بروكسل: إن كان حلفاء الولايات المتحدة وافقوا الخميس على تعزيز دور بعثة الحلف الأطلسي في العراق، إلا أنهم طلبوا من واشنطن الإبقاء على انخراطها العسكري في المنطقة لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

قال دبلوماسي أوروبي "إن نقل المسؤوليات إلى الحلف الأطلسي كان على الدوام مؤشرًا مسبقًا إلى فك ارتباط الولايات المتحدة"، ذاكرًا مثلي قوة "كفور" في كوسوفو وبعثة "الدعم الحازم" في أفغانستان.

لكنه شدد على أن "هذا لا ينجح إلا إذا تضمنت بعثة الحلف الأطلسي عنصرًا أميركيًا قويًا". ويمثل الأميركيون حاليًا نصف عناصر بعثة "الدعم الحازم" البالغ عديدها 16 ألف عنصر.

وأوضح الدبلوماسي أن الطلب الأميركي بنقل بعض أنشطة تدريب القوات العراقية من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بقيادة أميركية إلى الحلف الأطلسي يندرج في هذا السياق.

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه خفض الوجود الأميركي في العالم والانسحاب من العديد من مناطق العمليات، ولا سيما في أفريقيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، لتركيز جهوده في آسيا في سياق مواجة الصين. لكن الوضع تبدل مع تصاعد التوتر مع إيران، فعززت الولايات المتحدة قواتها وأرسلت وسائل جوية إلى منطقة الخليج.

إثر قتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في مطلع يناير في ضربة أميركية قرب بغداد، تصاعدت النقمة ضد الولايات المتحدة في العراق، ما أرغم واشنطن على تعليق عمليات التحالف الدولي والسعي إلى الحد من وجودها. وكان الحل لتحقيق ذلك تعزيز دور البعثة الأطلسية الصغيرة المنتشرة في العراق منذ 2018.

صادق وزراء الدفاع لدول الحلف الأطلسي خلال اجتماعهم الأربعاء والخميس في بروكسل على نقل بعض أنشطة التحالف إلى بعثة الحلف الأطلسي، على أن يتم تعزيز البعثة بوحدات من التحالف.

وبعدما وافقت الحكومة العراقية ليل الأربعاء الخميس على نقل بعض أنشطة التدريب إلى الحلف الأطلسي، من المتوقع أن يتم تعزيز البعثة بشكل سريع.

وقال الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ الخميس إنه سيجري بحث "عدد القوات التي سيتم نقلها من التحالف إلى مهمة الحلف الأطلسي وتفاصيل أنشطة التدريب التي ستستأنفها المهمة" خلال اجتماع يعقده التحالف الدولي الجمعة في ميونيخ على هامش مؤتمر الأمن.

أكدت إسبانيا الخميس للحلف الأطلسي نقل قسم من وحداتها إلى البعثة الأطلسية، لكن وزيرة الدفاع الإسبانية مارغاريتا روبليس أكدت أنه "من غير الوارد تولي الأنشطة القتالية".

لا حلف بدون الأميركيين
يوضح ستولتنبرغ في كل مداخلاته أن على الحلف الأطلسي تدريب القوات العراقية ليصبح بإمكانها محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ومنعه من إعادة تنظيم صفوفه وتكثيف أنشطته في العراق.

وسيبقي الأميركيون على وجودهم لمحاربة التنظيم، لكن واشنطن عازمة مواصلة تعزيز بعثة الحلف في العراق مع نقل مهمات دفاعية إليها، وتطالب الحلفاء الآخرين بتولي المزيد من المسؤوليات، ما سيسمح لها بفك ارتباطها بالعراق، على ما أوضح وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر خلال الاجتماع في بروكسل.

وحذرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي من هذا التوجه الأميركي خلال زيارة إلى واشنطن في نهاية يناير، وقالت إن سياسة "الحلف الأطلسي-الشرق الأوسط" التي ينتهجها ترامب يجب ألا تتحوّل إلى "الحلف الأطلسي بدوني"، وجددت تحذيرها خلال الاجتماع في الحلف الأطلسي.

وكانت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور أكثر وضوحًا، إذ أكدت أنه من غير الوارد زيادة مشاركة ألمانيا للحلول محل القوات الأميركية.