واشنطن: مدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب القيود الطارئة المفروضة للحد من تفشي كورونا المستجد بينما حذّر كبير العلماء لديه من احتمال وفاة 200 ألف شخص في الولايات المتحدة بكوفيد-19 في حين وصلت إجراءات العزل التام الاثنين إلى كل من موسكو ولاغوس.

يأتي التقييم الجديد من قبل ترمب، الذي سبق وقال إنه يتطلع لعودة الحياة في البلاد الى طبيعتها بحلول منتصف أبريل، في وقت حذّرت بريطانيا وإيطاليا من أن الإجراءات المفروضة لاحتواء الوباء ستستمر لأشهر. وأسفر كوفيد-19 عن وفاة أكثر من 35 ألف شخص حول العالم بينما تجاوز عدد الإصابات المؤكدة 700 ألف حالة.

اعتبارا من الأحد، طلب من أكثر من ثلاثة مليارات و380 مليون شخص حول العالم الامتثال لإجراءات العزل، وفق قاعدة بيانات أعدّتها فرانس برس، في وقت يؤثّر الفيروس على جميع نواحي الحياة ليتسبب بإلغاء ملايين الوظائف والمناسبات الرياضية وتأجيل انتخابات.

حذّر ترمب من أن الأزمة في الولايات المتحدة، التي شهدت تضاعف عدد الإصابات لديها خلال يومين فقط، قد تتدهور لبعض الوقت. وأفاد أن "التقديرات بناء على النموذج (الحالي) تشير إلى أن معدّل الوفيات سيبلغ ذروته على الأرجح خلال أسبوعين"، معلنا عن تمديد إرشادات التباعد الاجتماعي حتى 30 أبريل. وأضاف "لن يكون هناك ما هو أسوأ من إعلان النصر قبل تحقيقه".

جاءت تصريحات ترمب بعدما حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، من إمكان أن يحصد الفيروس أرواح ما بين مئة ومئتي ألف شخص في الولايات المتحدة ومن احتمال إصابة الملايين. وتضغط الإصابات الجديدة على نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

الأحد، بدأت جمعية خيرية بإقامة مستشفى ميداني في حديقة سنترال بارك في نيويورك للمساعدة في تخفيف العبء عن مؤسسات المدينة. وقال الطبيب وقائد فريق الاستجابة لكوفيد-19 في جمعية "ساماريتانز بورس" إليوت تينبيني "هناك العديد من الإصابات هنا في نيويورك والعديد من الأشخاص ممن هم بحاجة إلى المساعدة". وأضاف "تمتلئ المستشفيات في أنحاء المدينة وتحتاج للمساعدة بقدر الإمكان. لذا نحن هنا".

انعكست التداعيات الإنسانية للإغلاق العام الذي جمّد قطاعات ضخمة من الاقتصاد الأميركي في مخازن الأغذية في نيويورك، حيث يقول المنظمون إن الطلب بلغ ذروته. وقال إريك ريبرت من منظمة الإنقاذ الغذائي "فود هارفست" إنه "كان هناك في السابق 1,2 مليون شخص في نيويورك بحاجة إلى المساعدة للحصول على الغذاء.الآن، تضاعف العدد ثلاث مرات".

ستة شهور
تزامنت إعادة تقييم ترامب للإطار الزمني لعودة الأمور إلى طبيعتها مع تدهور الأوضاع في أوروبا. وسجّلت إسبانيا 838 وفاة خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد الوفيات بشكل قياسي لليوم الثالث على التوالي.

قال الممرض في مستشفى "إنفانتا صوفيا" في مدريد إدواردو فيرنانديز "امتلأ قسم العناية المشددة لدي بشكل كامل". ويذكر أن السلطات أقامت مستشفى ميداني يضم 5500 سرير في مدريد وحوّلت حلبة تزلج إلى مشرحة. أضاف فيرنانديز "نحن على شفير انهيار كامل إن لم يكن ذلك قد حصل بالفعل".

