إيلاف: ختم وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب زيارة لتركيا كانت الأولى من نوعها له، وتوجه إلى الرياض في زيارة هي الأولى له أيضا منذ تسلمه منصبه في نهاية العام الماضي.

والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في أنقرة، مساء الثلاثاء. وأفاد مراسل الأناضول، أن اللقاء الذي جرى في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، استمر لمدة ساعة واحدة، بعيدا عن وسائل الإعلام.

مؤتمر صحافي
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أكد راب تأييد بريطانيا لما تبذله تركيا من جهود لإعادة إرساء وقف إطلاق النار المتفق عليه في عام 2018، ولحماية المدنيين الأبرياء الفارين من الهجوم الوحشي للنظام. وقال: كما أننا كنا واضحين تماماً في إدانتنا لأفعال النظام في إدلب.

وأعرب راب عن تعازيه لمقتل جنود أتراك نتيجة لهجمات النظام الوحشية على إدلب، وقال: لقد هالني، كالكثيرين غيري في جميع أنحاء العالم، سماع نبأ مقتل أكثر من 30 جندياً تركياً نتيجة لهجمات النظام الوحشية على إدلب. ومرة أخرى، أود أن أعرب عن أحرّ التعازي نيابة عن الحكومة البريطانية للحكومة التركية وللشعب التركي.

وأضاف الوزير البريطاني: لقد ظلت تركيا على مدى عقود من الزمن حليفاً قوياً في حلف شمال الأطلسي، وأحد أكبر المساهمين فيه بالعسكريين "وإننا نشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد الكبير في العمليات العسكرية التي تنفذها روسيا والنظام السوري في شمال غرب سوريا. ولقد أعربنا عن إدانتنا لهذه العمليات باعتبارها انتهاكات صارخة للقانون الدولي ولأصول الكرامة الإنسانية".

موقف بريطانيا
وأشار إلى أن المملكة المتحدة كانت أثارت هذه المسألة في العديد من المحافل متعددة الأطراف. وفي 28 فبراير، دعونا إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، وفي اليوم عينه، أعربنا في مجلس حلف شمال الأطلسي عن دعمنا لجهود تركيا الهادفة إلى إعادة فرض وقف إطلاق النار في إدلب.

وأكد راب أن موقف بريطانيا واضح كما كان "فالسلام الدائم في سوريا لا يمكن أن يتحقق إلا بتسوية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254"، وتابع: "والنظام السوري نفسه هو الذي يواصل عرقلة العملية السياسية الرامية الى إنهاء هذه الحرب باعتبارها المسؤولة الأولى والأكبر عن الوضع الذي نجد أنفسنا فيه، بل والثمن الذي يدفعه الشعب السوري".

وأشاد وزير الخارجية البريطاني بالاستجابة التركية للأزمة الإنسانية في سوريا. فقد ساهمت تركيا على مدى سنوات عديدة في تحمل العبء الهائل المتمثل في دعم ملايين اللاجئين السوريين، وغيرهم من النازحين محلياً. وفي أحيانٍ كثيرة لا بدّ أنكم شعرتم بعدم اكتراث الآخرين بما تقومون به.

وقال: وقد لعبت تركيا أيضاً دوراً مهماً في محاولة التوصل إلى حل سياسي من خلال عملية سوتشي، و"تظل المملكة المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم لكل من المجتمعات التركية المضيفة واللاجئين السوريين. ونحن على علم بالضغوط المستمرة التي تتعرض لها كلتا الجماعتين".

ونوه راب إلى أنه في ظل هذه الاعتبارات، يصبح من الأهمية بمكان الحفاظ على وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. ولا بدّ من توفير قدرة للمساعدات حتى تصل إلى المحتاجين إليها. ويجب أن يكون موظفو الإغاثة قادرين على مساعدة الأكثر حاجة للمساعدة دون خشيتهم من التعرض لهجوم عليهم.

اتفاقية الهجرة
وأكد وزير الخارجية على أن المملكة المتحدة لعبت دوراً رائداً في دعم تنفيذ اتفاقية عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن الهجرة، وستواصل القيام بذاك الدور. ونحن بحاجة عاجلة لمناقشة القضايا المستجدّة على الحدود الغربية لتركيا، حيث شهدنا زيادة ملحوظة في عدد المهاجرين الذين يسعون إلى العبور إلى أوروبا.

