باريس: سجلت رسمياً في العالم أكثر من 700 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد منذ بدء تفشي الوباء، وفق تعداد أعدته فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية الاثنين عند الساعة 8,00 ت غ.

بلغ عدد الإصابات 715204 حالات على الأقل، بينها 33568 وفاة، في 183 بلداً ومنطقة، لا سيما في الولايات المتحدة (143025 إصابة و2514 وفاة)، وإيطاليا (97689 إصابة و10779 وفاة)، والصين (81470 إصابة و3304 وفيات). ولا يعكس عدد الإصابات المسجلة العدد الفعلي للمصابين في العالم وذلك لأن العديد من الدول لا تجري فحصاً إلا لمن تستدعي حالتهم النقل إلى المستشفيات.

انضمت موسكو ولاغوس الاثنين الى أكثر من ثلاثة مليار نسمة في العالم يلازمون منازلهم على أمل الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي بات الرئيس الأميركي يأخذه لى محمل الجد مستعدا للاسوأ. لكن اجراءات العزل لمواجهة هذا الوباء الذي تسبب بوفاة أكثر من 33 ألف شخص في العالم بينهم طفل يقل عمره عن السنة، لا تزال غير مطبقة إلى حد واسع في دول عدة في افريقيا أو أميركا اللاتينية خصوصا.

"ابقوا في المنازل" رسالة تتكرر على التلفزيون في فنزويلا لكنها تصطدم بالواقع كون 60% من سكان البلاد البالغ 30 مليون نسمة يواجهون نقصا في المياه بحسب منظمات غير حكومية. النتيجة أنه في أحد احياء كراكاس الشعبية، هناك 200 شخص ينتظرون على الرصيف لتعبئة المياه.

دخلت موسكو الاثنين اليوم الأول من اجراءات العزل لمدة غير محددة فيما دعا رئيس الوزراء الروسي بقية البلاد الى الاستعداد للقيام بالمثل من أجل وقف انتشار فيروس كورونا المستجد. وأمر رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين بعزل تام، والذين لا يحترمون الاجراءات يواجهون عقوبة سجن تصل الى خمس سنوات اعتبارا من 8 مارس.

يسمح لسكان موسكو البالغ عددهم 12,5 مليون نسمة بالخروج من منازلهم فقط للتوجه الى العمل اذا كان ضروريا وللطوارئ الطبية وللتمون او التوجه الى صيدلية. كما يمكنهم الخروج لرمي النفايات او لنزهة الكلب في محيط مئة متر من مساكنهم.

في العاصمة النيجيرية لاغوس التي تعد 20 مليون نسمة بدأت ايضا اجراءات العزل التام. وسجلت نيجيريا، الدولة الاكثر اكتظاظا بالسكان في افريقيا مع حوالى 200 مليون نسمة، مساء الاحد 97 حالة معلنة لكن العدد قد يرتفع سريعا كما حذر وزير الاعلام لاي محمد الخميس.

وفيما بلغ عدد الاصابات 140 الفا في الولايات المتحدة من اصل 700 الف اصابة مثبتة في العالم، بدأ الرئيس الاميركي دونالد ترمب يكثف الاجراءات حيث مدد القيود المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد. ويأتي هذا التغيير في موقف ترمب الذي سبق وقال إنه يتطلع الى عودة الحياة في البلاد لطبيعتها بحلول منتصف أبريل، في وقت حذّرت بريطانيا وإيطاليا من أن الإجراءات المفروضة لاحتواء الوباء ستستمر لأشهر.

في انتظار ذروة الوباء
وحذّر ترمب من أن الوضعقد يتدهور لبعض الوقت في الولايات المتحدة التي شهدت تضاعف عدد الإصابات خلال يومين فقط.
وأفاد أن "التقديرات بناء على النموذج (الحالي) تشير إلى أن معدّل الوفيات سيبلغ ذروته على الأرجح خلال أسبوعين"، معلنا عن تمديد إرشادات التباعد الاجتماعي حتى 30 أبريل. وأضاف "لن يكون هناك أسوأ من إعلان النصر قبل تحقيقه".

جاءت تصريحات ترمب بعدما حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، من إمكان أن يحصد الفيروس أرواح ما بين مئة ومئتي ألف شخص في الولايات المتحدة ومن احتمال إصابة الملايين. وتضغط الإصابات الجديدة على نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

في كل أماكن انتشار كوفيد-19، تراقب الدول وتيرة الوفيات التي يمكن ان تشير الى تجدده او تراجعه وكذلك وصول الوباء الى ذروته. والأحد، بدأت جمعية خيرية بإقامة مستشفى ميداني في حديقة سنترال بارك في نيويورك للمساعدة على تخفيف العبء عن مؤسسات المدينة.