وأفاد مسؤولون بريطانيين إلى أن الحياة قد لا تعود لما كانت عليه قبل ستة أشهر. وأفادت نائبة كبير المستشارين الطبيين في بريطانيا جيني هاريز أنه لن يكون بإمكان الأطباء تحديد إن كان العزل التام الحالي نجح في إبطاء تفشي الوباء قبل أسابيع عدة.

وذكرت أن إجراءات احتواء الفيروس ستخضع لمراجعة كل ثلاثة أسابيع "على الأرجح على مدى الشهور الستة المقبلة" على أقل تقدير.

أما في إيطاليا، حيث سجّلت ثلث الوفيات العالمية، فحذرت الحكومة المواطنين من أنه سيكون عليهم الاستعداد لفترة عزل تام "طويلة جدا" يتم رفعها تدريجيا، رغم تداعياتها الاقتصادية.

وقال مستشار الحكومة في مجال الصحة لوكا ريتشيلدي "نخوض معركة طويلة جدا. ننقذ حياة الناس عبر سلوكنا". لكن الضغوط التي تسببت بها التدابير المفروضة على المجتمع الإيطالي والتي كانت أمرا لا يمكن تخيّله قبل أسابيع فقط بدأت تظهر تدريجيا.

لعل المثال الأبرز كان بدء عناصر من الشرطة مدججين بالسلاح بحراسة مداخل متاجر بيع الأغذية في صقلية بعدما وردت تقارير عن عمليات سلب ونهب قام بها أشخاص لم يعودوا قادرين على شراء الأطعمة.

وكانت موسكو آخر المدن الأوروبية التي تأمر سكانها بالتزام منازلهم. ولن يسمح للسكان بمغادرة منازلهم إلا في حال وجود سبب صحي طارئ أو للذهاب إلى عملهم في حال رأت السلطات أنه ضروري أو لشراء الأطعمة أو الأدوية. لكن سيسمح لهم باصطحاب كلابهم إلى الخارج ضمن قطر مئة متر في محيط منازلهم.

ثلاثة مليارات حول العالم من دون مياه وصابون
بعيدا في القارّة السمراء، يتوقع أن تنضم كبرى مدن إفريقيا لاغوس إلى جملة المدن حول العالم التي أمر سكانها بالتزام منازلهم بعدما أعلن الرئيس النيجيري محمد بخاري بعزل تام يستمر لأسبوعين. وستطبّق ذات الإجراءات في العاصمة أبوجا.

وسجّلت نيجيريا، البلد الأكثر اكتظاظا في إفريقيا والتي تعد نحو 190 مليون نسمة، 97 إصابة مؤكدة حتى الآن بكوفيد-19 ووفاة واحدة. لكن عمليات الفحص كانت محدودة.

حذّر مسؤولون من أن البلد يواجه خطر حدوث ارتفاع "متسارع" في الحالات إلا إذا تم تعقّب الأشخاص الذين احتك بهم أولئك الذين يشتبه بأنهم يحملون الفيروس بشكل أسرع.

وأغلقت السلطات في لاغوس، المدينة الشاسعة التي يقطنها حوالى 20 مليون شخص، المدارس والمتاجر باستثناء تلك التي تبيع المواد الغذائية وفرضت قيودا على التجمعات للحد من التنقل.

لكن من شأن فرض عزل تام أن يشكل تحديا هائلا للسلطات في بلد حيث يعيش عشرات الملايين في فقر مدقع ويكسبون قوتهم يوما بيوم. وينطبق الأمر نفسه على أجزاء واسعة من إفريقيا.

في بنين، قال الرئيس باتريس تالون إن بلاده لن تفرض عزلا تاما كونها تفتقد "الإمكانيات التي تملكها الدول الغنية" للقيام بذلك.
حذرت مجموعات إغاثية من أن تداعيات فيروس كورونا المستجد على دول العالم المتقدمة قد تبدو ضئيلة للغاية أمام الآثار المدمرة التي قد يتركها على سكان الدول الفقيرة أو مناطق الحروب على غرار سوريا واليمن.

ويشير خبراء الأمم المتحدة إلى أن ثلاثة مليارات شخص حول العالم لا يملكون القدرة على الوصول إلى المياه والصابون، الأسلحة الأساسية للحماية من الفيروس.