واشنطن: حاول محامو الرئيس الأميركي الإثنين استئناف هجومهم بعد المعلومات الخطيرة التي كشفها مستشار سابق في البيت الأبيض وأضعفت الدفاع عن دونالد ترمب الذي يحاكم في إطار إجراءات عزل في مجلس الشيوخ الأميركي.

وشن المحامون هجوما على نائب الرئيس السابق الديموقراطي جو بايدن، خصم ترمب المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويخضع الملياردير الجمهوري لمحاكمة تاريخية لأنه طلب من أوكرانيا التحقيق حول جو بايدن وأعمال ابنه هانتر بايدن في هذا البلد الذي يستشري فيه الفساد.

وقد اتهمه الديموقراطيون الذين يهيمنون على مجلس النواب "باستغلال السلطة" و"عرقلة عمل الكونغرس" في تصويت في 18 كانون الأول/ديسمبر، بدون أي دعم جمهوري.

وهم يرون أن الرئيس حاول "تلطيخ سمعة" خصمه المحتمل لتسهيل إعادة انتخابه وأنه استخدم وسائل تعود إلى الدولة وخصوصا عبر تجميد مساعدة عسكرية أساسية لكييف، من أجل تحقيق غاياته.

وفي حججهم، أكد محامو ترمب أن إقالة ترمب "سلاح نووي حراري" بالغ الخطورة لتطبيقه في غياب "جريمة" بالمعنى الجزائي للكلمة.

سلاح سياسي

قال الخبير المعروف في الدستور آلان ديرشوويتز الذي كان آخر المتحدثين الإثنين إن "استغلال السلطة سلاح سياسي. يفترض أن يستخدم ضد خصوم سياسيين ولنترك للناخبين أمر البت" في المسألة.

وقدم عرضا طويلا أشبه بمرافعة، ذهب أبعد من الحجة الأساسية للبيت الأبيض الذي يؤكد أنه "لم تتم ممارسة ضغط" على كييف ولا اللجوء إلى مبدأ "الفائدة للطرفين".

لكن هذه الاستراتيجية أضعفتها معلومات كشفها جون بولتون المستشار السابق لشؤون الأمن القومي في البيت الأبيض.

أوضح المحامي أمام أعضاء مجلس الشيوخ أن "+الفائدة للطرفين+ ليس استغلالا للسلطة ويشكل جزءا من السياسة الخارجية التي يتبعها الرؤساء منذ البداية".

وتابع "لا شيء في ما كشفه بولتون، حتى إذا كان صحيحا، يمكن أن يكون بمستوى استغلال الثقة والعزل".

ويؤكد بولتون في كتاب يصدر قريبا أن ترمب أسرّ له في آب/أغسطس أنه لا ينوي الإفراج عن مساعدة عسكرية مخصصة لأوكرانيا بدون تحقيق حول بايدن.

نفى ترمب ذلك. وصرح "لم أقل يوما ذلك" لجون بولتون، متهما مستشاره السابق الذي أقيل في ايلول/سبتمبر أنه يريد "تسويق كتابه".

وحاول محامو ترمب أيضا أن يثبتوا أن من حقه الشعور بالقلق من "فساد" ممكن لبايدن ونجله في أوكرانيا.

وأشارت المدعية السابقة لولاية فلوريدا بام بوندي إلى أن هانتر بايدن كسب "لايين الدولارات" خلال عمله في مجلس إدارة مجموعة بوريسما الأوكرانية للغاز، عندما كان والده مكلفا السياسة الأميركية في هذا البلد بصفته نائبا للرئيس السابق باراك أوباما.

"نظرية مؤامرة"

قالت بوندي التي تعد من أشد مؤيدي ترمب أن هانتر بايدن ما كان "على الأرجح" سيحصل على وظيفة في "بوريسما" لو لم يكن والده نائبا للرئيس، مذكرة بأن كثيرين حينذاك عبروا عن استيائهم من "تضارب ظاهر في المصالح".

وأشارت إلى أن بايدن توصل إلى إقالة النائب العام الأوكراني المكلف مكافحة الفساد، لحماية الشركة التي يعمل فيها ابنه.

ودان فريق الحملة الانتخابية لبايدن استخدام بوندي "نظرية مؤامرة (...) مرفوضة تماما".

على هامش المحاكمة، انتقد النائب الديموقراطي آدم شيف الذي يقود فريق الادعاء في قضية عزل ترمب، المحامين لأنهم لم ينجحوا في توضيح "لماذا ابدى الرئيس اهتماما بهانتر بايدن فقط عندما ترشح والده جو بايدن للرئاسة".

وفي مقاطع جديدة من كتابه المقبل كشفتها صحيفة نيويورك تايمز مساء الإثنين، يروي بولتون أنه ابلغ وزير العدل بيل بار بقلقه "للامتيازات" التي يقدمها ترمب إلى الرئيسين الصيني والتركي.

ويبدو أن المعلومات التي كشفها بولتون حركت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ (53 من أصل مئة) الذين رفضوا حتى الآن استدعاء المستشار السابق للإدلاء بإفادته، كما يريد الديموقراطيون.

وقال ثلاثة جمهوريين معتدلين على الأقل -- ميت رومني وسوزان كولينز وليزا موركوسكي -- إنهم يمكن أن يصوتوا لمصلحة الاستماع لبولتون.

ويفترض أن يجري هذا التصويت في بداية الأسبوع المقبل بعد انتهاء حجج الدفاع، بينما يكون أعضاء مجلس الشيوخ قد أعدوا أسئلتهم كتابيا لطرحها على الطرفين.

ويكفي أن ينضم أربعة جمهوريين إلى الديموقراطيين ليتم استدعاء بولتون الذي كان قد صرح أنه سيوافق على طلب للمثول أمام الكونغرس.

لكن حتى إذا كسب الديموقراطيون هذه المعركة، يبدو أنهم سيخسرون القضية في نهاية الأمر.

فالدستور يحدد أغلبية الثلثين لتبني قرار لإقالة رئيس. ولتحقيق ذلك يفترض أن ينشق عشرون جمهوريا، وهذا لا يبدو مرجحا إطلاقا.