إيلاف: في اعتراف صريح اعتبر زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر ان تصدي انصاره بالقتل والاغتيال والاختطاف للناشطين من منتقديه بأنها "جرة اذن" لهم، وحيث تصاعدت خلال الساعات الاخيرة هذه العمليات.. فيما بدأ الرئيس صالح اتصالاته مع القوى السياسية لبحث ترشيح شخصية تتولى تشكيل الحكومة الجديدة مبتدئًا بقادة قوى شيعية، حيث اكد ضرورة تكليف مقبول شعبيا.

فقد قام مسلحون من انصار الصدر باغتيال الناشط المدني في محافظة البصرة الجنوبية الشيخ علي الحلفي، حيث اوضحت مصادر امنية ان المسلحين اغتالوا الحلفي في قضاء الهارثة في شمال المحافظة حين أمطروه بوابل من الرصاص.

كما قام مسلحون ملثمون باختطاف الناشطة والإعلامية رنا الصميدعي في منطقة الحنانة في مدينة النجف حيث يسكن الصدر وذلك بعد الاعتداء عليها. وعرفت الصميدعي بنشر فيديوهات تنتقد فيها الصدر وتتهمة بسرقة الاموال العامة وقتل معارضيه.

فيديو للناشطة النجفية المختطفة رنا الصميدعي تهاجم فيه الصدر:

وقد تم تنفيذ عملية الاختطاف بوساطة سيارة "بيك اب"، نزل من عندها ملثمون وانهالوا على الصميدعي بالضرب واقتادوها الى مكان مجهول.

كما قتل مسلحون الناشط والتربوي عبد العظيم سوادي طعنا بالسكاكين أمام منزله في قضاء غماس غربي مدينة الديوانية عاصمة محافظة القادسية الجنوبية.
‎ واغتالت مليشيا الصدر الجمعة الماضي الشيخ عبد الصاحب سعدون المشلب وزوجته شيخ عشيرة الحميد طعنا بالسكاكين في منزلهما في محافظة ذي قار في قضاء قلعة سكر.

كما تم اختطاف الناشط مصطفى محمد اشعيب على يد ميليشيات مسلحة أثناء عودته الى منزله في منطقة الشعب في ضواحي بغداد الشمالية أول أمس.

‏‎من جهته، تعرّض الناشط إيهاب سهيل إلى محاولة اغتيال فاشلة من قبل ميليشيات مسلحة؛ مما أدى إلى إصابته في ساقه اليمنى .. بينما تعرّض الناشط آراي إلى الضرب المبرح أثناء خروجه من ساحة التحرير على يد مجموعة مسلحة لعناصر ميليشيا سرايا السلام التابعة للصدر.

الناشطة النجفية رنا الصميدعي اختطفت قرب منزل الصدر

وفي تقرير لها قالت صحيفة الغارديان اللندنية إن حكومة عادل عبد المهدي وبالتعاون مع إيران وميليشيات الحشد الشعبي الإرهابي تعاملت مع التظاهرات بالقمع والعنف الشديدين، ولذلك قتل حوالى 1000 متظاهر وفق إحصائيات ميدانية كما تم اختطاف المئات.

واكدت الصحيفة في تقرير لها امس اطلعت عليه "إيلاف" استناداً إلى مصادر لجوء الحكومة العراقية عقب اندلاع التظاهرات في البلاد إلى شن حملة موازية لإنهاء تلك التظاهرات وإسكات الناشطين والصحافيين عبر عمليات الخطف والترهيب والاغتيالات.

ونقلت عن مسؤول عراقي في لجنة حقوق الإنسان العراقية شريطة عدم الكشف عن هويته قوله "منذ اليوم الأول اختارت الحكومة طرقا عنيفة للتعامل مع المتظاهرين.. كانت تمارس العنف على موجات. في البداية قتلت بشكل جماعي، حيث تمت تصفية 157 شخصا خلال الأيام الثلاثة الأولى وحدها، ومع بداية نوفمبر بدأنا بتلقي تقارير عن عمليات الاختطاف، ليس فقط في بغداد، بل في العمارة والناصرية، حيث تلقى الناشطون والصحافيون والأكاديميون وأي شخص يدعم المظاهرات، سواء من الناحية اللوجستية أو حتى أخلاقياً، تلقوا جميعهم تهديدات بالقتل.

وقفة استذكار في ساحة التحرير في وسط بغداد لعائلات ضحايا الاحتجاجات:

ويؤكد التقرير أن عمليات القمع التي انتهجتها الحكومة العراقية تحت إشراف إيران لم تكن عشوائية بدأت بالنشطاء البارزين، ثم الأكاديميين والصحافيين، وصولاً إلى الأطباء والممرضين، كل ذلك بهدف إرهاب المتظاهرين، وهو ما يفسر رفض معظم المختطفين الذين افرج عنهم بشكل قاطع التحدث عن خاطفيهم وما تعرّضوا له، مكتفين بالتواري عن الأنظار أو الفرار خارج العراق ان استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

يشار الى ان مقتدى الصدر زعيم ميليشيا سرايا السلام وجيش المهدي كان قد ظهر على قناة الشرقية العراقية في مقابلة مطولة في 24 من الشهر الماضي محرّضًا على العنف ضدّ المتظاهرين إلى جانب تبنّي الهجمات في عام 2006 وقتل المتظاهرين وخطفهم والعديد من الانتهاكات التي حدثت على يد ميليشيات التيّار الصدري.

