أعلنت صحيفة الدايلي ستار اللبنانية توقّفها عن الصدور ورقيًا بشكل موقت جراء صعوبات مالية، في وقت يعاني قطاع الصحافة في لبنان تدهورًا منذ سنوات فاقمته أخيرًا أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.

إيلاف من بيروت: نشرت صحيفة الدايلي ستار، التي تمتلك عائلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أسهمًا فيها، على موقعها الإلكتروني أنها "تأسف للإعلان عن تعليق موقت لنسختها الورقية نتيجة التحديات المالية التي تواجه الصحافة اللبنانية والتي فاقمها تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد".

وأوضحت أن هذا القرار جاء بعد "تراجع في عائدات الإعلانات إلى حدّ توقفها في الربع الأخير من العام 2019، كما في شهر يناير من العام الحالي". وخلال الأشهر الماضية، أفاد موظفون في الصحيفة عن عدم تلقيهم رواتبهم.

قال صحافي غادر الصحيفة في نهاية العام الماضي إن الصحيفة تدين للبعض برواتب ستة أشهر. وفي العام 1952، أسس كمال مروة، مالك ورئيس تحرير صحيفة الحياة العربية حينذاك، صحيفة "الدايلي ستار"، التي أغلقت أكثر من عشرة أعوام خلال فترة الحرب الأهلية (1975-1990)، قبل أن تعود إلى الصدور عام 1996.

سلطة الانترنت
وبعد قرار تعليق الدايلي ستار في لبنان يطرح السؤال عن أسباب إقفال دور الصحافة في لبنان وتعثرها.

يقول الأكاديمي الدكتور أمين كركي لـ"إيلاف" إن التزايد في سلطة الانترنت، والانخفاض في الميزانيات الإعلانية للصحف التقليدية واتجاهها نحو وسائل الإعلام الالكترونية، وعدم اهتمام جمهور الشباب بالمطبوع، والتغيّر في أنماط التفكير والقراءة لدى مجتمع المعرفة، وانتصار ثقافة الحصول المجاني على كل شيء، كلها مجتمعة تشكل اليوم الأسلحة التي يتمسك بها الداعون إلى نهاية عصر قراءة الصحف في مقابل جيل آخر يرفع شعار"البقاء الأزلي لقراء الصحف"، كيف لا وهم من خلال قراءتهم للصحيفة يشركون كل حواسهم، ويؤكدون أن المطبوع لا يزال يملك ميزة اللمس والحواس والمسام التي تشارك كلها في عملية القراءة.

بين جيلين
يضيف كركي: "قراءة الصحف تتأرجح اليوم بين جيلين، جيل الشباب ومعه كل انواع التكنولوجيا، التي دخلت في أدق تفاصيل الرسالة الإعلامية، وجيل المخضرمين الذين لم يفقهوا من التكنولوجيا سوى صعوبتها وعدم قدرتهم على فك رموزها وطلاسمها"..
وبين الجيل القديم الذي لا يزال يتمسك بقراءة الصحيفة الورقية، وجيل الشباب، جيل الآي فون، والآي باد، صراع قد تكون الصحيفة الورقية ضحيته، فهل نحن أمام حتمية انتهاء جيل الصحف وقرائها، لولوج حقبة جديدة ترفع راية التكنولوجيا عاليًا؟.

يؤكد كركي: "لا شك أنه خلال العقود الخمسة الماضية كانت الصحافة جزءًاً من حياة الناس ومن تاريخ المجتمعات، ومرآة لكل ما يجري فيها، لكن مع منتصف التسعينات من القرن الماضي واجهت الصحافة الورقية تحديًا خطيرًا يتمثل في منافسة إلكترونية شرسة ووحش رقمي وعالم افتراضي تفاعلي غير محدود فتح آفاق المعرفة لأجيال جديدة، كما فتح الباب أمام تواصل غير مسبوق في العالم، ما أثر على الصحف المكتوبة في العالم، ووصل هذا التأثير أخيرًا إلى لبنان مع أزمة صحيفة "السفير" الأخيرة وأزمة إقفال دار الصياد أيضًا وأزمة تعليق الدايلي ستار.

أزمة حقيقية
ويؤكد الإعلامي أنطوان خوري في حديثه لـ"إيلاف" أن الصحف الورقية في لبنان تواجه أزمة حقيقية، والسبب يعود إلى سرعة الإعلام الإلكتروني، حيث يغطي كل الأخبار التي تُقرأ في اليوم التالي في الصحف المطبوعة، والصحف الورقية لا تزال تتميز بالتحليل السياسي والمهنية. ومن المتوقع أن المسار في لبنان هو باتجاه تحول كل الصحف الورقية إلى الكترونية.

كيف يمكن الحفاظ على مستقبل الصحف الورقية وعدم اندثارها؟. يجيب خوري أن الصحف الورقية في كل العالم تواجه أزمة، ففي السابق لم يكن من سبل لمعرفة الخبر فورًا، ولكن الأمور تغيرت، فالخبر بات يعرف بلحظته، وهذا تطوّر طبيعي للأمور، فلماذا يجب أن نحافظ على الصحيفة الورقية في وقت هناك بدائل منها؟.