رأت الدكتورة السعودية أمل القطان أن المرأة السعودية ذات كفاءة وخبرة وطموح تمكنها من تجاوز التحديات، وقالت إن المنافسة قوية بين الرجل والمرأة في ميدان البحث العلمي بالسعودية.

إيلاف: الدكتورة أمل قطان عالم أبحاث في قسم الأورام الجزيئية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض، وأستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية، وعضو في الأكاديمية الملكية الدولية للعلوم في نيويورك وعضو في رابطة المرأة الدولية للعلوم في نيويورك في الولايات المتحدة.

التقتها "إيلاف" في حديث محوره المرأة السعودية وحالها في يوم المرأة العالمي 2020، من خلال منظور مزدوج، تتمتع به قطان: المرأة والعالمة. فتؤكد أن مواكبة التطور في مجال حقوق المرأة جزء من رؤية السعودية 2030 "فمشاركة المرأة في جميع القطاعات التنموية هو ما نلمسه في الوقت الحالي، وحظيت المرأة السعودية بنصيب الأسد من جملة التنظيمات والقرارات في ما يتعلق بتمكينها، وهذا ما يؤكد أن خلف كل هذه التطورات سياسة قوية وحكيمة انتقلت من حيز الالتزامات إلى حيز الممارسات". وتضيف أن السعودية تقوم بما يتوجب عليها تجاه المرأة وحان دور المرأة للعمل والعطاء.

وتعترف قطان بأن المنافسة قوية بين الرجل والمرأة السعوديين في ميدان البحوث، "لكن المرأة السعودية ذات كفاءة وخبرة وطموح تمكنها من تجاوز التحديات التي أغلبها يعد عوامل شخصية وثقافية".

في ما يأتي تفاصيل اللقاء:

وصلتِ مركزًا علميًا متقدمًا في السعودية. بصفتك الأنثوية أولًا، كيف ترين التقدم الذي يحصل في مجال حقوق المرأة في المملكة اليوم؟
حقوق المرأة تعني التشريعات والقوانين التي تتعلق بشؤون المرأة وأحوالها وظروفها. النساء شقائق الرجال كما ذكر الرسول، وهذا ما تقوم به السعودية منذ القديم. للنساء حقوق عدة في الكرامة والانسانية والمساوة وحرية العلم والعمل والرأي. والمرأة السعودية عاملة ومعطاءة في العديد من المجالات والكثير منهن لم يسلط عليهن الضوء سابقًا وعلى إنجازاتهن. أما على صعيد التقدم في مجال حقوق المرأة اليوم، فالعالم في مرحلة تطور دائم وهذا ما يحدث أيضًا في المملكة. لا بد من الإشارة إلى أن أحكام السعودية تمنع التمييز ضد المرأة على أساس الجنس، فالسعودية إحدى الدول الرئيسية التي شاركت في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وانضمت إلى العديد من الصكوك الدولية وكان منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة والتي انضمت اليه المملكة في عام 2000. لا ننسى أن السعودية استحدثت برنامج الأمان الأسري الوطني بناء على الأمر السامي رقم (11471/م ب) وكان ذلك في 18 نوفمبر 2005 حيث يقوم البرنامج بدور فاعل في مجال الدفاع عن حقوق المرأة فهو ليس بالأمر الجديد في السعودية، إضافة إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة كان لهن مشاركة عضويات في لجان اقليمية ودولية.

مواكبة التطور في مجال حقوق المرأة جزء من رؤية السعودية 2030 حيث أن مشاركة المرأة في جميع القطاعات التنموية هو ما نلمسه في الوقت الحالي، وحظيت المرأة السعودية بنصيب الأسد من جملة التنظيمات والقرارات في ما يتعلق بتمكينها وهذا ما يؤكد أن خلف كل هذه التطورات سياسة قوية وحكيمة انتقلت من حيز الالتزامات إلى حيز الممارسات. السعودية تقوم بما يتوجب عليها تجاه المرأة وحان دور المرأة للعمل والعطاء.

