روما: يستعد مئات ملايين المسيحيين في العالم لإحياء عيد القيامة، الذي يحلّ خلال هذه السنة في ظروف غير مسبوقة، وسط إجراءات عزل تعمّ العالم، بسبب تفشّي وباء كوفيد-19، الذي تجاوزت حصيلته مئة ألف وفاة.

في الفاتيكان، ستبقى ساحة القديس بطرس مقفرة، فيما سيتابع المؤمنون الطقوس الدينية عبر شاشات التلفزيون. ووجّه البابا فرنسيس تحيّةً إلى "القدّيسين في حياتنا اليومية، وهم الأطباء والمتطوعون ورجال الدين والكهنة والعاملون، الذين يؤدّون مهمّاتهم كي يستمرّ هذا المجتمع".

في القدس، وللمرة الأولى منذ أكثر من مئة عام، لن تستقبل كنيسة القيامة، التي أغلقت أبوابها بسبب الفيروس، المسيحيين المحتفلين بالعيد. واكتفت في يوم الجمعة العظيمة بإقامة قدّاس بلا مُصلّين، ومشى أربعة أشخاص فقط على خطى المسيح في درب الآلام، مرنّمين تراتيل دينية.

أجواء "اكتئاب"
وصفت سوسن الساكنة في حارة النصارى في البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة الأجواء بأنها "تبعث على الاكتئاب". في دلالة أخرى على الشلل الذي يعمّ العالم، لا تزال "ورشة القرن" الرامية إلى ترميم كاتدرائية نوتردام، جوهرة باريس القوطيّة، متوقفة بسبب الإغلاق بعد عام على الحريق الذي اجتاحها.

وفي البوسنة، خلا مزار مديوغوريه، بعدما اعتاد أن يكتظ بالزوار في مثل هذا الأسبوع. حرم المسيحيون وكذلك اليهود والمسلمون من احتفالاتهم الدينية، بسبب تدابير طاولت كل الأعياد الدينية في شهر أبريل، سواء عيد الفصح المسيحي أو الفصح اليهودي أو كذلك شهر رمضان الذي يتوقع أن يبدأ في أواخر الشهر.

أسفر انتشار فيروس كورونا المستجدّ عن وفاة ما لا يقلّ عن 100.859 شخصًا في العالم منذ ظهوره في ديسمبر في الصين، وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس الجمعة الساعة 19:00 ت غ استنادًا إلى مصادر رسمية. وشُخّصت رسميًا أكثر من 1.664.110 إصابات في 193 دولة ومنطقة منذ بدء تفشّي الوباء.

وأصبحت الولايات المتحدة أوّل دولة في العالم تتجاوز عتبة الألفَي حالة وفاة خلال يوم واحد بسبب فيروس كورونا، وذلك إثر تسجيلها 2108 وفيّات إضافيّة خلال 24 ساعة، حسب إحصاء لجامعة جونز هوبكنز الجمعة الساعة 20:30 بالتوقيت المحلّي.

وسجّلت الولايات المتحدة في الإجمال 18.586 حالة وفاة، وبذلك تقترب إلى حدّ كبير من حصيلة الوفيّات التي سجّلتها إيطاليا (18.849 وفاة).

لا احتفال بـ"عيد النصر"
في المملكة المتحدة، تمكّن رئيس الوزراء بوريس جونسون المصاب بالفيروس، والذي أُدخِل المستشفى الأحد، من مغادرة العناية المركّزة. لكنّ والده قال "عليه أن يرتاح".

وتُسجّل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، على غرار ولاية نيويورك، بؤرة الوباء في الولايات المتحدة، تراجعًا في شدّة الضغط على المستشفيات، ما يُشير إلى أنّ العزل بدأ يؤتي ثماره. وأعلنت إسبانيا الجمعة أدنى عدد من الوفيات اليومية منذ 24 مارس، مع تسجيل 605 وفيات.

رغم ذلك، تدعو السلطات الصحية في كل أنحاء العالم إلى عدم التراخي في الجهود. وفي وقت بدأ بعض الدول الأوروبية يُعدّ للخروج من تدابير العزل، يحذر خبراء من التسرع في رفعها. وحذّر المدير العام لمنظّمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أنّ رفع القيود على التنقّل بشكلٍ مبكر قد يودّي إلى عودة "قاتلة" للوباء.

في هذه الأثناء لا تزال الأسرة الدولية تسعى إلى تخطي انقساماتها. ولم تسفر الجلسة الأولى التي عقدها مجلس الأمن الدولي ليل الخميس الجمعة عبر الفيديو لبحث وباء كوفيد-19، عن شيء يذكر، إذ اكتفى الأعضاء الـ15 بتقديم "الدعم" للأمين العام أنطونيو غوتيريش، لكن من دون تبني إجراءات قوية كان يأملها.

إصابة لاعب سومو
في أوروبا، توصل وزراء مال الاتحاد الأوروبي بمشقة إلى اتفاق ينص على رصد 500 مليار يورو يتم توفيرها فورًا وصندوق إنعاش مستقبلي بالقيمة نفسها. لكنهم لم يحسموا مسألة تشارك الديون المثيرة للجدل التي طرحت تحت تسمية "كورونا بوندز" أو سندات كورونا مخصصة لدعم الاقتصاد على المدى الطويل، وتنقسم بشأنها دول الشمال والجنوب في الاتحاد الأوروبي.

في روسيا، أعلنت سلطات موسكو تسجيل ارتفاع حاد في عدد حالات الاستشفاء، محذّرةً من أنّ قدرات أجهزة الصحّة في العاصمة تبلغ "حدودها القصوى". وسجّل اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة انسانية في العالم في ظل حرب مستمرة منذ خمس سنوات، الجمعة أول إصابة بفيروس كورونا، بينما لم تصمد هدنة من طرف واحد أعلنها التحالف بقيادة السعودية.

في عرض البحر، كشفت فحوص أجريت لطاقم حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول إصابة خمسة من أفراد الطاقم الخمسين بالفيروس. في اليابان، أُعلِنت أوّل إصابة مؤكّدة بين لاعبي السومو.

أزمة غذائية
أما في القارة الأفريقية، فحذر البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي من "أزمة غذائية" في أفريقيا. في لاغوس، الرئة الاقتصادية لنيجيريا، الدولة ذات العدد الأكبر من السكان في أفريقيا، تتردد عبارة "نحن جياع". وفي غانا، قررت السلطات تمديد عزل أكبر مدينتين في البلاد لأسبوع، هما العاصمة آكرا وكوماسي.

في المقابل، تتواصل الحياة في بوروندي، وتبقى الحانات والكنائس مفتوحة. وقال الجنرال إيفاريست نداييشيمي الرجل القوي في الحزب الحاكم في البلاد "لا تخافوا. الله يحب بوروندي، وإذا كان هناك مصابون فيها، ذلك لأن الله يظهر قوته".

في الهند، يكابد الأكثر فقرًا من أجل البقاء. وروت راجني ديفي أم في إحدى ضواحي نيودلهي "الليلة الماضية، أكلنا خبزًا مع ملح ممزوج بزيت الخردل".

في مخيمات اللجوء في اليونان، فرض حجر صحي على مخيم لغجر الروم لأسبوعين، وهو يقع في وسط البلاد على بعد نحو 350 كلم شمال أثينا، وذلك بعدما سجّلت إصابات بين قاطنيه.