واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب حال الطوارئ في الولايات المتحدة في وقت صنّفت منظمة الصحة العالمية أوروبا بأنها بؤرة جديدة لفيروس كورونا المستجدّ، بالتزامن مع إغلاق دول كثيرة الحدود والمدارس وإلغائها فعاليات في محاولة لاحتواء الوباء.

وارتفعت أسعار الأسهم في بوصة وول ستريت الجمعة بعد أسبوع تكبّدت فيه أسواق المال خسائر هائلة أثارتها المخاوف من أن يؤدي تفشي المرض إلى ركود عالمي.

وقال ترمب "من أجل تسخير الطاقة القصوى لموارد الحكومة الفدرالية، أعلن رسمياً حال الطوارئ"، مشيراً إلى أنّ هذا الإجراء سيتيح الاستفادة مما يصل إلى 50 مليار دولار من الأصول لمكافحة الفيروس.

جاء هذا الإجراء في وقت ارتفعت أعداد الإصابات والوفيات في أوروبا جراء الفيروس. وأعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أن القارة بات لديها الآن "عدد إصابات ووفيات مسجّلة يفوق (العدد) في سائر دول العالم مجتمعةً، من دون احتساب الصين". ووصف الوضع بأنه "مرحلة مأساوية" وحذّر من أنه لا يزال من "المستحيل" تحديد المرحلة التي يبلغ فيها الفيروس ذروته في العالم.

تجاوزت حصيلة الوفيات في العالم الخمسة آلاف شخص بينهم حوالى 1500 حالة في أوروبا، في حين تخطى عدد الإصابات في العالم الـ140 ألفاً، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس من مصادر رسمية.

سجّلت إيطاليا وإسبانيا وإيران التي أصبحت بؤراً رئيسة للفيروس، ارتفاعاً كبيراً في أعداد الإصابات والوفيات خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، فيما أُفيد عن تسجيل أول إصابات في كينيا وإثيوبيا هي الأولى في غرب إفريقيا.

وأعلنت فنزويلا "حال التأهّب" بعد تأكيد إصابتين وأغلقت كولومبيا حدودها مع فنزويلا ومنعت دخول الأجانب الذين زاروا أوروبا وآسيا في آخر 14 يوماً.

وكذلك فعلت روسيا التي أغلقت حدودها مع بولندا والنروج ابتداء من منتصف ليل السبت في حين أن حدودها مغلقة مع الصين. وفرضت موسكو قيودا على سفر الأجانب إليها لأي سبب، باستثناء مواطني بيلاروسيا والوفود الرسمية. وأغلقت بولندا بدورها حدودها مع تسجيل وفاة ثانية جراء الفيروس.

وفرضت الحكومات قيوداً صارمة لاحتواء انتشار المرض وكشفت عن خطط تمويل كبيرة وطارئة في محاولة للحدّ من الأضرار الاقتصادية.

وقال ترمب إن الولايات المتحدة ستشتري كميات كبيرة من النفط الخام للاحتياطيات الاستراتيجية وأعلن التنازل عن فائدة القروض الطلابية خلال الأزمة، مؤكدًا أن "الأسابيع الثمانية المقبلة حساسة". وأقر مجلس النواب الأميركي فجر السبت حزمة إجراءات لمساعدة الأميركيين المتضررين من تفشي فيروس كورونا المستجد. وسيعقد قادة دول مجموعة السبع قمة استثنائية عبر الفيديو الاثنين لمناقشة تنسيق جهودهم لمكافحة الوباء العالمي.

وتمّ إرجاء أو إلغاء أحداث رياضية وثقافية كثيرة فتأثرت فعاليات بارزة بهذه الاجراءات من مسارح برودواي إلى الدوري الانكليزي لكرة القدم. أصاب الفيروس عدداً من الشخصيات المعروفة من بينهم ممثلون في هوليوود ومسؤولون سياسيون وكذلك زوجة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

الأسوأ في القرن
وتفشى وباء كوفيد-19 الذي ظهر للمرة الأولى في الصين في ديسمبر، في جميع أنحاء العالم رغم استقرار أعداد الإصابات والوفيات في آسيا في الأيام الأخيرة.