إقرأ أيضاً: إنهن سعوديات... مجليات لا حدود لنجاحاتهن

علمية ثانيًا
بصفتك العلمية ثانيًا، هل حققت المرأة السعودية إنجازات مهمة في العلم؟
من وجهة نظري كعالم أبحاث طبي في قسم الأورام في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض منذ عام 2002 وأستاذ مساعد في كلية الطب في جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 2017، وبعد مشاركتي بالتحدث في القاعة العامة في الأمم المتحدة أعوامًا متتالية في منصة الأكاديمية الملكية الدولية للعلوم (رازيت)، لاحظت أن المرأة السعودية تخطو خطوات مشرقة تتناسب مع ثقافة المجتمع ومراحله المختلفة ومتغيراته فأصبحت محط أنظار العالم بفضل الله عز وجل وبدعم القيادة الرشيدة وولاة الأمر حيث حققت نجاحًا باهرًا في مجالات متعددة وقدمت الكثير من الانجازات في البحوث العلمية والخدمات الطبية والصحية. أرى أنها تسير بطموح ودعم من وطننا الغالي وتمكين وتطوير، لكنه ليس بجديد على المرأة العربية ولا على المرأة السعودية. للعديد من العالمات والمثقفات العربيات بصمة تاريخية. نرى حاليًا أنموذجًا رائعًا في الأمم المتحدة في الوقت الحالي بصوت النساء في العلوم يتمثل في الدكتورة الأميرة نسرين الهاشمي الرئيس التنفيذي للأكاديمية الملكية الدولية للعلوم والمؤسس الرئيسي للرابطة الدولية للمرأة في العلوم في نيويورك في الولايات المتحدة، وقدرتها الفذة المتفردة في قضايا المرأة في العلوم. فهذا مثال لامرأة عربية أثبتت بعلمها وثقافتها العالية تميز وتفرد المرأة العربية في المجالات الطبية والعلمية وأعتبرها أنموذجًا يحتذى به. أما في السعودية فللمرأة طموح بلا حدود، وانجازات على المستوى المحلي والعالمي، وهي أنموذج يُحتذى به أيضًا في العالم.

الطريق الصعب

هل وصلت إلى ما أنت فيه الآن بسهولة؟
لم يكن الطريق سهلًا، لكن أجمل هدية كانت لي ولأي منا أن ترزق المرأة بوالدين (الأم والأب) يقدران أبناءهما فيحسنان نشأتهم وتربيتهم بالحب والاحترام على القيم والمبادئ. تعلمت أن طريق النجاح لا يتطلب البحث عن أرض جديدة، لكن النظرة إلى الأمور بعيون جديدة ومن منظور مختلف. إن صاحب الإرادة لا يطيل الوقوف في محطات اليأس وكل ما يحتاجه أي منا هو الثقة والتصميم والارادة. وعلى كل منا أن تكون له أهداف قصيرة الأمد وطويلة الأمد لتحقيقها ويحاول أن ينجزها على أكمل وجه وقد يكون هناك صعوبات وهذا أمر طبيعي، لكن هناك العديد من الحلول والصفات التي تمكن أي منا التغلب عليها وتذليل الصعاب والايمان بالقوة الداخلية لكل منا...كل هذه الأسباب وغيرها كانت وما زالت أحد الأسباب في طريقي للقمة ولأكون في حاضري اليوم مع كوكبة متألقة من المفكرين والقادة والعلماء في الأمم المتحدة لعدة أعوام متتالية.. وكل هذا كان سبب اختياري كمشاركة ومحررة للكتاب الأول من نوعه على مستوى العالم والصادر عن الأكاديمية الملكية الدولية للعلوم (رازيت) – نيويورك - الولايات المتحدة، في اليوم العالمي للمرأة في ميدان العلوم والمقام في المقر الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك في الولايات المتحدة 2020، والذي ركز على أهمية تمكين المرأة ودورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. كنت المشاركة الوحيدة في هذا الكتاب وفي هذا الحدث المهم والمكان المهم في منظمة الأمم المتحدة وهذا دليل على أن المرأة العربية والسعودية قادرة بثقافتها وارادتها وابداعها الفكري أن تحتل مكانة متميزة في المجتمع الدولي.

كتاب "#11 فبراير: النساء والفتيات في العلوم من أجل تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة"
إقرأ إيضاً: "إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية
للمرأة العالمة دورها الأساس في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة

