وسط جدل سياسي وقانوني واحتجاج من ناشطي حقوق الإنسان، غادرت مجموعة ممن قررت الحكومة البريطانية ترحيلهم إلى جامايكا وطنهم الأم بعد إكمالهم مدد محكومياتهم في السجن لارتكابهم جرائم بحق المجتمع.

وضمت الرحلة نحو 17 شخصا بينما لم يصعد على طائرة الترحيل نحو 25 ممن طالهم القرار القضائي الصادر عن محكمة استئناف لندن بعدم الترحيل لعدم تمكنهم من الحصول على المشورة القانونية لمشاكل في الهاتف بالقرب من مركز الاحتجاز.

وقال وزير الخزانة البريطانية ساجد جاويد الذي كان صدر القرار بترحيل المواطنين الجامايكيين خلال توليه منصب وزير الداخلية في عهد حكومة تيريزا ماي، إن الذين شملهم الترحيل ليسوا بريطانيي الجنسية، انهم مذنبون بارتكاب جرائم خطيرة مثل الاغتصاب وتهريب المخدرات.

وأكد جاويد ردا على مطالب بقاء المشمولين بقرار الترحيل في أراضي المملكة المتحدة: "كل شخص على متن الطائرة هو مجرم أجنبي. إنهم ليسوا بريطانيين ، وهم ليسوا أعضاء في جيل (Windrush)، وهم جميعًا مذنبون بارتكاب جرائم خطيرة، ويتلقون أحكامًا بالسجن لمدة 12 شهرًا على الأقل".

ويقول نشطاء إن بعض الأشخاص المتضررين عاشوا في المملكة المتحدة منذ أن كانوا أطفالًا، وارتكبوا جرائم لمرة واحدة عندما كانوا صغارًا وليست لديهم روابط بجامايكا.

لا اعتذار

ومن جهته، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية: "نحن لا نعتذر عن محاولة حماية الجمهور من الجناة الأجانب الجادين والعنيفين".

وكان أكثر من 170 نائبا قد حثوا الحكومة على إيقاف الرحلة ، التي استأجرتها وزارة الداخلية بشكل خاص. ودافع مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينغ ستريت عن قرار الترحيل.

وأكد المتحدث باسم رئيس الوزراء بوريس "أن بعض من كانوا من المرحلين على متن الطائرة أدينوا بالقتل الخطأ والاغتصاب والعنف وتجارة المخدرات".

تذكير

وإلى ذلك، فإن قرار وزارة الداخلية البريطانية، ترحيل المواطنين الجماياكيين يعيد إلى الأذهان فضيحة "جيل وندرش" (Windrush Generation)، التي أدت الى تغيير وزيرة الداخلية حينها أمبر رود.

يذكر ان فضيحة ما يسمى "جيل الريح - Windrush Generation"، التي تفجرت في عهد حكومة تيريزا ماي 2018 تتعلق بأشخاص من أصل كاريبي جاؤوا إلى المملكة المتحدة بين عامي 1948 و1970، بعضهم على متن قارب يسمى The HMT Empire Windrush.

وبعد صدور قانون الجنسية البريطاني في عام 1948، اعتبروا "قانونا" مواطنين بريطانيين، لأنهم ولدوا في أراضٍ كانت آنذاك مستعمرات بريطانية، ثم استقروا في المملكة المتحدة، يعملون ويدفعون الضرائب كغيرهم من المواطنين الأصليين.

يذكر أن بعض هؤلاء جاء إلى المملكة المتحدة بوثائق ذويهم، ولم يتقدموا بشكل رسمي للحصول على الجنسية البريطانية أو لاستخراج جواز سفر بريطاني.

وكانت الفضيحة أخذت أبعادًا جديدة، حين كشف النقاب عن أن وزارة الداخلية لم تحتفظ بسجل للأشخاص الذين تم منحهم إجازة للبقاء أو إصدار أي أوراق تؤكد ذلك - وهذا يعني أنه من الصعب على الوافدين من ذلك الجيل إثبات أنهم موجودون في المملكة المتحدة بشكل قانوني.

تدمير بطاقات

وفي العام 2010، دمرت وزارة الداخلية بطاقات الدخول الخاصة بأولئك المهاجرين لأنهم جاؤوا من المستعمرات البريطانية التي لم تكن حققت الاستقلال، بينما هم كانوا يعتقدون أنهم مواطنون بريطانيون.

وحينها قال تقرير لـ(بي بي سي) إنه من غير الواضح عدد الأشخاص الذين ينتمون إلى ذلك الجيل، لأن العديد من أولئك الذين وصلوا كأطفال كانوا يسافرون على جوازات سفر الآباء، ولم يقدموا طلبًا للحصول على وثائق السفر - ولكن يُعتقد أنهم بالآلاف.

وتشير تقديرات مرصد الهجرة في جامعة أكسفورد إلى أن هناك الآن 500000 شخص مقيم في المملكة المتحدة ولدوا في دولة الكومنولث، ووصلوا قبل عام 1971 - بما في ذلك الوافدون من ذلك الجيل.

قانون الهجرة

يذكر أن عمليات تدفق المهاجرين أدت إلى إصدار قانون الهجرة لعام 1971، عندما تم منح مواطني الكومنولث الذين يعيشون بالفعل في المملكة المتحدة إجازة غير محددة للبقاء.

بعد ذلك، يمكن لحامل جواز السفر البريطاني المولود في الخارج أن يستقر في المملكة المتحدة فقط إذا كان لديه تصريح عمل أولًا، وثانيًا، يمكن أن يثبت أن أحد الوالدين أو الجدين قد ولد في المملكة المتحدة.

وأصبح العديد من الوافدين من الكاريبي أو الكومنولث عمالًا يدويين، عمال نظافة، سائقين أوممرضات وممرضين، وبعضهم فتحوا مساحات جديدة لتمثيل البريطانيين السود في المجتمع.