إيلاف: عبّرت بريطانيا عن قلقها العميق من التصعيد الكبير في العنف الذي يرتكبه النظام السوري وروسيا في إدلب. وأعربت عن خيبة أمل كبيرة لكون وقف إطلاق النار في يوم 12 يناير بالكاد صمد ليومين.

وقال السفير جوناثان آلان، نائب المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة، في مداخلة خلال جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في سوريا إن التكلفة الإنسانية لهذا التصعيد العسكري فظيعة. فمنذ أول ديسمبر قتلت روسيا والنظام السوري أكثر من 140 مدنيا. ومنذ 29 إبريل قُتل ما يربو على 1.500 مدني في شمال غرب سوريا، وكان تقريبًا نصف الضحايا من النساء والأطفال.

وأشار السفير آلان إلى تشرد ما يفوق 358.000 من الأهالي نتيجة تصعيد العنف. وتتوقع الأمم المتحدة الآن نزوح 500.000 آخرين من سكان المناطق الواقعة على الخط الأمامي للقتال.

وقال إن الكثافة السكانية في هذه المنطقة التي تزداد صغرًا باضطراد، وباتت بالفعل أكبر من الكثافة السكانية في غزة. ونظام المساعدات الإنسانية قد فاق طاقة التحمل. هؤلاء المدنيون الأبرياء بحاجة عاجلة إلى المواد الغذائية والمأوى والماء والرعاية الصحية والحماية من طقس الشتاء. لكننا لا نزال نرى استمرار القصف الجوي الذي يستهدف البنى التحتية المدنية. وإنني أكرر تذكير جميع الأطراف، بمن فيهم الجالسون حول هذه الطاولة، بالتزاماتهم بالامتثال للقانون الإنساني الدولي.

قصف ادلب
وأشار نائب المندوب البريطاني إلى أنه في يوم 11 يناير وحده تضررت 26 منطقة في إدلب من القصف الجوي، وكان من بين الأهداف التي قُصفت مدارس ومستشفيات ومخيمات للنازحين داخليًا. وقبل ثلاثة أيام فقط تسبب القصف الجوي في إخراج مستشفى الإيمان في سرجة عن الخدمة.

وقال: بعد المطالبة مرارا وتكرارا بالتحقيق في هذه الاعتداءات، نرحب مرة أخرى بلجنة التحقيق التابعة للأمين العام، والتي تجري تحقيقا في بعض الاعتداءات التي وقعت سابقًا في إدلب. كما ندعو الأمين العام الى نشر ما تتوصل إليه اللجنة. واسمحوا لي أن أكرر المطالبة بوقف القتال تمامًا، ومعاودة الامتثال لاتفاق خفض التصعيد.

والآن، وبينما أن جميع الأنظار تركز على الشمال الغربي، علينا ألا نتجاهل من هم في أجزاء أخرى من سوريا المحرومين من المساعدات الإنسانية. فكما نعلم جميعًا، بسبب قرار الصين وروسيا استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار يتعلق بالمساعدات الإنسانية، لم يعد باستطاعة الأمم المتحدة استخدام معابر الحدود في شمال شرق سوريا وفي جنوبها.

كلام السفير الروسي
ونوه السفير آلان في مداخلته إلى ما قاله السفير الروسي بأن المعابر في شمال شرق سوريا لا حاجة لها لأن المساعدات الإنسانية تصل من دمشق. لكن الحقيقة هي أن النظام لا يقدم إلى هؤلاء السكان المعونات التي يحتاجونها، كما إنه لا يسمح للأمم المتحدة بأن تقدم المعونات.

لكن ذلك لا ينحصر في شمال شرق سوريا وحسب. حيث السكان في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقا، مثل الغوطة الشرقية وشرق حلب، لا تحصل على مساعدات إنسانية جيدة تلبي الاحتياجات الأساسية.

وقال الدبلوماسي البريطاني: فالنظام يرى بأن هؤلاء السكان لا يؤيدون سياساته، وبالتالي يعاقبهم لعدم ولائهم عن طريق منع تزويدهم بالمواد الغذائية والأدوية. وبالتالي ينبغي على روسيا والصين، اللتين تصرفتا لمنع وصول مساعدات منقذة للأرواح إلى المحتاجين إليها، العمل الآن لضمان إيصال المساعدات. ونحن نتطلع إلى الأمم المتحدة، بما في ذلك من خلال تقرير الأمين العام المتوقع في شهر فبراير، لتسليط الضوء على هذه الفجوات والتحديات في الاستجابة الإنسانية، ومساعدتنا في إيجاد حل لإتاحة إيصال المساعدات إلى حيث هناك حاجة إليها.

وتابع: لطالما أيدت المملكة المتحدة توفير المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، بما فيها المناطق التي تحت سيطرة السلطات السورية. وبالفعل بلغت مساهمات المملكة المتحدة من المساعدات أكثر من 4 مليارات دولار منذ سنة 2012.

وذكّر السفير ألان مجلس الأمن بأن 60% من جميع المساهمات في الاستجابة الإنسانية من الأمم المتحدة خلال سنة 2019 مقدمة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا. لكن من واجبنا جميعًا ضمان تنظيم تقديم المساعدات، وضمان وصولها لمن هم في أمسّ الحاجة إليها أينما كانوا.

مخيم الركبان
وأعرب السفير عن امتنان المملكة المتحدة للأمم المتحدة لمواصلتها جهودها الرامية إلى إيجاد حل لأهالي مخيم الركبان الذين يعيشون في ظروف صعبة للغاية. فهناك الكثير مما يجب عمله لضمان سلامة السكان المتبقين في مخيم الركبان، وأولئك الذين غادروا سعيًا لإيجاد مأوى في أماكن أخرى.

لم يحصل أهالي الركبان على أي مساعدات إنسانية منذ نهاية شهر سبتمبر، وقد استطعنا حينها توفير إمدادات تكفي لشهر واحد فقط. كما يقلقنا مصير من غادروا المخيم طوعا. لا بد من السماح للأمم المتحدة بالدخول بحرية وبشكل دائم إلى الملاجئ في حمص ووجهتها النهائية للوصول إلى النازحين داخليا في الركبان. فذلك يضمن مراقبة مناسبة وإعداد تقارير حول الظروف السائدة، وخصوصا تلك المتعلقة بمسائل الحماية وحقوق الإنسان. كما سنرحب بأن تشمل الأمم المتحدة ذلك في تقاريرها الدورية وأن تُبقي المجلس على علم باستمرار.

في الختام، قال نائب المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة إن الوضع الإنساني في سوريا يظل، كما قال مارك لوكوك، صعبا ويزداد تدهورا. والوضع في إدلب مقلق بشكل خاص نظرا الى قصف روسيا والنظام للمدنيين فيها.

وأعرب عنه أمله لو يشاركه الزملاء في المجلس بالمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار هناك، وأن يشددوا على أهمية دخول المساعدات عبر الحدود، وأن يطالبوا النظام والمتحالفين معه بالسماح للأمم المتحدة بأداء عملها: إنقاذ الأرواح.