واشنطن: أقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة، بعد يومين على تبرئته في مجلس الشيوخ من التّهمتين اللتين وجّههما إليه مجلس النواب بقصد عزله من منصبه، سفيرًا وضابطًا في الجيش أدليا بشهادتين اعتبرتا أساسيتين في بناء القرار الاتّهامي ضدّه، في خطوة وضعها خصوم الرئيس الجمهوري في خانة "الانتقام".

وبعد ساعات على طرد اللفتنانت كولونيل ألكسندر فيندمان من البيت الأبيض، حيث كان يعمل في مجلس الأمن القومي، بحسب ما أعلن محاميه، أقال ترامب السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوربي غوردون سوندلاند، بحسب ما أعلن الأخير.

ونقلت وسائل إعلام عدة، بينها صحيفة "نيويورك تايمز"، عن سوندلاند قوله في بيان "لقد أُبلغت اليوم بأنّ الرئيس يعتزم استدعائي في الحال من منصب سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي".

أتى بيان السفير بعيد إعلان ديفيد بريسمان، محامي اللفتانت كولونيل في الجيش الأميركي الكسندر فيندمان، أنّ موكّله طرد من عمله في البيت الأبيض.

انتقام
سارع خصوم ترمب الديموقراطيون إلى التنديد بإقالة هذين المسؤولين، معتبرين أنّهما ضحيّة "إجراءات انتقامية" من جانب الرئيس. كتب النائب مارك ديسولنييه في تغريدة على تويتر أنّ "السفير سوندلاند واللفتنانت كولونيل ألكساندر فيندمان هما موظفان عموميان شجاعان وبطلان ووطنيان".

أضاف "انتقام ترمب منهما لقولهما الحقيقة هو عمل جدير بالطغاة والمجرمين، وليس برئيس أكبر ديموقراطية في العالم".

بدوره قال السناتور رون وايدن إنّ إقالة هذين المسؤولين الدبلوماسي والعسكري "هي فعل إساءة استخدام للسلطة جديد من جانب الرئيس".

لسنا مثل ترمب
خلال مناظرة بين المتنافسين على الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر، دعا نائب الرئيس السابق جو بايدن الحضور إلى التصفيق وقوفًا تحيةً للضابط فيندمان. وقال بايدن "لسنا مثل ترمب".

وكان مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون برّأ الأربعاء ترمب من تهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس اللتين وجّههما إليه مجلس النواب الخاضع لسيطرة الديموقراطيين. والسفير الأميركي لدى بروكسل قدّم مليون دولار مساهمة في حفل تنصيب ترمب الذي عيّنه بعد ذلك سفيرًا لدى الاتّحاد الأوروبي.

مع ذلك، أشار سوندلاند في 20 نوفمبر إلى تورّط مباشر لترمب في مخطط لإجبار أوكرانيا على فتح تحقيق بشأن نائب الرئيس جو بايدن، الأوفر حظًا لنيل بطاقة الترشيح الديموقراطية لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة ضد الرئيس الجمهوري.

قال سوندلاند في شهادة مدوية نقلت وقائعها مباشرة على الهواء إنّه نفّذ أوامر ترمب لعقد صفقة مع أوكرانيا كي تفتح تحقيقًا بشأن بايدن مقابل عقد قمة بين الرئيس الأميركي ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض.

اعتبر الديموقراطيون أنّ شهادة سوندلاند تدعم بقوة الأدلة على أنّه أساء استخدام السلطة، وهي إحدى التّهمتين اللتين وجّهتا إلى الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، لكنّ مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حلفاؤه الجمهوريون برّأه منهما الأربعاء. وأتى بيان سوندلاند بعيد إعلان المحامي ديفيد بريسمان أنّ موكّله ألكسندر "فيندمان طُلب منه المغادرة لقوله الحقيقة".

لست راضيًا عنه
وكان ترمب أبلغ قبل ذلك بساعات الصحافيين أنّه يريد رحيل فيندمان. وقال "لست راضيًا عنه". أضاف "أتعتقدون أنه من المفترض أن أكون راضيًا عنه"، متابعًا "لست كذلك".

فيندمان الذي شغل منصب مدير الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي كان حاضرًا خلال المكالمة الهاتفية التي جرت في 25 يوليو، وطلب خلالها ترمب من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فتح تحقيق في أوكرانيا بحق منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن.

ويعتبر الديمقراطيون أنّ هذه المكالمة كانت جزءًا من مؤامرة لإجبار حليف أجنبي على المساعدة على التلاعب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر.

وقال فيندمان المولود في أوكرانيا، والذي استدعاه الكونغرس للإدلاء بشهادته حول هذه القضية، إنّ سلوك ترمب كان "غير لائق".
أضاف "من غير اللائق لرئيس الولايات المتحدة أن يطالب حكومة أجنبية بالتحقيق مع مواطن أميركي وخصم سياسي".

ساعدت تلك الشهادة على بناء القضية لمحاكمة ترمب في مجلس الشيوخ من أجل عزله، وأصبح بذلك ثالث رئيس في تاريخ البلاد يخضع لهذا الإجراء. وقال بريسمان إنّ موكله "تمّت مرافقته إلى خارج البيت الأبيض الذي خدم فيه بلده ورئيسه بإخلاص".

شقيقه أيضًا
وذكرت وسائل إعلام أميركية أنّ يفغيني، الشقيق التوأم لألكسندر، وهو أيضًا ضابط برتبة لفتاننت كولونيل، طرد في الوقت نفسه من عمله كمحام في مجلس الأمن القومي.

قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي جون أوليوت "نحن لا نعلّق على أمور تتعلّق بموظفينا". ولم يؤكّد البنتاغون أيضًا طرد فيندمان من مجلس الأمن القومي، والذي من المتوقع أن يعود إلى مهامه في الجيش.

وكان وزير الدفاع مارك إسبر صرّح في وقت سابق للصحافيين "نحن نرحّب بعودة بجميع أفرادنا لتأدية أي مهمة توكل إليهم حيثما كانوا يخدمون". وأضاف إسبر "نحن نحمي جميع موظفينا وجنودنا من أيّ قصاص أو شيء من هذا القبيل".

لكنّ محامي فيندمان قال "لا يوجد شك في عقل أيّ أميركي لمَ خسر هذا الرجل وظيفته". أضاف "الحقيقة كلّفت اللفتانت كولونيل ألكسندر فيندمان وظيفته ومهنته وخصوصيته، لقد خدم بلده حتى عندما كان ذلك محفوفًا بالمخاطر والتهديد الشخصي". تابع "لهذا السبب فإنّ أقوى رجل في العالم، مدعومًا بالصامتين والخاضعين والمتواطئين، قرّر أن ينتقم".