طهران: يثير التحقيق حول تحطم الطائرة الاوكرانية التي تم اسقاطها بالخطأ قرب طهران في يناير الماضي توترا دبلوماسياً بين إيران والدول المعنية بالكارثة على خلفية شبهات بأن الجمهورية الاسلامية كذبت بشأن المعلومات التي كانت بحوزتها.

وتتولى منظمة الطيران المدني الإيرانية منذ تحطم الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية في 8 يناير بعد دقائق على إقلاعها من طهران، التحقيق في ظروف هذه المأساة التي أوقعت 176 قتيلا.

وأثار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الإثنين صدمة جديدة في هذه القضية إذ أكد أن "الجانب الإيراني كان يعلم منذ البداية أن طائرتنا أسقطت بصاروخ" فور تحطمها.

وهو يستند في تأكيده هذا على محادثة جرت بين برج المراقبة وطيار في شركة آسمان الإيرانية للطيران كانت طائرته تقترب من طهران عند وقوع الكارثة.

وفي التسجيل الصوتي للمحادثة الذي بثته قناة "1+1" التلفزيونية الأوكرانية، يقول الطيار للمراقب الجوي أنه يرى "أضواء أشبه بصاروخ" على مساره، و"انفجارا"، طالبا توضيحات من برج المراقبة.

وأوردت كندا ليلة الكارثة فرضية إطلاق صاروخ أصاب الطائرة التي كانت تقل ركابا معظمهم إيرانيون وبينهم كذلك أفغان وبريطانيون وكنديون وسويديون وأوكرانيون.

ونفت السلطات المدنية الإيرانية ذلك بشدة مرجحة حصول حادث تقني، إلى أن أقرت القوات المسلحة الإيرانية فجر 11 كانون الثاني/يناير بأنها أسقطت الطائرة "عن طريق الخطأ".

وأقر قائد القوات الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة بالمسؤولية الكاملة عن الحادث، مشيرا إلى أنه نتج عن إطلاق صاروخ في اتجاه الطائرة إثر "قرار سيء" اتخذه جندي "في عشر ثوان" في وقت كانت تسود حالة تأهب قصوى خشية التعرض لهجوم أميركي.

صاروخ... ثم صاروخان

لكن في 20 يناير، أكدت منظمة الطيران المدني الإيرانية في التقرير عن تحقيقها أن صاروخين أطلقا في اتجاه طائرة البوينغ 737، طبقا لما أوحى به مقطع فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي بعد قليل على الكارثة.

من جهتها، تؤكد الحكومة التي وعدت بتحقيق شفاف يشمل جميع الأطراف، أنه لم يتم إبلاغها بالسبب الحقيقي لإسقاط الطائرة إلا بعد ظهر العاشر من يناير.

وأكد محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني مجددا الأربعاء "أقولها للمرة الأخيرة، الحكومة لم تكن على علم".

وتابع أن التسجيل الصوتي الذي تحدث عنه زيلينسكي نقل إلى الأوكرانيين و"بالتالي ليس سريا البتة"، مشيرا إلى أن طيار آسمان لا يقول "في أي مكان" من التسجيل إن الطائرة "أصيبت بصاروخ".

وأبدت منظمة الطيران المدني الإيرانية في بيان مساء السبت أسفها لبث التسجيل على التلفزيون الأوكراني، مشيرة إلى أن المحققين استمعوا إلى إفادة الطيار.

وشددت الهيئة على أنه في غياب معلومات من السلطات العسكرية قبل 11 كانون الثاني/يناير عن إطلاق صاروخ، خلص التحقيق في بادئ الأمر إلى "احتمال نشوب حريق في أحد المحركات أو حصول انفجار على متن" الطائرة.

أما الأضواء التي شاهدها الطيار، فاعتبرت مؤشرا إلى اندلاع حريق بحسب المنظمة التي أكدت عزمها على مواصلة التعاون مع الدول المعنية، داعية "جميع الأطراف إلى تفادي تسييس" الكارثة.

"شفافية وعدالة"

لكن ما يعزز الشكوك رفض إيران تسليم صندوقي الطائرة الأسودين إلى أوكرانيا أو إحدى الدول القليلة القادرة على استخراج بياناتهما وتحليلها حين يكون الصندوقان متضررين.

وبدل أن تسلم المنظمة الصندوقين الأسودين اللذين تعترف بعجزها عن استخراج بياناتهما، تؤكد أنها طلبت من "مكتب التحقيقات والتحاليل" الفرنسي والهيئة الوطنية الأميركية لسلامة النقل إمدادها بالمعدات الضرورية للقيام بذلك.

وكتب وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامبانيه مساء الثلاثاء على تويتر أن "الدول التي في حداد (على مواطنيها) تواصل دعوة إيران إلى تسليم الصندوقين الأسودين فورا"، وذلك بعد مؤتمر عبر الهاتف مع نظرائه الأفغاني والبريطاني والسويدي والأوكراني الذين أبدوا على غراره "قلقهم" حيال الموقف الإيراني.

وفي إيران أثار اعتراف القوات المسلحة بمسؤوليتها في المأساة تظاهرات محدودة الحجم ضد السلطة استمرت عدة أيام على وقع هتافات "كاذبون" و"حثالة".