اديس ابابا: قال محسن الجزولي،الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ،الجمعة بأديس أبابا، إن المغرب أدمج البعد البيئي في خططه التنموية بشكل استباقي، وأطلق إصلاحات سياسية،ومؤسساتية، وقانونية، وسوسيو -اقتصادية من أجل الانتقال نحو اقتصاد أخضر في أفق 2030.

وأوضح الجزولي، في مداخلة له خلال لقاء من مستوى عال حول ” التغيرات المناخية : استراتيجيات التكيف من أجل تعزيز صمود القارة الإفريقية “، أن هذا الالتزام الإرادي للمملكة المغربية تجسد من خلال اعتماد مجموعة من الاستراتيجيات القطاعية الأساسية من أجل ضمان توازن بين الأبعاد البيئية، والاقتصادية والاجتماعية بما يتوافق مع المعايير الدولية.

وأشار الوزير الجزولي، خلال هذا اللقاء الذي نظم بمقر الاتحاد الإفريقي، بمبادرة من المغرب، على هامش القمة الإفريقية، والذي تميز بحضور عدد من الوزراء ومندوبي الاتحاد الإفريقي، ومسؤولين أفارقة سامين، وخبراء من مستوى عال، إلى أن المملكة أطلقت أيضا مجموعة من المبادرات، كالاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، واستراتيجية التأهيل البيئي، وكذا الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة.

وأبرز أن المغرب ” ينتج اليوم أزيد من ثلث حاجياته من الطاقة من مصادر متجددة، ويطمح بلوغ أزيد من 50 في المائة في أفق 2030 “، مشيرا إلى أن المغرب كرس الحق في البيئة في الدستور.

وقال الجزولي إن هذا اللقاء ينعقد في وقت تواجه فيه القارة الإفريقية مجموعة من الكوارث الطبيعية، وتحديات بيئية جسيمة ذات انعكاسات سلبية على المعيش اليومي للمواطنين، وكذا على الأمن والسلام والنمو الاقتصادي للبلدان الإفريقية، مضيفا أن الظواهر الخطيرة المرتبطة بالتغيرات المناخية قد تخصم من الناتج الداخلي الخام في القارة ما بين 2 و4 في المائة في أفق 2040، وما بين 10 و25 في المائة نهاية هذا القرن.

وذكر الجزولي بأن إفريقيا تبقى رغم ذلك القارة الأقل تلويثا، حيث تساهم بأقل نسبة في انبعاثات الغازات الدفيئة ب 4 في المائة فقط من مجموع الانبعاثات عبر العالم، معتبرا أن إفريقيا، تؤدي بشكل غير منصف، ثمن الانعكسات الخطيرة لاختلال التوازن المناخي، رغم أنها، بالتأكيد، غير مسؤولة عنه.

وأشار إلى أن المغرب، المقتنع بأهمية العمل المشترك من أجل رد ملائم على ظاهرة التغيرات المناخية، نظم بمراكش، على هامش الكوب 22، القمة الإفريقية الأولى للعمل، بمبادرة من الملك محمد السادس، والتي التزم خلالها رؤساء الدول الإفريقية بتسريع المبادرات الرامية إلى تعزيز صمود إفريقيا أمام التغيرات المناخية التي تتطلب حلولا عاجلة، مشيرا إلى المبادرة الإفريقية من أجل الملاءمة، والمبادرة الإفريقية من أجل تكييف الفلاحة.

وأضاف أن هذه القمة عرفت أيضا إحداث ثلاث لجن خاصة بالمناخ في إفريقيا. ويتعلق الأمر بلجنة حوض الكونغو، واللجنة الخاصة بمنطقة الساحل، وكذا اللجنة المتعلقة بالدول الجزرية، وهو ما يؤكد الوعي المتنامي لمجموع البلدان الإفريقية بخطورة الظاهرة المناخية.

