لم يقتصر كورونا على الشعب الإيراني، إنما أصاب حتى الأن أربعة شخصيات سياسية إيرانية، وأودى بحياة رياضية معروفة. لكن حال الإنكار الإيرانية مستمرة.

إيلاف من دبي: في أربعة أيام فقط، نال فيروس "كوفيدا-19"، المعروف اليوم بفيروس كورونا المستجد، من عدد من المسؤولين والشخصيات العام في إيران، في دليل على أن تفشي هذا الفيروس في الأراضي الإيرانية ربما وصل إلى مرحلة تصعب معها السيطرة عليه، على الرغم من حال الإنكار التي تعيشها السلطات الإيرانية، ونفيها الدائم أن يكون الداء الجديد منتشرًا فيها.

فقد أكدت السلطات الإيرانية الخميس إصابة معصومة ابتكار، نائب الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة في إيران، بفيروس كورونا المستجد.

وقالت مسؤولة العلاقات الإعلامية لنائب الرئيس الإيراني، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا): "بعد ظهور أعراض المرض على السيدة ابتكار، أثبتت الاختبارات المعملية إصابتها بالمرض، وهي تتلقى العلاج في منزلها".

وحضرت ابتكار اجتماعًا لمجلس الوزراء في طهران الأربعاء، وشوهدت في صور رسمية تجلس قريبًا من الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وينتظر أن تظهر الاختبارات المخبرية لفريق ابتكار السبت، لإظهار ما إذا أصيب أي منهم بالمرض.

نتيجة إيجابية!

بدأت سلسلة الإصابات في يوم الإثنين الماضي، حين شوهد نائب وزير الصحة الإيراني إيراج حريرجي يجفف جبينه مرارًا ويصاب بسعال متكرر في أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، ليعلن الثلثاء أن نتائج التحاليل التي أجراها أثبتت إصابته بفيروس كورونا.

أكدت وكالة العمال الإيرانية إصابة حريرجي بالفيروس، وغرد مستشار وزير الصحة الإعلامي علي رضا وهاب زاده: "إن اختبار كورونا المستجد الذي أجري على حريرجي، نائب وزير الصحة الذي كان في الصفوف الأمامية في مكافحة فيروس كورونا، جاء بنتيجة إيجابية".

في اليوم نفسه، الثلثاء، أكد محمود صادقي، النائب الإيراني الإصلاحي عن طهران، إصابته بالفيروس. فقد غرد على "تويتر": "اختبارات كورونا جاءت إيجابية. ليس لدي أمل كبير في الاستمرار بالحياة في هذا العالم".

وفي التغريدة نفسها، دعا صادقي رئيس السلطة القضائية في إيران إلى الإفراج عن السجناء السياسيين لمنع إصابتهم بالمرض، والسماح لهم بقضاء فترة مع أسرهم.

مساء الأربعاء، أعلن إصابة مجتبى ذو النور، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، بفيروس كورونا المستجد. ونقلت وسائل إعلام إيرانية الخميس عن ذو النور، النائب عن مدينة قم، قوله إنه فرض على نفسه حجرًا صحيًا بعد أن ثبتت إصابته بفيروس كورونا، مؤكدًا في المقابل ثقته بأن إيران ستتمكن من التغلب على هذا الفيروس.

دبلوماسي ورياضية وموسيقيين

كذلك، أعلنت مواقع إيرانية الخميس وفاة سيد هادي خسروشاهي، الدبلوماسي والسياسي الإيراني ورجل الدين ورئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السابق، بعد إصابته بفيروس كورونا القاتل في مدينة قم، وخضوعه للعلاج لأيام عدة في إحدى مستشفيات العاصمة طهران.

وقالت "إيرنا إن خسروشاهي، أحد أبرز مدرسي حوزة قُم العملية، توفي في مستشفى مسيح دانشوري المخصص للمسؤولين الإيرانيين، والذي يرأسه علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية.

وما انتهى يوم الخميس إلا وقد أعلنت مواقع إيرانية وفاة إلهام شيخي، لاعبة المنتخب الإيراني لكرة القدم للصالات، لكن مدربة المنتخب شهرزاد مظفر نفت ذلك مؤكدةً أنه تشابه في الاسمَين مع لاعبة المنتخب إلهام شيخي، وأن المتوفاة لاعبة غير محترفة في صفوف فريق كرة القدم النسوي في مدينة قُم منذ عامين.