أي منافسة؟

كيف تصفين المنافسة اليوم في ميدان العمل العلمي بين الرجل والمرأة في مجتمعك العلمي؟
هل ضروري أن يتنافس الرجل والمرأة؟ قد تكون المنافسة بين المرأة والمرأة في المجالات المختلفة والرجل والرجل في المجالات المختلفة. إن المرأة والرجل شركاء في تنمية المجتمع، وتمكينها لا يعني أنها في صراع وتنافس مع الرجل أو ستأخذ مكانه. لكن لو نظرنا إلى نفقات البحوث العلمية في السعودية نجد أنها تعدت 45 مليون دولار وأنظمة الابتكار والتقنية 37 مليون دولار. ويجدر الذكر أن أي باحث علمي (رجل أو امرأة) يتقدم بطلب دعم بحوثه يتم تقييم البحث بغض النظر عن الجنس... عكس كثير من الدول المتقدمة والغربية حيث أن عامل الجنس قد يؤثر على إعطاء المنحة. وللعلم، في السعودية تتساوى الأجور في المجالات العلمية بنفس التخصصات العلمية والعمل بينما في الولايات المتحدة وبريطانيا وكثير من الدول الأخرى ما زالت المرأة تعاني عدم المساواة في الراتب لنسبة قد تصل إلى 30 في المئة. المنافسة في السعودية بين الباحثين والباحثات تكمن في الكفاءة ومن سيطرح الأفضل. وهذا يعني ضمن هذا الدعم المادي للبحوث العلمية، فالمنافسة قوية لكن المرأة السعودية ذات كفاءة وخبرة وطموح تمكنها من تجاوز التحديات التي أغلبها يعد عوامل شخصية وثقافية.

قرار استراتيجي

تشهد السعودية اليوم انفتاحًا لم تشهده من قبل. كيف انعكس على المرأة عمومًا، وعلى المرأة المتبحرة في العلوم خصوصًا؟
أرى أن دعم المرأة كان قرارًا استراتيجيًا قويًا.. اليوم المرأة السعودية تسير في الميادين المختلفة بخطوات ثابتة في العديد من المجالات بما فيها المجالات العلمية والمضي قدمًا للوصول إلى القمة، ما شكل فارقًا في استمرارية تحقيق الأهداف التنموية لكن ذلك لم يكن ليحدث لولا دعم القيادة الرشيدة ونظرتها الثاقبة للأمور وجعل المرأة شريكًا أساسًا في بناء الوطن وأصبحت بذلك صورة مشرفة ومشرقة أمام العالم. على المرأة أن تستغل هذا الانفتاح لبناء وخدمة الوطن والمجتمع وأن لا تسيء استخدام هذا الانفتاح بأساليب وسلوكيات قد تؤثر سلبًا في الأجيال القادمة. لذلك، دورنا نحن النساء عمومًا أن نعي مسؤوليتنا تجاه المجتمع فنحن بقدر ما بحاجة إلى طبيبات ومهندسات وعالمات نحن بحاجة إلى أمهات متعلمات عالمات مثقفات لبناء المجتمع والأجيال القادمة.

من حيث الحرية والعلم والمكانة الاجتماعية، أين تقف المرأة السعودية اليوم مقارنة مع نظيراتها العربيات؟
على الرغم من أن البنك الدولي رصد هذا العام أن المرأة العربية بصفة عامة تجاهد لبلوغ مراتب متقدمة في بلدانها، من وجهة نظري الشخصية أرى أن المرأة السعودية كانت وما زالت وهجًا علميًا واجتماعيًا واقتصاديًا بكل معنى الكلمة. من يراجع المراسيم الملكية والقرارات يرى أننا أمام انجازات وتغيرات جوهرية وتاريخية في حيز زمني وجيز. قد يكون صعبًا إحصاء المكاسب، لكن ها هي المملكة بدأت تجني ثمار تمكين المرأة على المستويين المحلي والعالمي. عربيًا، لا نستطيع أن نقارن دولة بأخرى، لكن نقارن مدينة بأخرى في الدولة نفسها. فالقرارات والمراسيم في الدولة الواحدة تصدر على الجميع، لكن نقارن المستوى بين منطقة وأخرى في نفس الدولة. لذلك، من الظلم مقارنة النساء من مختلف البلدان حتى وإن كن من المنطقة العربية. فالظروف والأحوال تختلف من دولة إلى أخرى.
أما من حيث الحرية والعلم والمكانة الاجتماعية فللمرأة العربية عبر التاريخ وفي الحاضر وكذلك سيكون في المستقبل الانجازات الكبيرة بكافة الميادين وبمختلف الأصعدة وكل ما أرجوه من وسائل الاعلام أن يسلط الضوء عليها أكثر فالنساء العربيات المختصات بكافة المجالات العلمية والأدبية يستحقن ذلك التميز..

التمكين أولًا وآخرًا

يتكلمون دائمًا عن تمكين المرأة. هل ترين أن ثمة معالجة لأوجه القصور في تمكينها؟
كما ذكرت سابقًا، السر ليس في تمكين المرأة لكن في مساندة ودعم ولاة الأمر والقيادة الرشيدة. عمومًا أرى أنه لا بد من خطوة بناء تكاملية تعزز دورها وتمكينها ولا بد من المؤسسات المختلفة دعمها واعطائها مزيدًا من الفرص في المشاركة بصنع القرار وفي برامج التنمية.