انعكست التداعيات الإنسانية للإغلاق العام الذي جمّد قطاعات ضخمة من الاقتصاد الأميركي، على مخازن الأغذية في نيويورك، حيث يقول المنظمون إن الطلب بلغ ذروته. وقال إريك ريبرت من منظمة الإنقاذ الغذائي "فود هارفست" إنه "كان هناك في السابق 1,2 مليون شخص في نيويورك بحاجة إلى المساعدة للحصول على الغذاء.الآن، تضاعف العدد ثلاث مرات".

ستة شهور
تزامنت إعادة تقييم ترمب للإطار الزمني لعودة الأمور إلى طبيعتها مع تدهور الأوضاع في أوروبا. وسجّلت إسبانيا 838 وفاة خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد الوفيات بشكل قياسي لليوم الثالث على التوالي. وقال الممرض في مستشفى "إنفانتا صوفيا" في مدريد إدواردو فيرنانديز "امتلأ قسم العناية المشددة لدي بشكل كامل". ويذكر أن السلطات أقامت مستشفى ميداني يضم 5500 سرير في مدريد وحوّلت حلبة تزلج إلى مشرحة. أضاف فيرنانديز "نحن على شفير انهيار كامل إن لم يكن ذلك قد حصل بالفعل".

وفي بلجيكا، تخطت حصيلة الوفيات جراء الوباء 500 وفاة، بينها 160 خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما وصل عدد الإصابات المؤكدة إلى نحو 12 ألفا، على ما أعلنت السلطات الصحية الإثنين. تسبب فيروس كورونا المستجد بوفاة أكثر من 500 شخص في بلجيكا حتى الاثنين وفق أرقام السلطات الصحية التي أحصت نحو 12 ألف إصابة مؤكدة منذ بدء تفشي الوباء.

وأفاد مسؤولون بريطانييون أن الحياة قد لا تعود الى ما كانت عليه قبل ستة أشهر. وأفادت نائبة كبير المستشارين الطبيين في بريطانيا جيني هاريز أنه لن يكون بإمكان الأطباء تحديد إن كان العزل التام الحالي نجح في إبطاء تفشي الوباء قبل أسابيع عدة.

وذكرت أن إجراءات احتواء الفيروس ستخضع لمراجعة كل ثلاثة أسابيع "على الأرجح على مدى الشهور الستة المقبلة" على أقل تقدير. أما في إيطاليا، حيث سجّلت ثلث الوفيات العالمية، فحذرت الحكومة المواطنين من أنه سيكون عليهم الاستعداد لفترة عزل تام "طويلة جدا" يتم رفعها تدريجيا، رغم تداعياتها الاقتصادية. قال مستشار الحكومة في مجال الصحة لوكا ريتشيلدي "نخوض معركة طويلة جدا. ننقذ حياة الناس عبر سلوكنا".

لكن الضغوط التي تسببت بها التدابير المفروضة على المجتمع الإيطالي والتي كانت أمرا لا يمكن تخيّله قبل أسابيع فقط بدأت تظهر تدريجيا. لعل المثال الأبرز كان بدء عناصر من الشرطة مدججين بالسلاح بحراسة مداخل متاجر بيع الأغذية في صقلية بعدما وردت تقارير عن عمليات سلب ونهب قام بها أشخاص لم يعودوا قادرين على شراء الأطعمة.

في افريقيا، من شأن فرض عزل تام أن يشكل تحديا هائلا للسلطات في دول يعيش عدد كبير من سكانها في فقر ويكسبون قوتهم يوما بيوم. وفي بنين، قال الرئيس باتريس تالون إن بلاده لن تفرض عزلا تاما كونها تفتقد "الإمكانيات التي تملكها الدول الغنية" للقيام بذلك.

حذرت مجموعات إغاثية من أن تداعيات فيروس كورونا المستجد على دول العالم المتقدمة قد تبدو ضئيلة للغاية أمام الآثار المدمرة التي قد يتركها على سكان الدول الفقيرة أو مناطق الحروب على غرار سوريا واليمن.

ويشير خبراء الأمم المتحدة إلى أن ثلاثة مليارات شخص حول العالم لا يملكون القدرة على الوصول إلى المياه والصابون، الأسلحة الأساسية للحماية من الفيروس.