أسامة مهدي: فيما استعاد متظاهرون اليوم مناطق بوسط بغداد حاولت القوات الأمنية فتحها بعد ان سيطروا عليها لأشهر.. فقد حذرت مفوضية حقوق الانسان من لجوء فلسطينيي البلاد الى ساحة التحرير، بينما دعت لندن بغداد الى العمل على وقف اغتيالات الناشطين والاعلاميين في حين شكل العراق وفدين للتفاوض مع الناتو لاستئناف تدريب قواته.

وأعلنت المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان الاربعاء أن المئات من العوائل الفلسطينية في العراق والمهددة بطردها من منازلها تعتزم التوجه الى ساحة التحرير وسط بغداد للاحتجاج على الاوضاع الصعبة التي تمر بها.

وأشار عضو المفوضية علي البياتي في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" وتابعتها "إيلاف" الى انه "بعد قطع ‫مفوضية شؤون اللاجئين بدلات الايجار المخصصة لهم فإن 300 عائلة فلسطينية في بغداد اغلب افرادها من المرضى وكبار السن والأطفال والأرامل مهددة بالتشرد في العراق".

متظاهر عراقي في ساحة التحرير وسط تساقط الثلوج على بغداد

وأضاف أن "هنالك نية للتوجه الى ساحة التحرير للبحث عن حلول مع أهل البلد المطالبين بحقوقهم منذ 4 اشهر.

وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة الى الامم المتحدة قد أبلغت مؤخرا اللاجئين الفلسطينيين في العراق المشمولين ببرنامج بدل الإيجار بأن شهر فبراير الحالي سيكون آخر شهر لصرف مخصصات الإيجار لهم.

يشار الى ان عدد الفلسطينيين في العراق قد تناقص من حوالي 40 الفا عام 2003 الى حوالي 4 الاف حاليا بعد أن تعرضوا لعمليات قتل وتهجير عقب سقوط النظام السابق بذريعة دعمهم للرئيس السابق صدام حسين.

وتعليقا على ذلك، كتب رئيس المرصد العراقي للحريات الصحافية هادي جلو مرعي على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا "التشرد يهدد آلاف اللاجئين الفلسطينيين في العراق.. العاصمة التي رفضت صفقة القرن كيف ترضى بتشريد الفلسطينيين في شوارعها.. الكرة في ملعب الدول والزعامات والحركات الرافضة لصفقة القرن.. نسخة منه الى: مجلس النواب العراقي، الحكومة العراقية، وزارة الهجرة والمهجرين، القوى والفعاليات الرافضة لصفقة القرن والمدافعة عن قضية الشعب الفلسطيني".

المتظاهرون يستعيدون مناطق بوسط بغداد حاولت القوات فتحها

وفيما أعلنت قيادة عمليات بغداد اليوم المباشرة بفتح طرق أبو نواس وشارع الرشيد وجسر السنك وساحتي الوثبة والسنك وسط بغداد، فقد استطاع المحتجون استعادة قسم منها حيث حذرتهم القوات من استهدافها مؤكدة انها خصصت قوة لحمايتهم.

وقالت "اللجنة المنظمة لمظاهرات تشرين" في بيان مقتضب بعد ظهر اليوم تابعته "إيلاف" إن " المتظاهرين يتمكنون من استعادة شارع الرشيد وإغلاقه وأجزاء من الخلاني ردا على محاولات محاصرة ساحة التحرير". كما قام محتجون آخرون بغلق الطرق المؤدية الى هذه المناطق بالاطارات المحترقة.

وقبل ذلك، قالت القيادة في بيان صحافي تابعته "إيلاف" انها باشرت بفتح مناطق وجسور وسط العاصمة وحذرت من التظاهر خارج ساحة التحرير. واوضحت انها تقوم الان بفتح مناطق ساحة الخلاني وشارع الرشيد وساحة الوثبة وجسر السنك الذي يربط جانبي بغداد.. موضحة انها مستمرة بواجباتها لتأمين وحماية مصالح المواطنين الخاصة والعامة وحركة السير في العاصمة.

وكانت هذه المناطق شهدت صدامات دامية بين المحتجين والقوات الأمنية خلال الأشهر الماضية وكانت الكتل الخرسانية هي التي تفصل بين الطرفين هناك.

وأكدت القيادة تعاون القوات الأمنية مع المتظاهرين السلميين داخل ساحة التحرير وحذرت من الاندفاع الى خارجها أو استخدام الوسائل التي تدخل في مجال العنف ضد القوات الأمنية لأنها ستتخذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق معايير حقوق الإنسان والقوانين النافذ.

وأشارت القيادة الى تخصيص قوة حماية للمتظاهرين السلميين بعد أن حددوا منطقة التظاهر في ساحة التحرير.. لكنه يلاحظ ان متظاهري الساحة يتعرضون في كل يوم لاعتداءات من مسلحين من دون ان تقوم القوات الأمنية بالتصدي لهم او أعتقال أي منهم كان اخرها الليلة الماضية حين هاجمت مجموعة من انصار مقتدى الصدر المتظاهرين بالطعن بالسكاكين.

وفدان عراقيان لمباحثات مع الناتو

واليوم أعلن اللواء عبد الكريم خلف المتحدث العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية عن تشكيل وفدين عراقيين للتفاوض مع حلف الناتو لإيجاد نافذة جديدة للتعاون.

