نصر المجالي: تركزت محادثات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الزائر لبروكسل، يوم الاثنين، على مسألة الهجرة في ظل التطورات الأخيرة، حيث يبقى آلاف المهاجرين عالقين على الحدود التركية ـ اليونانية بعد أمر من سلطات أنقرة اعتبرت محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي الذي يرفض ابتزاز أردوغان.

ويلتقى أردوغان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، حيث يبحث معهما قضايا وملفات إقليمية، وخصوصا العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي لم تعجبه الكثير من مواقف أردوغان.

وكانت تقارير قالت إن زيارة أردوغان لبروكسل تأتي بناء على دعوة من رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل، الذي زار أنقرة يوم الأربعاء والتقى الرئيس التركي.

وجاء في تغريدة للمتحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي بارند لايتس أن اللقاء سيتناول "القضايا المشتركة للاتحاد الأوروبي وتركيا بما فيها الهجرة والأمن والاستقرار في المنطقة والأزمة في سوريا".

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبل محادثات مع أردوغان في بروكسل مساء اليوم الاثنين "تشير الأحداث على الحدود اليونانية التركية بوضوح إلى ضغط بدوافع سياسية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي".

وأضافت في مؤتمر صحفي يوم الاثنين بأن التوصل إلى حل لهذا الموقف يتطلب تخفيف الضغط الموجود على الحدود.

واحتشد آلاف المهاجرين على الحدود البرية مع اليونان بعد أن أعلنت تركيا أواخر الشهر الماضي أنها لن تمنعهم من مغادرة أراضيها للتوجه إلى أوروبا.

ويرافق أردوغان في زيارته التي تستغرق يوما واحدا، وزراء الخارجية مولود تشاووش أوغلو والدفاع خلوصي أكار والداخلية سليمان صويلو ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان.

كما يضم وفد الرئيس أردوغان، رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون والناطق باسم الرئاسة إبراهيم قالن ومتحدث حزب العدالة والتنمية عمر جليك.

فتح الأبواب

وكان أردوغان أعلن يوم الأحد، أنه يتوجه إلى بروكسل لبحث مسألة الهجرة مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي بعد أن فتحت أنقرة حدودها أواخر الشهر الماضي للمهاجرين، داعيا اليونان إلى "فتح الأبواب" أمام المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا.

وقال أردوغان "سألتقي مسؤولين في الاتحاد الأوروبي (الاثنين) في بلجيكا" مشيرا إلى أنه سيناقش معهم مسألة الهجرة بعد أن فتحت تركيا حدودها للمهاجرين. وتابع "آمل أن أعود من بلجيكا بنتائج مختلفة".

وجدد أردوغان انتقاداته للاتحاد الأوروبي قائلا إن التكتل لم يقدم مساعدات كافية للاجئين، ودعا أردوغان اليونان إلى "فتح الأبواب" أمام المهاجرين للوصول إلى سائر دول الاتحاد الأوروبي.

مساعدات أقل

يشار إلى أن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الموازنة يوهانس هان كان أعلن يوم السبت الماضي أن المساعدة المالية المقدمة لتركيا للاعتناء باللاجئين على أرضها قد تكون أقل من السابق وأنها سوف تتوقف على مدى التزام أنقرة باتفاق الهجرة، في ورقة ضغط تسبق زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مقر الاتحاد المقررة الاثنين بحثا عن زيادة الدعم مقابل الحراسة.

وقال هان لصحيفة (دي فيلت) الألمانية: "لقد جرى تشييد الكثير من المدارس ودور رياض الأطفال والمستشفيات للاجئين وأنه لا يتعين تمويل ذلك مجددا".

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سوف يكون مستعدا من حيث المبدأ لتقديم مزيد من المساعدة لدعم اللاجئين في تركيا” في حال أنهت تركيا "سياساتها الابتزازية" بالتهديد بإرسال المزيد من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي.

وتستضيف تركيا نحو 3.6 مليون لاجئ من سوريا حيث تدور مواجهة بين قواتها وقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا.

ويحرص الاتحاد الأوروبي على تجنب تكرار أزمة المهاجرين التي وقعت في عامي 2015 و2016 وشهدت دخول أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من الشرق الأوسط وآسيا، إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر تركيا واليونان.

وأوقف الاتفاق الذي أبرمه التكتل مع تركيا في 2016 هذا التدفق إلى حد كبير، وهو اتفاق يأمل الاتحاد الأوروبي في إنقاذه، على الرغم من أن تركيا تخشى الآن وصول موجة لاجئين جديدة إليها بسبب تصاعد القتال في سوريا.

ويقول الاتحاد الأوروبي إنه دفع حتى الآن نحو نصف المبلغ الذي تعهد به وهو ستة مليارات يورو لمساعدة تركيا على توفير مساكن ومدارس ومراكز طبية للاجئين على أراضيها. ولوح التكتل باحتمال تقديم مزيد من المساعدات.

نفس أسلوب الضغط

وقال مراقبون إن الاتحاد الأوروبي يتبع أسلوب الضغط نفسه الذي لجأ إليه أردوغان لتحصيل مكاسب جديدة من خلال استثمار معاناة الآلاف من اللاجئين، مشيرين إلى أن تركيا لا تريد إفراغ المناطق تحت سيطرتها في سوريا من المدنيين كونهم الورقة الأهم في يدها، وسبق أن منعت الراغبين في العودة إلى مناطق سيطرة النظام بالرغم من توفير روسيا منافذ آمنة لمن يريد العودة.

وذكرت صحيفة (فيلت) أن الهدف من الزيارة هو التوصل إلى حل لأزمة المهاجرين الحالية على الحدود التركية – اليونانية، وإعادة توجيه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا على نحو مبدئي، بدل أسلوب الابتزاز والضغط لتحسين المكاسب الذي لجأت إليه أنقرة.

وأجرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتصالا هاتفيا بأردوغان الجمعة. وبحسب بيانات متحدثة باسم المركز الصحافي الاتحادي في برلين، تناولت المحادثات الوضع على الحدود التركية – اليونانية، وكذلك نتائج لقاء أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو قبل ثلاثة أيام.