وشدد الجزولي أن مواكبة هذه الدينامية تتطلب تظافرا للجهود من أجل تعزيز المبادرات التي تم إطلاقها من خلال ” خلق آلية مالية داخل مفوضية الاتحاد الإفريقي مخصصة للتغيرات المناخية، وتعزيز قدرات الفاعلين الوطنيين وداخل الوحدة المكلفة القضايا المرتبطة بالتغيرات المناخية، وتبادل الممارسات الجيدة وتعزيز التكامل والتنسيق بين البلدان “.

وأضاف أن المغرب أنشأ في هذا الإطار “مركز كفاءات التغير المناخي”، والذي من شأنه دعم كفاءات الفاعلين الوطنيين ومواكبة افريقيا من أجل تعزيز الصمود في وجه التغيرات المناخية.

ويندرج هذا اللقاء حول التغيرات المناخية في إطار جهود المملكة التي تعتبر رائدة في هذا المجال على المستوى القاري وكذا على مستوى منظمة الأمم المتحدة.

كما شكل هذا اللقاء فرصة للمشاركين لتبادل الأفكار والمعلومات حول قضية تسائل جميع بلدان القارة الإفريقية. كما أكدوا على ضرورة إطلاق مبادرة مشتركة تقودها بلدان ، مثل المغرب، والذي تحظى جهوده في مجال مكافحة التغيرات المناخية بإشادة واسعة على المستويين القاري والدولي.
وقال كوارتي طوماس كويسي،نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إن المغرب نجح في تطوير تجربة وخبرة كبيرتين، تضعانه في مقدمة البلدان الإفريقية، معربا عن أمله في أن تستفيد القارة من تجربة المغرب من أجل التصدي لقضية تمس مستقبل إفريقيا بشكل مباشر.

وخلص كويسي إلى أن ريادة المغرب في هذا المجال واضحة ونأمل أن نسنفيد منها خاصة في قطاع الطاقات المتجددة الدقيق.

من جانبه، أعرب محمد الأمين سويف، وزير الخارجية والتعاون الدولي لجزر القمر عن امتنانه للمغرب الذي نظم هذا اللقاء حول موضوع يهم ليس فقط إفريقيا لوحدها بل الإنسانية جمعاء.
وقال إن البلدان الإفريقية تواجه انعكاسات التغيرات المناخية بتجلياتها المتنوعة وعلى رأسها الفيضانات ومواسم الجفاف، مشيرا إلى أن المغرب كان دائما بلدا رائدا وحاضرا في البحث عن الحلول أمام هذا النوع من المشاكل التي تواجهها البلدان الإفريقية.

وأضاف أن رسالة المغرب خلال هذا اللقاء تم التقاطها على النحو الأمثل، مشددا على أن مبادرة المملكة لقيت ترحابا كبيرا من قبل مختلف الوزراء الأفارقة الذين حضروا هذا اللقاء.

وأوضح سويف أن التغيرات المناخية توجد ضمن مجالات التعاون المكثف بين المغرب وجزر القمر، مشيرا إلى أن هذه القضية ستكون ضمن جدول أعمال اللجنة المشتركة بين البلدين، والتي ستنعقد قريبا، بهدف الاستفادة من تجربة المغرب في هذا المجال.

وفي السياق ذاته، قالت جوزيفا ليونيل كوريا ساكو، المفوضة الإفريقية المكلفة الاقتصاد القروي والفلاحة، أن المغرب طور تجربة كبيرة في هذا المجال.

وأضافت أن إفريقيا " ستربح كثيرا " من تجربة المغرب، مشيرة إلى أن المفوضية الإفريقية تعتزم تعيين مستقبلا رائدا للاتحاد الإفريقي في مجال التغيرات المناخية من أجل الدفع بالنقاشات حول هذه القضية والبحث عن الحلول الضرورية للتحديات المطروحة.

وعرف اللقاء حضور عدة وزراء خارجية أفارقة ضمنهم اسماعيل ولد الشيخ وزير خارجية موريتانيا ، ورمضان لعمامرة وزير خارجية الحزائر السابق.