بعدما قامت بكل ما بوسعها لتجنبه، يبدو أن السلطات الإيرانية سلمت بضرورة فرض اجراءات مثل عزل السكان أو الحجر في إطار محاولاتها وقف انتشار وباء كوفيد-19.

مع أكثر من ألفي وفاة بالمرض وعدد إصابات يواصل الارتفاع وبات يقترب من 30 ألف حالة بحسب الأرقام الرسمية، تعد ايران إحدى أكثر الدول تضرراً من فيروس كورونا المستجد في العالم مع اسبانيا وايطاليا والصين.

وكانت الحكومة رفضت حتى الآن فرض اجراءات عزل أو حجر صحي كما فعلت عدة دول أخرى قائلة إنها تتخوف أن يؤدي ذلك الى كارثة على الاقتصاد الوطني الذي أضعف كثيرا جراء العقوبات الأميركية.

وكان نائب وزير الصحة الإيراني ايرج حريرجي قال في 24 شباط/فبراير قبل 24 ساعة على إعلان اصابته بالفيروس "الحجر، هو أمر كنا نقوم به قبل الحرب العالمية الأولى في حقبة الكوليرا والطاعون. الصينيون أنفسهم غير راضين كثيرا عن ذلك".

وبدلا من ذلك، حضت السلطات السكان على البقاء في منازلهم "قدر الإمكان" معتبرة انه ليس هناك ضرورة للوصول الى ما تقوم به عدة دول أوروبية استعانت بالشرطة لفرض حظر تنقل على المواطنين.

لكنها غيرت موقفها الأربعاء، فقد أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء تطبيق "قيود جديدة" قريبا "صعبة بالنسبة للمواطنين".

وأشار الى "نقاش طويل جرى داخل اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا المستجد" قائلا "ليس هناك من خيار آخر" وهذه القرارات تفرض نفسها "لحماية" الشعب.

"موجة جديدة"

وقال روحاني "لقد تجاوزنا الموجة الأولى من المرض، لكن قد يكون هناك موجة ثانية في الأيام المقبلة". ويطرح البعض تساؤلات في الخارج حول الأرقام التي تنشرها السلطات الايرانية ويرون انها قد يكون يجري التقليل منها.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي لاحقا أن "عمليات السفر الجديدة ستمنع، الخروج من المدن سيمنع" بدون تحديد موعد.

ويتزامن قرار المنع الجديد مع العطلة المدرسية بمناسبة رأس السنة الإيرانية وفي وقت يقضي فيه الملايين إجازتهم خارج المحافظات التي يسكنون فيها.

وقال ربيعي "على الناس العودة فوراً إلى مدنهم"، متحدثاً عن "أمر" يعاقب خرقه ب"غرامات" مالية".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) عن وزير الداخلية عبد الرضا رجماني فضلي قوله إن "الدخول والخروج من المدن سيخضع لمراقبة أشد، ونحض الناس على التعاون أكثر مع السلطات اعتباراً من الغد أو بعد غد حين سيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ".

وتحدث روحاني عن اجراء سيستمر "لمدة 15 يوماً" مشيرا الى أنه يفترض "تطبيقه بعناية حتى السبت 4 نيسان/ابريل". ويفترض أن يعود الطلاب الى المدارس في ذلك التاريخ بعد عطلة عيد النوروز.

"قرارات أشد"

لمح ربيعي من جهته الى احتمال فرض اجراءات عزل قائلا "اذا اعتبرنا ان هناك كثير من حركة التنقل غير المفيدة في المدن، فسنتخذ بالتأكيد قرارات أشد".

وأقرت ايران رسميا بوصول الوباء الى أراضيها في 19 شباط/فبراير، وهو وقت متأخر بحسب ما أثر نائب وزير الصحة الذي قال ان كوفيد-19 كان داخل الحدود اعتباراً من يناير.

والاربعاء أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور عن 143 حالة وفاة إضافية جراء كوفيد 19 ما يرفع الحصيلة الرسمية إلى 2077 حالة وفاة في البلاد.

وأعلن أيضا عن 2206 حالات إصابة جديدة بمرض كوفيد 19" خلال 24 ساعة، ما يشكل رقما قياسيا ليوم واحد. بحسب أرقام الوزارة فقد سجلت ايران 27017 حالةً منذ بدء تفشي الوباء.

ومتحدثاً عن الإجراءات الجديدة، قال جهانبور "سيتم تجنب أي تحرك غير ضروري...خصوصاً بين المدن". وأضاف "ستفرض قيود تستند الى المشاركة الاجتماعية مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأساسية للسكان"، موضحاً "هذا تماماً ما نطلق عليه المرحلة الثالثة من الحجر".

وفي وقت سابق، بثت محطة التلفزيون الرسمية برنامجا قصيرا تحت عنوان "الرياضة في المنزل".

إلى ذلك، انتقد النائب الإيراني محمود صادقي بشدة، روحاني لمنعه إجراءات تقييد التجول لمواجهة كورونا، واتهمه بأنه يتعامل مع الأزمة الصحية في البلاد من منطلق نظرية المؤامرة.

وقال صادقي، النائب عن طهران، في تغريدة، الأربعاء: "القرارات التي يتخذها كبار المسؤولين الإيرانيين تستند إلى نظرية المؤامرة"، مضيفًا أنه "بينما يصر الخبراء على أهمية التباعد الاجتماعي والإغلاق للحد من انتشار الفيروس، يقاوم روحاني إغلاق المرافق الحكومية، ويعرّض حياة الناس للخطر".

بدوره، وفي تطور آخر، اقترح النائب عبد الكريم حسين زاده، في رسالة وجهها إلى رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، تمرير قانون لإغلاق البلاد بأكملها لمدة 30 يومًا، وتمديد هذه الفترة لاحقًا إذا لزم الأمر.

في حين حذر نائب وزارة الصحة علي رضا زالي، من موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا مع عودة المصطافين أثناء عطلة النوروز إلى منازلهم بحلول الأول من أبريل.