يعترفون دائمًا أن المرأة عنصر مهم لبناء مجتمع متكامل متجانس. لكن كيف يتصرفون حيال هذا الأمر؟
ان كان المقصود بكلمات (يعترفون) و(يتصرفون ) الرجل، فلا بد من الإشارة إلى أن من أنجبت الرجل وجعلته ما هو عليه هي المرأة. أما إن كان المقصود من (يعترفون ويتصرفون) التذكير في الجمع من الناحية اللغوية لتشمل المرأة، فمن بين كل المواضيع لن نجد ما يوفي المرأة حقها ولا يمكن أن نغفل دورها في كثير من المواقف في الماضي على مر العصور التاريخية وحتى وقتنا الحاضر. عندما مر وقت على السعودية ومرحلة ما كان يطلق عليه بمرحلة الاصلاحات الشاملة كان دور المرأه في تلك المرحلة أن تحقق مستويات عالية من التعليم وبناء المهارات المختلفة ولو لاحظت كانت المملكة في المراحل الأولى تستقطب الكفاءات من الخارج في مراحل البناء الأولى ولا ضير في ذلك.
مع التحول الاجتماعي والاقتصادي، ظهرت الحاجة إلى دور أكثر أهمية للمرأة بما يحقق استفادة قصوى. فالمرأة أصبحت تملك المعطيات اللازمة وبمشاركتها قفزت المملكة في كافة القطاعات قفزة نوعية تتناسب مع المرحلة الحالية ولنرجع إلى كافة التقارير والأرقام ولن تسعني المجلدات لاثبات هذا التغير الايجابي والجوهري وتلك القفزة النوعية. إن القيادة الرشيدة تجاوبت مع تطور المجتمع وثقافته ولم تخضع إطلاقًا لأي ضغوط خارجية .لا بد من أن نكتب للجيل والزمن القادمين وليس للحظة الراهنة لأن ما نكتبه شاهد على وعينا وثقافتنا وعصرنا. ربما نخطئ أو نصيب، الأهم أن نترك شيئًا موثقًا لمن يأتي بعدنا، شيئا يدل علينا.

معوقات مستجدة

هل ترين أن المعوقات الاجتماعية التي كانت تقف في طريق المرأة قد تغيرت؟
إن كثيرًا من المعوقات الاجتماعية التي كانت تقف في طريق المرأة كانت بسبب العوامل التنموية والجغرافية والتي أصبح بها الكثير من التسهيلات بعد ذلك. وخلال العقود الأخيرة، بدأ كثير من المعوقات يزول نتيجة الظروف التنموية. المرأة السعودية مع واقع يتغير واقتصاد يزدهر في وطن طموح تحصد ثمار الرؤية وما كان يؤرقها بالأمس أصبح زمنًا مضى في طي النسيان فتبدلت أحوالها وعظم شأنها وأصبحت بصمة تاريخية حتى وصلت لمراكز صنع القرار وهذا تكليف لها وليس تشريف.. لكن ماذا بعد ... السعودية اليوم غير السعودية أمس مع هذه القرارات الحكيمة والشجاعة والغاء الكثير من القوانين والمظاهر الاجتماعية التي كانت تعيق التطور. لا يكاد يمر علينا شهر من دون صدور قرارات تطويرية جديدة عالجت الكثير من المفاهيم.

أرى القيادة الرشيدة الان تراهن على مساهمات أبناءها وبناتها على حد سواء في برامج التطوير في كافة أنحاء الدولة، وهنا يتوجب علينا نحن ذوي الكفاءات مساندتها. فلا أحد يستطيع أن يدرك أولويات المملكة الا الشعب نفسه. أما عن المعوقات الاجتماعية الناتجة عن آراء وتصرفات الأفراد والتي غالبًا ما تؤثر سلبا على مستقبل الوطن وتنميته، فهنا تقع مسؤليتنا نحن أهل العلم في تغييرها بالتوعية.

في يوم المرأة العالمي، ماذا تنتظرين بعد من المرأة السعودية؟
نحن جزء من هذا المجتمع أعمالنا وسلوكياتنا تؤثر فيه، فلا بد من أن نتفرد بثقافتنا وهويتنا وأخلاقنا وانجازاتنا العلمية والفكرية والتي هي أساس ثبات المرأة ليعلو نجمها بين العالم.