مقتل المتظاهر حسن أحمد السعبري متأثراً بجراحه التي أصيب فيها باعتداء أنصار الصدر في النجف

وقال خلف في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية وتابعته "إيلاف" إن "الحكومة العراقية لديها خيارات عديدة لتحديد شكل العلاقة مع حلف الناتو".. موضحا أن"هذه الخيارات ما زالت قيد النقاش والمحادثات لأنها ترتبط مع دول عديدة داخل الحلف وليست دولة واحدة".

وأشار خلف الى أن"العراق لديه تعاون مع فرنسا وكندا وبريطانيا وحتى الولايات المتحدة بقضايا التدريب".. مؤكداً أن "أفضل طريقة للتعاون التي تلبي احتياجات وزارة الدفاع العراقية هي من سيتم اختيارها".

وأوضح أن"البرنامج الموجود مع حلف الناتو منذ عام 2012 ما زال مستمراً لكن العراق يرغب بايجاد نافذة جديدة تكون شكلاً من أشكال العلاقة الجديدة مع الحلف ".. ولفت الى أن"الحكومة العراقية شكلت وفدين أحدهما برئاسة وزير المالية فؤاد حسين باعتبار أنه كان متواجداً في مؤتمر دافوس وحضر اللقاءات مع قادة دول الناتو لكي يستكمل هذه الحوارات مع وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات. وتابع أن"الوفد الثاني برئاسة مستشار الأمن الوطني رئيس هيئةالحشد الشعبي فالح الفياض".

وأشار الى أن"الحوارات ما زالت مستمرة وجزء منها يخص التدريب ومواضيع أخرى بشأن التعاون". وقال إن"العراق يبحث عن آليّة تعاون جديدة تعمل وفق شراكة يحترمها الجميع وخاصة سيادة العراق وأن يكون القرار بيد القيادة العراقية".

ويأتي تشكيل الوفدين العراقيين بعدما أعلن حلف الناتو مؤخرا ان لديه مهمات تدريب ونصائح غير قتالية تهدف إلى تطوير قوات الأمن العراقية ولكنه قد تم تعليق كل منهما بسبب المخاوف من عدم الاستقرار الإقليمي بعد أن قتلت غارة أميركية بطائرة مسيرة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني صحبة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية ابو مهدي المهندس في بغداد في الثالث من الشهر الماضي.

ومن جهته، قال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج إن الحلف سيسعى أولاً إلى استئناف تدريب القوات العراقية بموافقة حكومتها حيث يبلغ عدد أفراد بعثة الناتو التدريبية في العراق حاليا حوالي 500 فرد، إلا أنها لا تنتشر إلى جانب القوات العراقية أثناء عملياتها وقد يرتفع هذا العدد الى 2000 فرد.

لندن مصدومة لتصاعد الاغتيالات في العراق

وطالبت بريطانيا العراق اليوم بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات وأعمال الخطف في البلاد، مؤكدة أنها مصدومة من تصاعد هذه العمليات.

وكتب السفير البريطاني ستيفن هايكي في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" وتابعته "إيلاف" قائلا "صدمت بمقتل نزار ذنون على ايدي مهاجمين مجهولين. إن حرية التعبير هي حق اساسي من حقوق الانسان علاوة على انها حق يجب ان تفتخر به الأمة".

وأضاف "لا يمكن استمرار هذه الاغتيالات واعمال الخطف والترهيب ويجب محاسبة المسؤولين عنها". وكان مسلحون مجهولون قد اغتالوا امس المشرف العام لفضائية الرشيد العراقية نزار ذنون قرب منزله في منطقة حي الجامعة في بغداد ولاذوا بالفرار. ومالك قناة الرشيد هو سعد عاصم الجنابي رئيس حزب التجمع الجمهوري العراقي وهي من وسائل الاعلام المحلية الداعمة لتظاهرات الاحتجاج.

ومن جهته، اشار رئيس ائتلاف العراقية اياد علاوي الى ان عصابات خارجة عن القانون طعنت امرأة متظاهرة وتمارس التهديد دون رادع.

متظاهرو بابل جنوب بغداد يعلنون الاعتصام أمام منزل المحافظ حتى استقالته

وقال علاوي في تغريدة على "تويتر" انه "بلا مروءة ولا رجولة ولا قيم يصل الاستهتار بالعصابات الخارجة عن القانون الى حد طعن امرأة متظاهرة وممارسة التهديد والترويع دون رادع.. ودعا علاوي "المتظاهرين الى ايصال اسماء اولئك القتلة وتوثيق حالات الاعتداء ليتم تقديمها للمحاكم الجنائية العراقية والدولية".

وكانت مجموعة من أنصار مقتدى الصدر مسلحة بالاسلحة البيضاء والعصي قد هاجمت ساحة الاحتجاجات وسط بغداد وقامت بطعن عدد من المتظاهرين بينهم طالبة جامعية.

ويشهد العراق احتجاجات غير مسبوقة انطلقت مطلع أكتوبر 2019 تواجهها القوات الأمنية والمليشيات المرافقة لها بالعنف القاتل، ما خلف لحد الان أكثر من 550 قتيلا و25 الف مصاب.