واشنطن: دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء إلى توحيد الجهود في الولايات المتحدة من أجل التصدي لفيروس كورونا المستجد، متعهّدا وضع الخصومات السياسية جانبا، وذلك بعد إصدار البيت الأبيض توجيهات ملتبسة حول مكافحة الوباء واتّخاذ عدد من الولايات تدابير متفاوتة.

وكان سيّد البيت الأبيض قد أوصى الإثنين الولايات والسلطات المحلية بتفادي أي تجمع يضم أكثر من عشرة أشخاص وبحصر عمل المطاعم والمقاهي بتلبية طلبات "تيكاواي" (الاستلام والمغادرة) مؤكدا في الوقت نفسه أن الأمر يقتصر على توصيات وأن الولايات ليست ملزمة التقيّد بها.

لكن إزاء تخطي عدد الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة 5700 بينها 94 حالة وفاة، تغيّرت توجيهات البيت الأبيض الذي أعلن مساعدات كبيرة لدعم الاقتصاد.

وقالت منسّقة ملف مكافحة فيروس كورونا ديبورا بيركس "يجب على كل رئيس بلدية وحاكم التقيّد بالتوصيات الصادرة عن البيت الأبيض ورئيس الولايات المتحدة".

وقال ترمب "لست راضيا عن الولايات" التي لا تتقيّد بالتوصيات.

وبعدما قلل طويلا من خطورة الوباء اعتمد ترمب موقفا أكثر تشددا، وقال "نريد إنقاذ أكبر عدد من الأرواح. يمكننا استعادة كل شيء إلا الأرواح".

- "إنها الفوضى" -

وكان العدد الأكبر من حكام الولايات الأميركية ورؤساء بلديات المدن الكبرى الذين راقبوا من بعيد الصين ودولا أوروبية عدة تفرض قيودا مشدّدة، قد اكتفوا بإعلان تدابير متفاوتة وأحيانا متناقضة.

وعلى سبيل المثال، في حين أعلنت مدينة نيويورك وولاية ماساشوستس اقتصار عمل المقاهي والمطاعم على تلبية طلبات الاستلام والمغادرة، نشر حاكم ولاية أوكلاهوما كيفن ستيت على تويتر صورة له مع عائلته في مطعم مكتظ، في ما يشبه الدعوة للاقتداء به.

وكانت الولايات قد حددت سقوفا متفاوتة للتجمّعات، فنيويورك وولاية واشنطن كانتا حتى يوم الإثنين تمنعان التجمّعات التي تتخطى خمسين شخصا، في حين أن ولاية نيبراسكا كانت قد حدّدت هذا السقف بعشرة أشخاص.

وقال آندرو كوومو، حاكم ولاية نيويورك التي تعتبر من أكثر الولايات تأثرا بالفيروس "هناك كم كبير من التدابير المتّخذة في أنحاء البلاد، إنها الفوضى".

واورد إيروين ريدلينر بروفسور الصحة العامة ومدير المركز الوطني للاستعداد للكوارث في جامعة كولومبيا الأميركية "نحن نتلقى رسائل ملتبسة، غير توجيهية، من الحكومة الفدرالية في وقت نحن أحوج ما يكون لتوجيهات دقيقة وصريحة".

- "روحية ممتازة" -

الثلاثاء في مواجهة هذه الأزمة الكبرى، بدا البيت الأبيض وحكام الولايات عازمين على تخطي الاستقطاب الحاد الذي يسيطر على البلاد منذ العام 2016، والذي تفاقم جراء حملة الانتخابات الرئاسية.

وأكد الرئيس الأميركي وجود "روحية ممتازة لدى الجمهوريين والديموقراطيين على السواء"، معتبرا أن هناك أمورا إيجابية "لم يشهدها منذ نحو ثلاث سنوات ونصف سنة".

وقال ترمب "سأتعاون مع الحاكم كوومو وحاكم (كاليفورنيا غافين) نيوسوم"، وهما ديموقراطيان من أبرز معارضي الإدارة الأميركية الحالية.

وبادل كوومو الانفتاح بمثله وأشار إلى وجود توجّه لتعبئة المتقاعدين وطالب القطاع الصحي بالتصدي للوباء في ولاية نيويورك حيث بلغ عدد المصابين 1,374 ، علما أن التوقّعات تفيد بأن الإصابات ستبلغ ذروتها بعد 45 يوما.

وقال كوومو إنه أبلغ الرئيس بأنه مستعد للتعاون التام معه.

وأضاف "في مواجهة فيروس كورونا لسنا ديموقراطيين أو جمهوريين نحن أميركيون"، مضيفا أن الوقت لا يسمح بالمناكفات السياسية.

وأبدى ريدلينر أمله أن تكون بداية التقارب هذه إحدى الفوائد الطويلة الأمد لهذه الأزمة.

وقال "ربما يساعدنا هذا الأمر على أن نكون أكثر اتحادا في مواجهة عدونا المشترك" على الصعيدين الوطني والدولي، وأضاف أن "الأمر مشابه جدا للتغيّر المناخي وقد يسهل هذا الأمر المناقشات حول هذا الملف".