واشنطن: احتفل باراك أوباما باطلاق معركته "التاريخية" للفوز بمقعد البيت الأبيض أمام آلاف المتحمسين فيما سجلت هيلاري كلينتون "محطة تاريخية" كأول امرأة تفوز بترشيح حزب أميركي كبير لخوض الانتخابات الرئاسية وسط تصفيق وهتافات صاخبة، لكن جو بايدن الذي سيمثل الحزب الديموقراطي في الانتخابات المقبلة لم يحظ بمثل تلك الفرصة.

مثل معظم الأميركيين يلتزم بايدن بتعليمات العزل المنزلي في مواجهة الفيروس، وبالتالي احتفل بفوزه بالتزكية بترشيح الحزب في انتخابات 2020، بنشر بيان صحافي وتصريحات بثها على الانترنت من الدور السفلي لمنزله.

في يونيو 2008 ألقى أوباما أفضل خطاباته المؤثرة عقب فوزه بترشيح الحزب الديموقراطي، وهي مهمة شاقة لرجل أصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة. وقال في ملعب مزدحم في مينيسوتا إن اللحظة تؤذن بـ"نهاية رحلة تاريخية مع بداية رحلة أخرى".

كانت تلك نقطة انطلاق حملة غير مسبوقة كللت بالنجاح و"احتفال ضخم" بحسب ما ذكر مستشاره السابق دان فايفر في تصريحات أدلى بها أخيرا على خدمة البث بودكاست. ولم تتحقق لبايدن لحظة الاحتفال بالنصر على المسرح الوطني. فقد تم إرجاء الانتخابات التمهيدية في نحو 15 ولاية، ولن تنظم تجمعات للاحتفال بفوزه لمواجهة الرئيس دونالد ترمب.

فانتشار وباء مثير للقلق لا يسمح بإقامة احتفالات وحملات انتخابية. وبايدن البالغ من العمر 77 عاما ونائب الرئيس السابق، فاز في الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين بسرعة أكبر مقارنة بأوباما وكلينتون، وذلك بعد أن انسحب منافسه الوحيد المتبقي بيرني ساندرز من السباق الأربعاء.

مساء ذلك اليوم، جلس بايدن في استوديو بمنزله أمام الكاميرا وخلفه مكتبته ليوجه كلمات ودية لساندرز قبل أن يخاطب بسرعة الناخبين القلقين من تفشي الفيروس، وذلك في بث تدفقي مباشر على الانترنت.

دأب بعد ذلك على مناقشة الأزمة على تويتر، ودعا الأميركيين لمساعدته على إلحاق الهزيمة بترامب في الثالث من نوفمبر. كما وجه أسئلة للرئيس قبيل الإيجازات الصحافية اليومية له مع خلية الأزمة. لكن بايدن يواجه صعوبة في اختراق الساحة الإعلامية الوطنية.

وقال استاذ الحوكمة في الجامعة الاميركية ديفيد لوبلين لوكالة فرانس برس الجمعة "بالتأكيد إنه ظرف استثنائي وجميع الحملات معلقة".

وأضاف "الأمر لا يتعلق فقط بمنافسة الرئيس، بل أيضا بأزمة عالمية يمثلها كوفيد-19" الذي يستأثر باهتمام الأميركيين ووسائل الإعلام، معتبرا أن حملة بايدن "تحصل على اهتمام أقل".

انتظار الوقت المناسب للتحرك
يبرز سؤال حول ما إذا كان بايدن غير قادر على التواصل بشكل أكبر - مع التقيد بالتباعد الاجتماعي - مع الطواقم الصحية والطبية المعنية بمكافحة الوباء.

يرى لوبلين أن بايدن وفريقه دون شك "يواصلون التفكير بشأن ما يمكن فعله" على صعيد الحملة الانتخابية. ويتوقع بايدن الحصول على دعم أوباما الذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة بين الديموقراطيين، ولطالما كان لتصريحاته السياسية على ندرتها وزن كبير.

حتى ذلك الحين يواصل المرشح المفترض إجراء مقابلات، عادة بشأن الوباء وتأثيره على الأميركيين، من منزله. وقال في مطلع الشهر إن 20 إلى 30 مليون أميركي تابعوا مقابلاته.

أما ترمب فهو في كل مؤتمر صحافي يعقد يوميا بخصوص الأزمة وتبثه وسائل الإعلام الأميركية الرئيسة. لكن تواجده المفرط قد يحمل نتائج عكسية. فقد انتقدت صحيفة وول ستريت جورنال التي لا تعد من بين المنتقدين العاديين لترمب، في هذا الأسبوع "الإيجازات الصحافية الضائعة" بوصفها "عروضا مملة" لمبارزة الرئيس مع الصحافيين.

في المقابل فإن أزمة الفيروس تسمح لبايدن، السياسي المخضرم الذي هزته مأساة عائلية، بالتركيز على نقاط قوة رئيسة من بينها "التنافسية ومعرفة كيفية عمل الحكومة، ولكن أيضا التعاطف".

بايدن المعروف لدى غالبية الأميركيين، يستفيد من تقدم طفيف على ترمب في استطلاع جديد للرأي، وربما عدم خروجه إلى دائرة الضوء قد يصب في مصلحته الآن، بحسب المحلل السياسي في جامعة فيرجينيا مايلز كولمان.

قال كولمان إن بايدن "يحظى بشهرة عالمية، ومثل فريق رياضي متقدم يحاول الحفاظ على تقدمه باستثمار الفترة المتبقية على أفضل وجه، قد يكون في مصلحته انتظار الوقت الأنسب للتحرك". ومثل ترمب فإن بايدن ليس من دون عيوب.

وقال كولمان "يبدو أن الديموقراطيين يمكن أن يحققوا نتيجة أفضل إذا جعلوا هذه الانتخابات استفتاء على ترمب... بدلا من جعلها خيارا بين مرشحين اثنين".