مع الانتشار السريع لوباء كورونا في الولايات المتحدة، بدأت ولايات عدة تبذل المزيد من الجهود في محاولة للحد من تفشي المرض، وذلك بعد أسابيع من التقاعس.

لكن حاكم إحدى الولايات فرض إجراءات مشددة في ولايته قبل ظهور أولى الحالات فيها بأيام.

اعتلى حاكم ولاية أوهايو، مايك ديواين، المنصة يوم الثلاثاء استعدادا لمؤتمره الصحفي اليومي حول التطورات المحيطة بانتشار فيروس كورونا في الولاية. ,كانت حصيلة تفشي الوباء في الولاية 2199 حالة إصابة و55 حالة وفاة، واحتاج 585 مصابا إلى الدخول للمستشفى.

تخللت تصريحاته عبارات الشكر وبعض النصائح لتشجيع الناس على الابتعاد عن التجمعات. وكان يحمل في يديه ملاحظات مطبوعة ينظر إليها باستمرار.

لم يكن يتحدث بكلام فضفاض، بل يدخل في التفاصيل، ويشرف على كل حرف وكلمة تنشر في موقع الولاية الإلكتروني المخصص لكورونا.

كورونا
BBC

هناك فرق شاسع ما بين هذا الأسلوب وذلك الذي يعتمده حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، الذي أصبحت مؤتمراته الصحفية اليومية المادة الأساسية لنشرات الأنباء في الولايات المتحدة.

ومع أن ديواين البالغ من العمر 73 عاما يفتقر إلى الحضور الإعلامي الذي يتمتع به كومو، فإنه يحصل على الكثير من الثناء لتصديه المبكر للوباء في وقت كانت الولايات المتحدة ككل تتخلف في ردها عن الكثير من بلدان العالم.

ففي الخامس من آذار / مارس، ورغم معارضة المنظمين، استحصل ديواين أمرا قضائيا يقضي بإلغاء جزء كبير من مهرجان أرنولد الرياضي، وهو مهرجان سنوي يشارك فيه 20 ألف رياضي من 80 دولة، وكان من المتوقع أن يحضره حول 60 ألف مشاهد يوميا.

وكان ينتظر أن يعود المهرجان بأرباح تتجاوز 53 مليون دولار لمدينة كولمبس كبرى مدن الولاية.

كان ذلك قبل أن تعلن الولاية عن وقوع أي حالة مؤكدة للإصابة بالفيروس.

وقال ديواين حينئذ في رده على منتقديه، "إنه إختبار توازن".

وفي الأسابيع الثلاثة التالية، اتخذ ديواين خطوات أخرى لمنع حضور المشجعين المباريات الرياضية، وذلك قبل أيام من قرارات الدوريات الرياضية الكبرى إلغاء مواسمها. كما أصبح أول حاكم ولاية يقرر إغلاق كافة المدارس في ولايته، واستعان بقانون الصحة العامة الاستثنائي لتأجيل انعقاد مؤتمر الولاية الإبتدائي الخاص بالانتخابات الرئاسية قبل ليلة واحدة من موعده في 17 من مارس/آذار.

في ذلك الوقت، وصف منتقدون خطوات ديواين بأنها مبالغ فيها، وغير متماشية مع الولايات المجاورة لأوهايو.

كما كانت سياسة ديواين على نقيض ما كان يدعو إليه دونالد ترامب، الذي كان يصر حتى أواسط شهر مارس بأن الفيروس "سيذهب".

قالت إيمي أكتون، وزيرة الصحة في أوهايو، في مؤتمر صحفي عقدته مؤخرا، "عند اندلاع الوباء، يبدو عليك أنك تثير الهلع، ولكن عند انتهاء الوباء يتبين أنك لم تفعل ما يكفي".

مما لاشك فيه أن ديواين اعتمد على الدكتورة أكتون لصياغة رد الفعل عقب انتشار الوباء. وكانت أكتون آخر تعيينات ديواين عندما استلم مهام منصبه في العام الماضي.

يقول ديواين "الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي السياسية كانت في الغالب بسبب افتقاري للحقائق بشكل كامل. ولذا قررت بأني سأحصل على أفضل وأدق المعلومات هذه المرة".

ويعمد ديواين في مؤتمراته الصحفية إلى الطلب من أكتون الإجابة على الأسئلة المفصلة المتعلقة بالفيروس وانتشاره، مذكرا سكان الولاية بأن قرارات حكومتها تعتمد على أسس علمية.

وقال يوم الثلاثاء "إن هذه السياسات تساعد في وقايتنا، ولذا ينبغي علينا الاستمرار في تطبيقها".

يتمتع ديواين بخبرة سياسية واسعة تساعده في تنفيذ مهام موقعه الحالي، ففي حياته السياسية التي تناهز الـ30 سنة، شغل مناصب عدة منها رئيس الإدعاء العام ووزير العدل في أوهايو، كما كان عضوا في مجلس النواب والشيوخ في واشنطن.

وسيكون بحاجة إلى هذه الخبرة لمواجهة الوضع الاقتصادي المزري الذي تمر به ولايته نتيجة تفشي الوباء. ففي الأسبوع الماضي فقط، تسلمت حكومة أوهايو 187,780 طلبا لمعونات البطالة، ثاني أكبر عدد في الولايات المتحدة ونصف عدد مجموع الطلبات التي قدمت في العام الماضي.

وقال يوم الثلاثاء متطرقا إلى ارتفاع معدل البطالة، "لقد اتخذنا قرارات صعبة، ولكن علينا الاستمرار في مواجهة الوباء والتغلب عليه. ليس بوسعنا أن نسمح لهذا الوحش بالانتشار بل علينا مواصلة التصدي له".

وفيما تواصل أعداد المصابين في أوهايو الارتفاع، نجحت الولاية إلى الآن في تجنب الانتشارات الكبيرة التي شهدتها ولايات مثل نيويورك وواشنطن ولويزيانا.

وتأتي أوهايو في المرتبة 15 بين كل الولايات فيما يتعلق بعدد حالات الإصابة بالفيروس.

وما زال ديواين ثابتا على موقفه. ويقول "يجب علينا اتخاذ اجراءات تشبه تلك التي تتخذ في زمن الحرب، لأننا نواجه غزوا فعليا. لابد لنا أن نستمر في المواجهة".