اسطنبول: قد يكون الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نجح بانتزاع وقف إطلاق نار في إدلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن الاتفاق يتجاهل نقاطا تشكّل مصدر قلق رئيسا بالنسبة الى انقرة، لا سيما مصير مئات آلاف اللاجئين المتكدسين على حدودها.

لا يتضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد لقاء دام ست ساعات بين الرجلين في موسكو كذلك أجوبة لمسألة نقاط المراقبة العسكرية التركية الموجودة في مناطق سيطر عليها النظام السوري اخيراً.

وأطلقت تركيا عملية واسعة النطاق ضد القوات السورية، أسفرت حتى الآن عن مقتل العشرات في صفوفها، بعد مقتل أكثر من 50 عسكرياً تركياً في سلسلة هجمات شنّها النظام في فبراير.

خلال الأيام التي سبقت القمة مع بوتين الداعم للنظام السوري، طالب إردوغان الذي تدعم بلاده مجموعات مسلحة، بانسحابٍ لقوات النظام من إدلب وإنشاء منطقة آمنة على الأراضي السورية لإيواء نحو مليون نازح لتفادي تدفق جديد إلى تركيا.

قال المحلل السياسي علي باكير "أعتقد أن هذا الاتفاق تكتيكي لا يحلّ كل الخلافات بين أنقرة وموسكو"، مضيفاً "من غير الواضح ما إذا كانت قوات الأسد ستنسحب بموجب هذا الاتفاق وكيف سيعود النازحون إلى منازلهم ما لم يتم هذا الانسحاب".

يرى من جهته الباحث إيمريه كايا من مركز أبحاث "إيدام" في اسطنبول أن الاتفاق "على الأقل في هذه المرحلة، لا يحقق هدف تركيا بإنشاء منطقة آمنة لإيواء نازحي إدلب".

واضاف "ويعني ذلك بالنسبة الى تركيا، التي لم تتمكن من الاعتماد على الدعم الذي كانت تامله من حلفائها الغربيين، أن التوصل لوقف إطلاق نار يعدّ مخرجاً مقبولاً".

هش وموقت
يشدّد إردوغان على الجوانب الإيجابية من الاتفاق في تصريحات للصحافيين على متن الطائرة التي أعادته من موسكو.

وأكد أن "وقف إطلاق النار يحقق العديد من المكاسب في عدة مجالات"، معتبراً أنه "يعزز أمن تركيا الحدودي أمام هجمات الإرهابيين والنظام" و"يشكل اساسا لإعادة الاستقرار إلى إدلب".

تتيح الهدنة الجديدة أيضاً لتركيا أن تكسب بعض الوقت بانتظار دعم غربي مفترض. ويحضّ إردوغان مراراً الدول الغربية على دعم مشروعه بناء مدن في شمال سوريا لإعادة إسكان النازحين السوريين.

وأدى التصعيد الأخير في إدلب إلى انهيار اتفاق سابق بين تركيا وروسيا تم التوصل إليه في عام 2018 في سوتشي بهدف وقف المعارك في المحافظة التي تشكّل المعقل الأخير لمجموعات جهادية وفصائل مسلجة في سوريا.

وقد يواجه الاتفاق الجديد المصير نفسه لا سيما أنه لا يقدّم حلاً دائماً لإدلب بل مجرد تجميد للمعارك. بدورها، اعتبرت الرئاسة الفرنسية الجمعة أن الاتفاق يتضمن عدداً من "النقاط الغامضة". وتابعت "الأجندة الروسية تبقى واضحة جداً، أي السيطرة على كامل سوريا لصالح نظام بشار الأسد".

تلفت جنى جبور الخبيرة في الشؤون التركية في معهد الدراسات السياسية في باريس إلى أن "وقف إطلاق النار هش وموقت، لأن النظام السوري، المدعوم من الروس، عازم على استعادة إدلب والقضاء على الجهاديين هناك".

وتتعاون أنقرة وموسكو بشكل وثيق في الملف السوري منذ عام 2016 رغم مصالحهما المتباينة في هذا البلد، لكن التصعيد الأخير في إدلب هدّد بوقوع قطيعة بين البلدين تم تفاديها في نهاية المطاف. ويوضح كايا "يتعاونان في مجالات مهمة، لا سيما الطاقة. ربما انتهى شهر العسل بينهما، لكن زواجهما لا يزال قائماً".