إيلاف: قدَّم المبعوث الأميركي إلى سوريا "جيمس جيفري" وصفًا جديدًا لـ"هيئة تحرير الشام"، اعتبره بعض المتابعين تغييرًا في الموقف الأميركي من الهيئة، في حين ترددت أنباء اليوم عن أن الهيئة حلت نفسها، وسلمت أسلحتها الثقيلة، مع تقدم كثيف لقوات تركية.

أكد جيفري في مؤتمر صحافي الخميس الماضي أن هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) تركز على قتال نظام الأسد، ولم يُشهد لها تهديد على المستوى الدولي منذ فترة من الزمن وَفْق تعبيره.

للمزيد من التفاصيل حول مواقف واشنطن من الهيئة، وما الجديد، ولماذا يقول جيفري أنها تغيرت ولم تعد تشكل خطرًا، وهل هذا يعني توافقًا تركيًا أميركيًا حولها، اعتبر فاتح حسون القيادي في حركة تحرير وطن، في تصريح لـ"إيلاف" أن "مواقف جيفري الأخيرة حول هيئة تحرير الشام لم تثر الكثير من الاستغراب في صفوف المطلعين، فلم يحدث سابقًا أن حدث "صدام مباشر بين هيئة تحرير الشام والولايات المتحدة في سوريا أو خارجها، لا بل قامت الولايات المتحدة باستهداف قياديين محددين في الهيئة محسوبين على الجناح المتشدد فيها، في الوقت الذي كانت لها قدرة على استهداف رأس الجولاني، ولم تفعل".

الانتخابات
وقال حسون إن هذا لا يثير الريبة إذا علمنا أن "الطرف الذي تمتع بكفاءة عالية في مكافحة إرهاب تنظيم داعش هو هيئة تحرير الشام، التي تعتبر أخبر الفصائل بطريقة تقويض نفوذ داعش، وعملت على ذلك بجهد كبير، متجاوزة كل الحدود في ذلك. لا بل كان لها دور واضح في تسليم رأس البغدادي إلى ترمب، ليحقق بذلك إنجازًا تاريخيًا، سيستثمره في الانتخابات الرئاسية المقبلة في أميركا".

وأوضح أن أدبيات هيئة تحرير الشام وسياستها داخل سوريا وخارجها "تبدلت تدريجيًا عمّا كانت عليه عندما انطلقت تحت مسمى جبهة النصرة، فقد مرت بمرحلة قطع ارتباطها مع تنظيم القاعدة بشكل غير كامل، عندما حلت نفسها تحت مسمى جبهة فتح الشام، ثم تابعت فك ارتباطها بشكل كامل تحت مسمى هيئة تحرير الشام، وفي كل مرحلة من تلك المراحل استغنت عن قيادات، وبدلت معتقدات، والتزمت بسلوكيات أقرب إلى الاعتدال شيئًا فشيئًا".

تابع إن هذا "فعل يمكن البناء عليه من أجل التخلص السلمي والهادئ من التشدد، وهو ما ساهمت الولايات المتحدة - ولو كان بدرجة قليلة - في تحقيقه، في الوقت الذي عمل فيه كل من إيران وروسيا على منعه بتسهيل تشكيل تنظيمات ذات ارتباطات وثيقة بالقاعدة".

كبح جماح
لكن روسيا لا تزال تمعن في قتل وتهجير المدنيين في منطقة إدلب تحت ذريعة محاربة هيئة تحرير الشام المصنفة في لوائح الاٍرهاب الدولية، وهذا ما رأى فيه حسون أنه لكبح "جماح روسيا وسحب الذريعة منها فقد لوّحت الولايات المتحدة لها بإمكانية سحب هذه الذريعة منها تدريجيًا بشكل مبطن في تصريحات المبعوث جيفري".

أضاف إن هذا هو الوقت الأنسب لهيئة تحرير الشام لتخطو خطوات جادة وثابتة لتساهم في خروجها من لوائح الاٍرهاب، فإشارة الولايات المتحدة واضحة، وآن الأوان للهيئة لتقبض ثمن الوقوف في وجه إرهاب تنظيم داعش وتسليم رأس خليفته بأن تحل نفسها وتدخل في العملية السياسية بأدوات وآليات جديدة، وإلا سيفوتها القطار.

وانتهى الى القول إنه رغم كل ملاحظاتنا على "طامات الهيئة وخلافاتنا الجوهرية معها فليست هي العدو الذي نرى أولوية قتاله حاليا في ظل تقدم قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية، وهذا ما يعيه المطلعون، فبعد القضاء على داعش لم يجد التحالف الدولي بدًا من التعامل مع من تبقى منهم بشكل سلمي، وهي نتائج من الجيد أن نستفيد منها".

قال جيفري في مؤتمر صحافي إن بلاده ما زالت تصنّف "النصرة أو هيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب"، مستطردًا: "غير أنها ركزت منذ زمن على قتال نظام الأسد".

أضاف إن "تحرير الشام" تُعرِّف عن نفسها بأنها تمثل مجموعة معارضة وطنية تضم مقاتلين، وليس إرهابيين، وقال: "لكننا لم نقبل بهذا الوصف بعد".

تابع إن واشنطن لم تشهد للفصيل أي تهديدات على المستوى الدولي منذ فترة، لافتًا إلى أن بلاده قامت بعدد من العمليات العسكرية ضد بعض المجموعات، التي تصنفها كإرهابية في إدلب، وضد متزعم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي الذي كان متواجدًا فيها.

يُشار إلى أن "هيئة تحرير الشام" تنتشر في محافظة إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية المتاخمة لها، وتُعتبر القوة العسكرية الكبرى في المنطقة بعد مهاجمتها الكثير من الفصائل واستيلائها على سلاحهم وأموالهم.

تسليم
وترددت الْيَوْم أنباء عن حل هيئة تحرير الشام لنفسها بعدما كانت هي التي تمسك بجميع المفاصل الأمنية والعسكرية في محافظة إدلب والأرياف المحيطة، وما جرى من تسليمها للمناطق الاستراتيجية المهمة من دون مقاومة كبرى.

تدور داخل الأروقة تفاصيل حل هيئة تحرير الشام لنفسها، وذلك قبل البدء بعمل عسكري تركي ضد قوات النظام، وجرت تسريبات حول تسليم الأسلحة والثقيلة والمستودعات والإدارات لفصيل فيلق الشام، واعتبار جميع عناصر هيئة تحرير الشام في حل من فصيلهم، ولا يتحملون أية مسؤولية، ويبقى السلاح الفردي الخفيف معهم ليشارك من أراد في المعارك بشكل فردي أو ينضم إلى فصيل آخر، واعتبار الجولاني ومن معه من قادة الصف الأول عناصر لا يمثلون إلا أنفسهم، ويحذر من الظهور الإعلامي تحت طائلة الملاحقة والسجن.