راب ونظيره التركي جاويش أوغلو

وقال انه من الضروري أن نعمل مع المجتمع الدولي حول مسألة إدلب، وفي الردّ على موجة جديدة من اللاجئين وتحركات المهاجرين، وخاصة على الحدود الغربية لتركيا.

وأشار إلى إن السبب الجذري لما يجري هو الطبيعة المتهورة والوحشية للعمليات العسكرية التي ينفذها النظام السوري وروسيا على إدلب.

وقال وزير الخارجية البريطاني: لقد أصبح الصراع في سوريا أحد أكثر الصراعات تدميراً في تاريخ البشرية الحديث، ونريد أن تضع الحرب أوزارها في أقرب وقت ممكن. ونريد بصورة خاصة أن تنتهي المعاناة الإنسانية، علماً بأن المملكة المتحدة هي أيضاً مانح رئيسي استجابة لاحتياجات الأزمة السورية.

لقد رصدنا حتى الآن 3.1 مليارات جنيه إسترليني استجابة للأزمة السورية، ووهي أكبر استجابة على الإطلاق لأزمة إنسانية واحدة بعينها. وقد بلغ حجم التزامنا بمشاريع داخل سوريا منذ عام 2019 أكثر من 220 مليون جنيه. وكان من بين ما التزمنا به توفير إعانات طارئة من المواد الغذائية والمياه النظيفة والخيام والمواد الطبية والتعليم والرعاية الصحية للأمهات.

تعزيز الالتزام
واليوم، وفي استجابة للوضع المستمر في إدلب ولمساعدة أكثر الناس حاجة، فإننا نعزز التزامنا بالدعم بمبلغ 89 مليون جنيه للمنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية داخل سوريا، بما في ذلك المناطق المحيطة بمدينة إدلب.

وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى أن زيارته تعكس الأهمية التي نوليها لعلاقتنا مع تركيا. ونحن نثمّن وقوف تركيا على خط المواجهة لبعضٍ من أصعب وأخطر التحديات التي تواجهنا في المنطقة.

وأكد راب على القول: وتجمع بيننا أهداف مشتركة، وهي ضمان سلامة بلدينا ومواطنينا. وأعتقد بشكل خاص بأن المملكة المتحدة ترى في تركيا، بوصفها عضوا في حلف الأطلسي، وعضواً في مجموعة العشرين، وعضواً مؤسساً في مجلس أوروبا، شريكاً لا غنى عنه على الإطلاق. إننا نعمل بشكل وثيق من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، وحماية مواطنينا وأيضا، مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فإننا نعمل على تحسين الأسواق لزيادة الاستثمارات.

محاربة الارهاب
وقال وزير الخارجية البريطاني في مؤتمره الصحفي مع جاويش أوغلو: يظل تعاوننا بمجال مكافحة الإرهاب قويا. فالمملكة المتحدة تقف إلى جانب تركيا في مكافحتها للإرهاب، وتدرك التهديد الخطير الذي يشكله حزب العمال الكردستاني. وفي الأسبوع الماضي قرر البرلمان حظر المملكة المتحدة لمنظمة صقور تحرير كردستان، ومنظمة قوات الدفاع الشعبي الكردستاني بوصفهما اسميْن حركييْن لحزب العمال الكردستاني المحظور.

وقال راب: هناك بطبيعة الحال قضايا قد لا نتفق عليها، كما هو الحال بين الأصدقاء المقربين. لكن شراكتنا الوثيقة تتيح لنا إجراء مناقشات صريحة حول قضايا معينة، مثل حقوق الإنسان وسيادة القانون، والتي تعتبر مهمة لعمل أي ديمقراطية سليمة.

وأضاف: ويظل هدفنا هو مواصلة العمل بشكل أوثق في ما يتعلق بالدفاع والأمن والتعاون التجاري. وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يفتح العديد من الفرص لتحقيق ذلك. ومن أولوياتنا التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع تركيا خلال عام 2020.
وقال وزير الخارجية البريطاني: وأعتقد أن ذلك سيكون بمثابة مساهمة كبيرة في علاقات اقتصادية قوية بين تركيا والمملكة المتحدة، وسيساعد في تعزيز شراكتنا التجارية التي يبلغ حجمها بطبيعة الحال حوالي 18 مليار جنيه سنوياً.