إيلاف: وسط إجماع سياسي واسع من المنتظر أن يكلف الرئيس العراقي صالح اليوم الخميس رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن يكون المكلف السابق عدنان الزرفي قد اعتذر عن التكليف.

ومن المنتظر أن يقدم رئيس الحكومة المكلف عدنان الزرفي اعتذاره رسميًا عن التكليف صباح اليوم إلى الرئيس العراقي برهم صالح ليمهد الطريق امامه لتكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظفي بالمهمة نفسها.

يأتي تكليف الكاظمي وسط اجماع سياسي واسع، حيث ان ترشيحه حظي بدعم القوى الشيعية الكبرى، ومنها الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي وتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم اضافة الى زعيم تحالف سائرون مقتدى الصدر على إسناد المهمة للكاظمي وائتلاف القوى السنية برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس اقليم كردستان نجيرفان بارزاني وائتلاف الوطنية العلماني بزعامة اياد علاوي الذي اعتبر في بيان صحافي تسلمته "إيلاف" ترشيح الكاظمي خياراً صحيحًا وحلًا أفضل في المرحلة المقبلة لما يتمتع به من وطنيه والتزام واستقلالية.. وعبّر عن الامل في ان يكون للمتظاهرين السلميين والنقابات والاتحادات دور في الحكومه المقبلة، والتي يجب ان تضع في أولوياتها محاسبة قتلة المتظاهرين ووضع الاقتصاد على طريق المعافاة وتحديد موعد للانتخابات المبكرة.

ووفق القانون العراقي فإنه ليس بالإمكان ترشيح الكاظمي رسميا إلا في حال تنحي الزرفي أوانتهاء المهلة الدستورية أمامه لتمرير حكومته، حيث بدأت المهلة من تاريخ تكليفه في 17 من الشهر الماضي، وتنتهي بمرور 30 يوماً.

الكاظمي معتدل يحتفظ بعلاقات طيبة مع القوى السياسية
يشار إلى أن الكاظمي الذي تولى مهمة رئيس جهاز المخابرات في يونيو عام 2016 هو شخصية اعلامية وسياسية ويرتبط بعلاقات جدية مع القوى الشيعية والسنية والكردية والاخرى السياسية المنخرطة في العملية السياسية الجارية في العراق حاليا، وتلك الاخرى المعارضة لها، اضافة الى علاقاته الاقليمية مع صناع القرار في الدول المحيطة بالعراق.

لم تعرف عن الكاظمي أي ممارسات طائفية، كما انه يمتاز بسلوكياته المعتدلة وانحيازه العروبي. نشط الكاظمي في العراق سياسيا واعلاميا، وعرف بكتاباته وتحليلاته المعتدلة التي ينشرها في العديد من وسائل الاعلام المحلية والدولية، حيث تميز بتأكيده على ضرورة احتضان العراق لجميع ابنائه بعيدا عن الانتماءات الطائفية والقومية والسياسية، وهو امر ساعد على احتفاظه بعلاقات ممتازة مع جميع القوى العراقية المنخرطة في العملية السياسية والاخرى خارجها.

وكان مصطفى الكاظمي (53 عاما) وهو سياسي وإعلامي عراقي نشط ضد النظام السابق منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي في يونيو عام 2016 بعدما حاز مكانة مرموقة كوسيط سياسي بين الأطراف العراقية المختلفة وسط الأزمات المتلاحقة.

لدى الكاظمي أكثر من 16 عامًا من الخدمة في العراق، معظمها في مجال حل النزاعات، كما عمل على إصلاح الجهاز الذي تراسه منذ عام 2016 بالتركيز على إخراج السياسة من العمل المخابراتي، وانهى هيمنة الاحزاب المتنفذة على عمله ونشاطاته.
وكان الكاظمي معارضاً ناشطاً ضد النظام العراقي السابق، وعاش سنوات في المنفى، لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.

وقد منحه دوره مديرا تنفيذيا لمؤسسة الذاكرة العراقية، وهي منظمة تأسست بهدف توثيق جرائم النظام السابق، فرصة التخصص في الاستراتيجيات الأرشيفية، حيث اكتسب خبرة في توثيق الشهادات وجمع الأفلام عن ضحايا النظام السابق على أساس المسؤولية في حفظ الحدث العراقي كوثيقة تاريخية، إضافة إلى الإشراف على عمل فرق تقوم بالعمل نفسه في دول عدة.

وأدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة الحوار الإنساني وهي منظمة مستقلة تسعى للتقريب بين المجتمعات والثقافات والتأسيس للحوار بديلًا عن العنف في حل الأزمات.

عمل الكاظمي كاتبا ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع المونيتور الدولي، وركزت مقالاته على تكريس روح السلم الاجتماعي في العراق، وكشف الإخفاقات والارتباكات التي صاحبت تجربة النظام السياسي وسبل معالجتها. كما نشر خلال مسيرته المهنية العديد من الكتب من أبرزها (مسألة العراق – المصالحة بين الماضي والمستقبل).

وتولى الكاظمي رئاسة تحرير مجلة الاسبوعية التي كان يملكها الرئيس العراقي برهم صالح وهو يحمل شهادة بكالوريوس في القانون ثم حصل على الماجستير في القانون الدولي العام من الولايات المتحدة الأميركية عام 2010

آلية منح الثقة للمكلف بالحكومة
وعن آلية منح الثقة للمكلف بتشكيل الحكومة، يوضح الخبير القانوني العراقي طارق حرب ان النصاب المقرّر دستورياً للجلسة البرلمانية الاعتيادية 165 نائباً على الأقل (النصف زائدا واحدا، من أصل 329 نائبا)، ولكن منح الثقة يكون بتصويت غالبية الحاضرين.

اشار الى انه اذا كان الحضور 180 نائباً، فإن منح الكاظمي الثقة يكون بتصويت 91 نائباً فقط، طبقاً للفقرة رابعاً من المادة 76 من الدستور. أما سحب الثقة فيكون بموافقة الغالبية المطلقة للأعضاء، طبقاً للفقرة 3 / ثامناً من المادة 61 من الدستور.

اضاف انه اذا تحقّق النصاب بـ 165 نائباً، في جلسة منح الثقة، فإن المكلف سيمر إن صوّت له 83 نائباً، على اعتبار أن هذا العدد يشكّل الغالبية المطلقة والمقرّرة دستورياً من الحاضرين، البالغ عددهم 165 نائباً، أي أكثر من نصف نصاب الحاضرين .. مبينا ان الدستور تساهل في منح الثقة عدديّاً وتشدّد في سحبها، مشترطاً غالبية مطلقة للأعضاء، وهم 165 نائبا.

يشار الى ان الكاظمي يحظى بدعم كتلتي السنة والاكراد (65 مقعداً) إضافة إلى 5 كتل شيعية تملك 106 مقاعد في البرلمان بإجمالي 171 مقعدا من أصل 329 مقعدا برلمانيا ليكون بديلا من الزرفي.