أديس أبابا: تعهد قادة دول الاتحاد الأفريقي الاثنين بدفع جهود السلام في ليبيا، في مؤشر على رغبة الاتحاد في لعب دور أكبر في حل النزاعات في القارة.

ومع اختتام قمة الاتحاد التي تضم 55 عضوا واستمرت يومين، عرض مفوض الاتحاد الافريقي للسلم والأمن اسماعيل شرقي، المساعدة على احياء عملية السلام المتعثرة في ليبيا والتي تقودها الأمم المتحدة.

وقال "الأمم المتحدة نفسها هي التي تحتاج الينا الآن".

واضاف "حان الوقت لكي ننهي هذا الوضع .. يجب على المنظمتين أن تعملا يدا بيد لتحقيق هذا الهدف".

وتغرق ليبيا التي تحوي احتياطات النفط الأكثر وفرة في افريقيا، في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 عقب ثورة شعبية وتدخل عسكري قادته فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا الذي تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي الاحد، ان ليبيا تعاني احد نزاعين في القارة، مؤكدا رغبته في التركيز على حلها خلال فترة رئاسته.

والنزاع الآخر هو في جنوب السودان حيث تدور حرب أهلية منذ 2013 أدت إلى مقتل مئات الالاف. إلا أن المحادثات التي جرت على هامش القمة انتهت الى طريق مسدود.

انقسامات وخلافات

قال الاتحاد الأفريقي انه تم تجاهله في جهود السلام المتعلقة بليبيا، والتي قادتها الامم المتحدة بمشاركة كثيفة من الدول الأوروبية.

ودعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت مبادرة تنظيم مؤتمر مصالحة اعلنها نهاية كانون الثاني/يناير أثناء قمة نظمتها لجنة الاتحاد الافريقي بشأن ليبيا في جمهورية الكونغو.

وعبّر غوتيريش أيضا عن تفهمه ل"احباط" الاتحاد الافريقي الذي "اُستبعد" حتى الآن من الملف الليبي.

والنزاع محتدم في ليبيا منذ نيسان/ابريل 2019، إذ تدور معارك جنوب طرابلس (غرب) بين قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة، وقوات المشير خليفة حفتر التي شنت هجوما للسيطرة على العاصمة.

والمشير حفتر مدعوم أساسا من الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا. وتدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني.

ودخلت هدنة هشّة حيز التطبيق يوم 12 كانون الثاني/يناير، وتجري جهود لتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وانتهت السبت اجتماعات اللجنتين العسكريتين، الممثلتين لطرفي النزاع، في جنيف برعاية الأمم المتحدة، بدون الوصول إلى اتفاق.

وقال شروقي أن الاتحاد الأفريقي يمكن أن يدعم السلام في حال التوقيع على اتفاق لانهاء العداوات، معلنا أن الاتحاد يرغب في أن يشارك في بعثة مراقبة لضمان احترام اي اتفاق.

واعتبر شرقي ان ما يحصل في ليبيا "مشكلة افريقية، ونحن لدينا حساسية (تجاه الموضوع) قد لا تكون عند غيرنا"، في تجاوب مع مطالبة عدة زعماء أفارقة خلال الأسابيع الأخيرة بأن يكون للاتحاد الافريقي دور أكبر في الملف.

ورغم تفاؤل الاتحاد الأفريقي، إلا أن المحللين متشككون.

فقد أشار المراقبون الى انه يتعين على الاتحاد الأفريقي التغلب على القيود المالية والانقسامات السياسية إذا ما أراد تحقيق هدفه ب"اسكات الأسلحة"، وهو شعار القمة.

وقال محمد دياتا الباحث في معهد الدراسات الأمنية ان "الاتحاد الأفريقي سيقوم بالدور الذي ترغب اطراف النزاع السماح له به".

وأضاف "إذا كانت الاطراف المتنازعة تعتقد أن الاتحاد الأفريقي بإمكانه تقديم حل، فإنها ستتوجه له، ولكن القرار في ذلك ليس بيد الأمم المتحدة".

إلا أن على الاتحاد الأفريقي انهاء الانقسام الداخلي وتبني موقف مشترك من ليبيا، بحسب دياتا.

ولكن ثمة شكوك كثيرة في قدرة الاتحاد على اداء دور محوري في الوساطة الليبية.

ورأت الخبيرة في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة قدرة الاتحاد الافريقي على العمل مع دور الأمم المتحدة، في جوانب ليس أقلها المعرفة والحضور الميداني".

موقف متشدد من جنوب السودان

في هذه الأثناء حاول قادة الاتحاد دفع طرفي النزاع في جنوب السودان إلى التوصل الى اتفاق.

ويواجه الرئيس سيلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار مهلة نهائية هي 22 شباط/فبراير لتشكيل حكومة وحدة، وهي العملية التي تأجلت مرتين العام الماضي.

والتقى رامابوسا مع كير ومشار على انفراد السبت، وجلس الخصمان في نفس الغرفة الاحد مع الرئيس الاوغندي يوري موسيفيني ورئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك.

وحمدوك هو الرئيس الحالي للهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا(ايغاد) التي تقود المفاوضات للتوصل الى السلام في جنوب أفريقيا.

إلا أن النشاطات المكثفة على هامش قمة الاتحاد الأفريقي لم تثمر عن انفراج في النزاع بشأن عدد الولايات في جنوب السودان، وهي قضية شائكة لأن الحدود ستخلق انقسامات في السلطة والسيطرة في البلد الناشئ.

وفي بيان ذكرت ايغاد أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية "تأجل مرتين في أيار/مايو وتشرين الثاني/نوفمبر، وأي تمديد آخر غير مرغوب فيه ولا قابل للتنفيذ في هذه المرحلة من مسار السلام".

وغرق جنوب السودان في حرب أهلية عام 2013، بعد عامين فقط على استقلاله عن السودان. وبدأ الأمر عقب توجيه كير، المنتمي إلى اتنية الدنكا، الاتهام لمشار، المنتمي إلى اتنية النوير، بالتخطيط لتنفيذ انقلاب عسكري.

وشهد النزاع ارتكاب فظائع، بينها القتل والاغتصاب واسفر عن سقوط 380 ألف قتيل وعن أزمة إنسانية كارثية.