الرباط: اعتبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض، أن جائحة فيروس كورونا المستجد التي تعصف بدول العالم وطريقة تدبيرها، تمثل فرصة أمام اليسار كتوجه سياسي عالمي للعودة بقوة إلى الواجهة.
أضاف بنعبد الله في فيديو بثه الليلة الماضية عبر الصفحة الرسمية لحزبه في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أن "تدبير جائحة كورونا، بين بأنه يتعيّن الرجوع إلى الأفكار التي كنا دائمًا نؤمن بها، والتي تضع مسؤوليات أساسية على الدولة الديمقراطية الاجتماعية".
تساءل بنعبد الله في كلمته المفتوحة لأعضاء حزبه بمناسبة إطلاق نقاش داخلي ومفتوح حول ما إذا كان "كنا في المغرب اليوم سنستمر في اعتبار الصحة والتعليم والقطاعات الاجتماعية عبئ على الدولة والمجتمع، أم إننا سنعتبر أن هذا هو أصل التنمية، وهذا هو الدور الأساسي الذي ينبغي أن تقوم به الدولة في إطار وظائفها الأساسية؟".
وأفاد بنعبد الله بأن التوجهات التي سارت في منحى "انسحاب الدولة من معظم وظائفها الأساسية وسيادة توجه الرأسمال والقطاع الخصوصي الذي يمكنه أن يوفر الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة والحفاظ على البيئة وغيرها من التحديات، بينت الأزمة التي يجتازها العالم اليوم عكس ذلك".
وأكد بنعبدالله بأن الهدف من إطلاق النقاش داخل حزب التقدم والاشتراكية هو "الإسهام في فتح الآفاق أمام وطننا وشعبنا ونساعد بلادنا على تجاوز المحنة وتحويل هذه الأزمة إلى فرصة للتقدم"، لافتًا إلى أن هذه الجائحة جعلت الإنسان "مضطرًا للشروع في مراجعة ذاته ومجموعة من المسلمات والبديهيات".
زاد بنعبد الله مبينًا "يجب أن نطرح بعض الإشكالات والتساؤلات للاستئناس وهناك الكثير من التساؤلات، وهل صحيح أن البشرية كانت سائرة نحو إفناء نفسها بنفسها من خلال استنزاف ثروات كوكبنا وتلويثها، عبر الإمعان في استغلال الإنسان وتبضيع القيم وتقديس الفردانية وتركيز الخيرات في أيدي طبقات وبعض البلدان بعينها من دون استفادة الغالبية الساحقة من بلدان العالم خاصة الفئات المستضعفة".
وتساءل أمين عام حزب التقدم والاشتراكية حول "القدرات الحقيقية للنظام العالمي الحالي في تقديم الأجوبة الملائمة على تحديات التنمية ومكانة الإنسان فيها، وما هي الإصلاحات التي يتعين علينا أن ندخلها على الهيئات والمنظنات الأممية من أجل إقرار مبادئ السلم والأمن والتعاون بين الشعوب؟".
تساءل المتحدث نفسه حول المفاهيم الجديدة التي يمكن أن "نعطيها للسيادة الوطنية، وللاستقلال الوطني ، وإلى أي مدى استطاعت نماذج الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية أن توفرها بين عناصر حريات الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذلك متطلبات الحفاظ على الطبيعة واستمرارية النوع البشري؟".
وأضاف بنعبد عبد الله في محاولة لإثارة عقول رفاقه وحثهم على البحث عن تقديم مقترحات وإجابات عن الواقع الذي يعيشه المغرب والعالم اليوم، حيث قال: "هل نجحت الأيديولوجيا الرأسمالية في صناعة الاستلاب الثقافي وقضت على القيم الجماعية أم إن هناك أمل في استعادة الإنسان لقيمة العيش المشترك؟، وكيف السبيل إلى التوفيق بين تطلعات الفرد وحرياته بين الحقوق الفردية والحريات الجماعية؟".
وتساءل بنعبد الله مع أعضاء حزبه حول الانتاج الاقتصادي وما إذا كان يخضع لمنطق "الحاجيات الحقيقية للإنسان أم لمنطق الربح فقط، وما يفضي إليه من استنزاف للبيئة والطبيعة والثروات".
بشأن الوضع الاقتصادي لبلاده، تساءل بنعبد الله "عن نموذج التصنيع الداخلي الذي يمكن أن يحدث الفارق في خلق مسار تنموي قوي ومستقل ليغنينا عن الاستيراد المفرط"، وقال "لماذا يتم اليوم الاستمرار في الاعتقاد بأن الفلاحة ينبغي أن تبقى موجهة للتصدير وليس هدفها الأساسي تلبية الحاجيات الداخلية وتبنى على أشكال جديدة لفلاحة تضامنية وليس بالضرورة أنها تكون موجهة للفقراء؟".
وشدد بنعبد الله على القول إن الأسئلة السياسية "هي المدخل وهي المخرج لأي مشروع نريده، وأي ديمقراطية نريد وأي مؤسسات سياسية وأي أحزاب سياسية واي ادوار ستمنح لها، وكيف يمكن تقوية الفضاء السياسي لأنه هو الذي يمكن أن يحمل أي توجه نريده اليوم وغدا".
مضى مبينًا أن دستور 2011 ينبغي التفكير في كيف يمكن أن "نبلوره ونجعل منه واقعا ملموسًا على مختلف المستويات؟"، مطالبًا أعضاء حزبه بضرورة التفكير في كيفية الرفع من "المستوى العام لشعبنا وحسه الفني والثقافي، ونؤهل الإنسان المغربي ليكون عنصرًا فاعلًا في المسار التنموي".
تساءل بنعبد الله عن سبيل إيقاف "نزيف الأدمغة التي تغادر البلاد ودور نظامنا التربوي والثقافي في بناء الشخصية الوطنية"، مؤكدا أن التطلع إلى المستقبل "لا يستقيم من دون تبوء البحث العلمي والمعرفة المكانة التي تستحقها".
التعليقات