كما تناقل مغردون معلومات عن وفاة الشقيقين الموسيقيين مجید ومحمد جمشيدي بمدينة لاهيجان في محافظة جيلان، بعد إصابتهما بكورونا. وقال مغردون إن محمد توفي الأربعاء، بعد أقل من أسبوع على وفاة أخيه مجيد في مستشفى مدينة رشت بمركز محافظة جيلان.

يخفون الحقائق!

وفي ردة فعل على حال الإنكار التي تعيشها إيران، اتهم ممرض إيراني يعمل في مستشفى كمكار في قم المسؤولين في إيران بإخفاء الحقائق حول تفشي كورونا وأعداد الوفيات، وذلك في مقطع مصور نشره على مواقع التواصل، كاشفًا أن 8 مرضى توفوا خلال ساعات الليل الماضية، وكان شاهدًا على ذلك.

بحسب موقع "العربية"، قال: "ليلة البارحة في دوامي الليلي مات 8 أشخاص، في ليلة واحدة، ومن بينهم فتاة عمرها 23 سنة، دون أي حالة مرضية مسبقة".

أضاف: "من بين المتوفين شاب عمره 29 عامًا وآخر لا يتجاوز الثلاثين، إضافة إلى امرأة عمرها أقل من خمسين عامًا. تلك المرأة الخمسينية كانت تتألم وتكلمني قبل موتها بنصف ساعة، قائلة أشعر إنّ حالتي الصحية تدهورت، كنت بحال أفضل البارحة، ثمّ لفظت أنفاسها".

ختم قائلًا: "في ليلة واحدة مات 8 مرضى، فإلى متى يريد المسؤولون إهمال تلك الوقائع والتستر عليها، والتعاطي معها بطريقة مثيرة للسخرية".

نحتاج إلى ثلاثة آلاف سرير

في السياق نفسه، توقع نائب رئيس جامعة قم وصول عدد مرضى كورونا إلى 3000 شخص في حال عدم الالتزام بالتدابير الطبية اللازمة، وقال: "إذا استمر انتشار كورونا، سنضطر لإنشاء مستشفى ميداني، فقد نحتاج إلى ألفي أو ثلاثة آلاف سرير".

فقد نسب موقع "إيران إنترناشيونال" إلى علي أبرازه، نائب رئيس جامعة قم للعلوم الطبية، قوله إن 434 مريضًا يشتبه في إصابتهم بفيروس کورونا قد أدخلوا إلی مستشفيات المدينة، فيما أعلن عدد من طلاب مدرسة قم أنهم ذهبوا إلى هذه المستشفيات من أجل الجهاد ضد كورونا.

حتی الأربعاء، تم تخصیص 3 مستشفيات في قم هي مستشفى كامكار (196 سریرًا) ومستشفى فرقاني (400 سریر) ومستشفى الإمام الرضا (100 سریر)، لخدمة مرضى كورونا. وفي المجموع، فإن المستشفيات الثلاثة تحتوي على ما يقرب من 700 سریر لمصابي کورونا في مدينة قم.

وأعلن علي أبرازه عن استکمال القدرة الاستیعابیة للمستشفيات الثلاثة، وقال إن مستشفى علي بن أبي طالب جاهز أيضًا لخدمة مصابي کورونا.

22 حالة جديدة

مساء الخميس، ارتفع عدد الوفيات الإيرانيين جراء كورونا الجديد إلى 22 حالة، فيما وصل عدد الإصابات بالفيروس إلى 141 حالة مؤكدة.

نتيجة تفشي الفيروس، قررت السلطات الإيرانية للمرة الأولى إلغاء صلاة الجمعة في بعض المناطق، بعد تمديد إغلاق المدارس ثلاثة أيام، والجامعات أسبوعًا آخر ابتداءً من السبت، إضافة إلى إلغاء النشاطات الرياضية ونشر فرق من عمال النظافة لتطهير الحافلات والقطارات والمرافق العامة.

إلا أن وزير الصحة الإيراني سعيد نمكي قال في مؤتمر صحفي: "بدلًا من فرض الحجر الصحي على المدن، سنطبق قيودًا صارمة على حركة المشتبه في إصابتهم أو المصابين".

وناشد المسؤولون الإيرانيون المواطنين عدم الذهاب إلى مدينة قم، المقدسة لدى الشيعة، لأنها مركز تفشي الفيروس، لكن السلطات لم تغلق ضريح المعصومة الذي يستقطب ملايين الزوار الشيعة.