شعار رفعه متظاهرو بغداد أمس

وقال الصدر "ما فعلته القبّعات الزرق "جرّة إذن"، وهي كناية عن عمليّات قتل وخطف المتظاهرين التي جرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية. يشار إلى أن وتيرة عمليات الاغتيال التي يتعرّض لها ناشطون وإعلاميون وشخصيات معروفة ارتفعت منذ انطلاق التظاهرات في البلاد في مطلع شهر اكتوبر 2019 بسبب تأييدهم لحركة الاحتجاج ضد الحكومة.

صالح يدعو قادة القوى الشيعية إلى ترشيح رئيس حكومة مقبول شعبيا
اعلنت الرئاسة العراقية عن بدء الرئيس برهم صالح مشاوراته مع عدد من قادة الكتل السياسية الشيعية لاختيار رئيس وزراء جديد يحظى بقبول وطني وشعبي.

وقالت الرئاسة العراقية في بيان صحافي مساء امس تابعته "إيلاف" إن الرئيس برهم صالح اجتمع في بغداد مع قادة القوى الشيعية رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم ورئيس إئتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس تحالف الفتح هادي العامري ورئيس إئتلاف النصر حيدر العبادي كلاً على حدة.

وأكد صالح خلال هذه الاجتماعات على "ضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية من أجل تسمية رئيس مجلس وزراء يحظى بقبول وطني وشعبي".. مشدداً على الالتزام بالفترة الدستورية المحددة من أجل تشكيل حكومة قادرة على التصدي لمهامها في ضوء التحديات التي تواجه العراق.

وأشار الى أن "الجميع مطالب بوقفة وطنية مسؤولة لتجنيب البلاد ما تمر به من ظروف معقدة وصعبة، وتهيئة الأجواء المناسبة لانتخابات مبكرة وتلبية مطالب العراقيين بمختلف أطيافهم".

وجرى خلال هذه الاجتماعات "الاتفاق على مواصلة الحوار والمشاورات بين القوى السياسية لاختيار وترشيح شخصية مقبولة تتصدى للأوضاع الراهنة واستحقاقات المرحلة المقبلة وانجاز متطلبات الإصلاح في البلاد".

فيديو اجتماع الرئيس صالح مع عدد من قادة القوى الشيعية:

وكان المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة محمد علاوي قد اعتذر الاحد الماضي عن المهمة المكلف بها متهمًا من وصفها بجهات قال انها غرقت بالفساد وتاجرت بالطائفية والعرقية بعرقلة تشكيله للحكومة، واثر ذلك بدأت مصادر عراقية تتداول اسماء مرشحين لخلافته، بينهم من سبق وان رفضتهم ساحات الاحتجاج في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب.

من بين هذه الشخصيات التي يمكن ترشيحها رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، وهو مستقل، ويحتفظ بعلاقات جيدة مع معظم القوى السياسية والدول العربية، وهو الوحيد بين المرشحين الذين لم يرفضه المتظاهرون، لكن ايران قد تتحفظ على تكليفه.
وكان الكاظمي من ابرز الاسماء التي نافست علاوي على مهمة تشكيل الحكومة قبل ان يدعم الصدر الثاني بدفع من ايران.

ومن الاسماء الاخرى اسعد العيداني محافظ البصرة الذي رفض الرئيس برهم صالح ترشيحه سابقا لعدم حصوله على دعم نيابي او جماهيري وهو مرشح كتل شيعية كبرى.

الرئيس صالح مجتمعا مع المالكي

وفي حال رفض العيداني فإن تلك القوى تفضل ترشيح وزير التعليم العالي قصي السهيل، والاثنان رفضا من قبل المحتجين نظرًا إلى ولائهما لايران.

كما ظهر ايضا اسم محمد شياع السوداني الوزير السابق والقيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي على الرغم من رفض ساحات التظاهر له. كما تفضل قوى شيعية اخرى ترشيح النائب عدنان الزرفي عن تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.

يشار الى ان العراق يشهد منذ الأول من اكتوبر الماضي تظاهرات حاشدة انطلقت من أجل تنفيذ مطالب معيشية ومكافحة الفساد والبطالة، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية تتمسك برحيل الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد والتبعية، حيث واجهتها القوات الحكومية بالعنف المفرط والميليشيات المسلحة بالاغتيال والاختطاف والتهديد ما اسفر عن مقتل 669 متظاهرا واصابة 24.488 آخرين واعتقال 2.806 من المحتجين.