في كوريا الجنوبية التي كانت أكبر بؤرة للمرض خارج الصين، تجاوز عدد المتعافين من المرض مؤخراً عدد الإصابات الجدد للمرة الأولى، وكذلك سُجّل أدنى عدد من الإصابات الجديدة خلال ثلاثة أسابيع. وقالت الصين إنها تخطت "ذروة" الوباء بعدما سجلت أكبر عدد إصابات ووفيات جراء المرض.

وأفادت بكين السبت عن 11 إصابة جديدة فقط بالفيروس، معظمها لدى أشخاص قادمين من خارج الصين للمرة الأولى منذ ظهور المرض. وسجّلت إيطاليا، الدولة الأكثر تأثراً بالفيروس في أوروبا، أعلى حصيلة يومية مع 250 وفاة خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في حين أعلنت إسبانيا حال التأهب بعد أن تجاوز عدد المصابين لديها الأربعة آلاف شخص.

وأغلقت دول أوروبية عدة حدودها أمام الأجانب وكذلك أقفلت الشركات غير الأساسية والمطاعم والفنادق والمتاحف وحظرت التجمعات العامة. من جهتها، أغلقت فرنسا الدولة الأكثر استقطاباً للسيّاح، برج إيفل ومتحف اللوفر جراء ما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "أسوأ أزمة صحية في فرنسا منذ قرن".

جاءت الإجراءات الجديدة بعد أن منع ترمب في هذا الأسبوع جميع المسافرين من أوروبا من دخول الأراضي الأميركية وذلك لمدة 30 يوماً. وندد الاتحاد الأوروبي بهذا التدبير إذ إنه يسعى جاهداً لدعم اقتصاد الدول الأعضاء.

وأغلقت المدارس الأميركية أبوابها في جميع أنحاء البلاد ويلزم عدد متزايد من الأميركيين منازلهم فيما أصبحت لويزيانا أول ولاية أميركية تُرجئ الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي. وأعلنت شركات طيران عن إجراءات إضافية لعدم انتقال الأشخاص.

ومنع البنتاغون جميع موظفيه العسكريين والمدنيين من القيام برحلات داخلية اعتباراً من الاثنين للمساهمة في وقف تفشي الفيروس.

وبعدما عرفت بورصة وول ستريت أسوأ تراجع منذ الانهيار المالي عام 1987، شهد يوم الجمعة صعوداً للمؤشرات بفضل إجراءات لدعم الاقتصاد أعلنتها كبرى الاقتصادات العالمية. وأغلق مؤشر داو جونز مرتفعاً بنسبة 9,4% بعد إعلان ترامب حال الطوارئ.

ترودو في الحجر
يزرع الفيروس البلبلة في مجريات الحياة اليومية في العالم. وبدت المحال والساحات والمقاهي التي تكون عادة مكتظة بالناس، خالية في إيطاليا التي فرضت على جميع أراضيها تدابير إغلاق تام غير مسبوقة في زمن السلم.

ولا يستثني الفيروس أحداً. فقد أعلن رئيس الوزراء الكندي أنه يخضع للحجر الذاتي بعد أن ثبُتت إصابة زوجته، إعلان الممثل الأميركي توم هانكس أنه وزوجته مصابان بالمرض. وقال الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو الجمعة أن أجرى فحص الكشف عن المرض وتبيّن أنه غير مصاب بعد تأكيد إصابة مساعده.

وأثّر الفيروس بشكل كبير على الأحداث الرياضية ووضع علامة استفهام كبيرة حول الألعاب الأولمبية في طوكيو التي قال ترامب إن المنظمين "ربما أجّلوها لمدة عام"، ما دفع اليابان إلى الردّ بغضب ونفي الخبر.

في بريطانيا، حيث أثارت استراتيجية الحكومة الصدمة، أرجأت الملكة إليزابيث التزامات عدة كانت تنوي المشاركة فيها قريبا، وكذلك أُلغيت الانتخابات المحلية التي كانت مقررة في مايو.

ومع تأكيد مختلف السلطات أنه ينبغي تجنّب التجمعات الكبيرة، تمّ إغلاق مراكز الترفيه على غرار منتزه "ديزني لاند" وإرجاء الدوري الهندي الممتاز للكريكيت.