجلس الأمن يفرض "وقفاً فورياً لإطلاق النار" في محافظة إدلب.

وفي 22 أكتوبر، قام الرئيس بشار الأسد بأول زيارة له إلى محافظة إدلب منذ اندلاع النزاع في العام 2011. وأكد أن معركة إدلب هي "الأساس" لحسم الحرب في سوريا.

معرة النعمان

في نهاية نوفمبر، عادت الاشتباكات إلى جنوب إدلب وتصاعدت تدريجياً.

ومنذ منتصف ديسمبر، صعّدت قوات النظام بدعم من الطيران الروسي قصفها تزامناً مع معارك على الأرض تركزت بشكل أساسي في محيط مدينة معرة النعمان.

وخلال أسبوعين فقط، وثق المرصد السوري مقتل 80 مدنياً على الأقل جراء القصف الجوي.

وبعد أسابيع من القصف العنيف، أعلنت روسيا في التاسع من كانون الثاني/ديسمبر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أكدته تركيا لاحقاً، إلا أنه لم يستمر سوى لبضعة أيام فقط.

وفي الـ15 من يناير 2020، قتل 19 مدنياً جراء غارات شنّتها قوات النظام على مدينة إدلب.

وفي الـ21 من الشهر، أسفرت غارات روسية عن مقتل 23 مدنياً في جنوب إدلب وغرب حلب.

وردت الفصائل الجهادية باستهداف مدينة حلب ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين، وفق الإعلام الرسمي السوري.

وفي الـ23 من يناير، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن استئناف الهجوم في إدلب "غير مقبول" وطالب بوقف الضربات الجوية.

وفي الـ26 من الشهر، أعربت اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن قلقها إزاء التصعيد الذي يجعل "حياة الآلاف صعبة مما يضطرهم للنزوح".

وتزامن ذلك مع اقتراب قوات النظام أكثر وأكثر من مدينة معرة النعمان، التي وصلت إلى أطرافها الشرقية في الـ27 من الشهر.

ودفع التصعيد منذ ديسمبر 2019، بـ385 ألف شخص بالنزوح من جنوب إدلب فقط، وفق الأمم المتحدة.