الرباط: تواصل الرباط تعزيز مكتسباتها الدبلوماسية، من خلال جعل مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء، مركزا وقطبا دبلوماسيا في علاقاتها الخارجية، حيث شهدت المدينة اليوم تدشين قنصلية جديدة لجمهورية بوروندي، كما يرتقب أن تعرف مدينة الداخلة (أقصى الجنوب) مساء اليوم تدشين قنصلية جيبوتي.

وخلال حفل تدشين قنصلية بوروندي في العيون الذي ترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة ونظيره البوروندي، إيزيكيال نيبيجيرا، هاجم بوريطة الجزائر من دون أن يسميها.

وقال وزير الخارجية المغربي في لقاء صحافي مشترك مع نظيره البوروندي "لما نقلت دول قنصلياتها وسفاراتها إلى القدس ، هذه الدولة (يقصد الجزائر) لم تستدع سفراء هذه الدول التي فتحت سفاراتها وقنصلياتها في القدس، ولكن عندما تعلق الأمر بالصحراء المغربية فعلت ذلك"، في إشارة إلى استدعاء الجزائر سفير كوت ديفوار بعد افتتاح قنصلية لبلاده في العيون.

وأضاف بوريطة موجها سهام نقده للجزائر "هذه المواقف تبين أن قضية الصحراء هي فوق كل شيء بالنسبة لهذه الدولة (الجزائر)، وهي قضيتها الدبلوماسية الأولى"، مشيرا الى أن فتح قنصليات بالعيون "قرار سيادي للدول ينسجم مع مسار التاريخ وحقيقة هذا الملف ويتماشى مع المواقف الثابتة لأكبر عدد من المجموعة الدولية".

وأفاد بوريطة بأن "دولة واحدة هي التي تعاكس توجه المغرب، ومواقفها لا تزيد إلا فضحا لدورها وانخراطها ومسؤوليتها في الملف المفتعل، وأنها الطرف الحقيقي ، لأنها تعتبر نفسها معنية مباشرة بالموضوع"، متعهدا بمواصلة بلاده العمل من أجل فتح المزيد من التمثيليات الدبلوماسية بمدن الصحراء المغربية.

وقال بوريطة في شبه تحدي للجزائر "هذه الدينامية ستستمر انطلاقا من مصداقية موقف المغرب المبني على القانون الدولي والحقوق التاريخية والواقع".

وشدد المتحدث ذاته على أن "القطار يسير ومن أراد أن يركبه ويسير في اتجاه حل نهائي لهذا النزاع المفتعل مرحبا به، ومن أراد أن يسير عكس التاريخ فالقطار سيمر، ومن انتظر عقودا يمكنه أن ينتظر عقودا أخرى"، في إشارة منه إلى جبهة البوليساريو الانفصالية وداعمتها الجزائر.

افتتاح قنصلية جيبوتي في الداخلة

وأشار بوريطة إلى أنه برغم الضغوطات التي تمارسها الجزائر على الدول الأفريقية الراغبة في افتتاح قنصلياتها بمدن الصحراء المغربية: "افتتحنا عشر قنصليات وهو الهدف الذي حددناه في سنة 2020 وسنفتتح قنصلية جيبوتي في الداخلة (مساء) اليوم ، وعندنا تفاؤل كبير في العشرة أشهر المقبلة لفتح المزيد من القنصليات".

في غضون ذلك، اختتمت اليوم الدورة الثالثة لمنتدى المغرب ودول المحيط الهادي أشغالها، بتوقيع الدول المشاركة على إعلان العيون، الذي عبرت فيه عن دعمها لمغربية الصحراء، وأكدت حرصها على تقوية التسيق والتعاون بين دول المنطقة مع المغرب.

وشدد الإعلان ، الذي تلي في الجلسة الختامية للمنتدى ، على التزام الدول المشاركة ب"تقوية الروابط وأواصر العلاقات المشتركة بين دول المحيط الهادي والمغرب وفق روح التضامن والتكامل بين دول الجنوب التي تتضمنها رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس".

واشار الإعلان الى رغبة الأطراف في جعل المنتدى منصة لتقوية الحضور وتعزيز التعاون في مجموعة من المجالات، من أبرزها الصحة و الصيد البحري وتدبير المجال المائي، كما رحبت الدول الجزرية بالدعم اللامشروط الذي يقدمه المغرب لها في مجموعة من المجالات.

وجاء في الإعلان ذاته ان دول المنتدى واعية "بالتغيرات المناخية خصوصا المرتبطة بارتفاع مستوى البحر ووقعه المبير على مجهوداتها للوصول إلى التنمية المستدامة وضياع الأراضي والتهديدات المرتبطة بنذرة المياه والأمن الغذائي، وسنقوم بكل ما يلزم لتقوية الحوار وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى مع المغرب".

و قال الوزير بوريطة إن المنتدى شكل فرصة لوفود دول المحيط الهادي للتعرف على الثقافة المغربية الصحراوية وهي أحد الروافد المهمة للرصيد الحضاري والثقاقي المتميز للأمة المغربية.

بوريطة يتحدث في ختام أعمال المنتدى بالعيون

وأشار بوريطة الى ان التظاهرة مكنت الدول المشاركة في المنتدى من الاطلاع على التطور المهم الذي شهدته هذه المنطقة الغالية على كل المغاربة، تماشيا مع إرادة الملك محمد السادس.

واعتبر بوريطة أن المنتدى فرصة "التقى فيها رمزيا المحيطان الأطلسي والهادي للاحتفاء بالتعاون بين بلداننا"، مؤكدا ان إعلان العيون سيمثل "خارطة الطريق والمرجع فيما يخص تعاوننا المقبل".

وقال بوريطة ان بلاده مستعدة لدعم دول المحيط الهادي في مجالات التغيرات المناخية والأمن الغذائي والتكوين والصحة، مؤكدا أن مدينة العيون ستكون المركز الدائم للقاءات والاجتماعات القطاعية حول "الأمن الغذائي والتغيرات المناخية بين الخبراء والوزراء المعنيين بها".

وفي لقاء صحافي عقب اختتام اشغال المنتدى ، قال بوريطة، اليوم الجمعة، بالعيون، إن المغرب يحترم صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص تعيين مبعوث شخصي جديد للصحراء.

واوضح بوريطة ان " المغرب لا يتدخل في صلاحيات الأمين العام للامم المتحدة، ويظل، في نفس الوقت، متشبثا بالمبادئ والمحددات التي يتبناها مجلس الأمن لإيجاد حل لقضية الصحراء".

صورة تذكارية لممثلي الدول المشاركين في منتدى العيون

وشدد على أن هذه المبادئ والمحددات التي تتشبث بها المملكة تنسجم مع قرارات الأمم المتحدة حول قضية الصحراء المغربية.

وذكر الوزير المغربي بموقف دول جزر المحيط الهادي بمقتضى "إعلان العيون"، والذي شدد على أن إيجاد حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية لا يمكن أن يتم إلا "في احترام تام لوحدة المغرب الترابية وسيادته الوطنية".

وبعدما أكدوا أن " جهة الصحراء جزء لا يتجزأ من تراب المملكة المغربية"، عبر رؤساء وفود البلدان المشاركة في هذا المنتدى عن دعمهم " للجهود المبذولة تحت الإشراف الحصري للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل واقعي، وبراغماتي، ومستدام لهذا النزاع الإقليمي، في احترام تام للوحدة الترابية للمغرب وسيادته الوطنية".