تسبب منشور لناشطة حقوقية فلسطينية على موقع فيسبوك باعتقال ناشط من غزة على يد حركة حماس بسبب لقاء افتراضي جمعه مع إسرائيليين، وتقول الناشطة إن هذا لم يكن هدفها وإنما وضع حد لمثل هذه اللقاءات.

وأوردت الناشطة هند الخضري في منشورها "لا يوجد أي مبرر لأي نشاط تطبيعي مع الاحتلال سواء كان النشاط من قبل رامي وجماعته أو غيرهم" في إشارة إلى الناشط الغزاوي رامي امان.

وأضافت بكلمات عامية "نحن كفلسطينيين لا يجب أن يكون لدينا قانون ضد التطبيع لأني أعتقد أننا نولد هكذا، المبادئ تولد معنا".

وأثار منشور الناشطة الحقوقية جدلا واسعا، اعتقلت على إثره حركة حماس الحاكمة في قطاع غزة المحاصر، الناشط رامي أمان (36 عاما) وخمسة آخرين بعد مشاركتهم في لقاء مع إسرائيليين عبر تطبيق "زوم" واتهمتهم بالخيانة وأحالتهم للتحقيق.

وتحظر السلطات في غزة أي اتصال مع الإسرائيليين. لكن الخضري تقول إن هدفها كان التأكيد أنها ضد "التطبيع" وليس الدعوة لاعتقالهم.

وتداول نشطاء فلسطينيون مقطع فيديو يظهر فيه رامي أمان، المؤسس للجنة "شباب غزة" المؤيدة للسلام مع إسرائيل ونشطاء إسرائيليون يناقشون أمورا تتعلق بحياتهم اليومية في لقاء استمر لنحو ساعتين.

ولجنة شباب غزة أسسها أمان في عام 2010، بهدف التواصل مع نشطاء سلام إسرائيليين يسعون جميعا إلى "نبذ العنف وخلق مستقبل مشترك للسلام" وفق أحد أعضائها.

وتساءلت الخضري، الموظفة السابقة في منظمة العفو الدولية (24 عاما)، في حديثها لوكالة فرانس برس، "كيف يمكن لمثل هذا النشاط أن يحدث داخل غزة".

وأكدت رفض التطبيع قائلة "أنا كفلسطينية، قبل أن أكون صحافية، ضد التطبيع" مع إسرائيل. وأكدت أن لا علاقة بين منشورها واعتقال أمان ورفاقه، الأمر الذي أكدته حماس أيضا.

وشددت الخضري على أنها ضد اعتقال أمان، وخصوصا أنها خاضت تجربة الاعتقال في وقت سابق، إذ اعتقلتها الحركة بسبب تغطيتها الصحافية لاحتجاجات "مسيرات العودة" العام الماضي.

تطبيع أم تواصل

من جهته، يوضح الناطق باسم وزارة الداخلية التابعة لحماس في قطاع غزة إياد البزم أن أمان ورفاقه الخمسة "سيعرضون على النيابة العسكرية لتقديمهم للمحاكمة".

ويقول أحد رفاق الناشط أمان والذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، إن اللقاء مع المجموعة الإسرائيلية جاء "لدعم السلام، لجنة شباب غزة تنشد السلام وهذه حرية تعبير يكفلها القانون".

لكن البزم يعتبر ان "أن إقامة أي نشاط أو التواصل مع الاحتلال الإسرائيلي تحت أي غطاء يعتبر خيانة وجريمة تطبيع يعاقب عليها القانون".

ويشير الناطق باسم وزارة الداخلية الى أن هذه "ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها أمان"، إذ تم توقيفه قبل عامين على خلفية "نشاط تطبيعي (...) وأفرج عنه بكفالة متعهدا التوقف عن ممارسة مثل هذه النشاطات".

ويضيف "للأسف، أخل أمان بتعهده وقام مجددا بنشاط تطبيعي". أما منظمة العفو الدولية التي عملت الخضري لحسابها فتقول "عملت هند لدينا لفترة قصيرة في توثيق الاحتجاجات في غزة العام الماضي".

وقال نائب المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في المنظمة صالح حجازي لفرانس برس "ندين بشدة اعتقال الأفراد لممارستهم حقهم في الكلام في شكل سلمي والتجمع"، في إشارة لاعتقال أمان.

جدل واسع

وأثار منشور الناشطة الحقوقية جدلا واسعا بين النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اتهمت الخضري بالتسبب باعتقال أمان.

وقالت إنها غاضبة بسبب "التحريض ضدي".

ودافع التجمع الإعلامي الديموقراطي الفلسطيني عن الخضري، وقال في بيان إن "الخضري تمثل الكل الفلسطيني على اعتبار أن التطبيع مع الاحتلال جريمة وطنية".

ودان التجمع "حملة التحريض من منظمات دولية داعمة للاحتلال ومنها منظمة يو إن واتش".

وأشادت "يو إن واتش" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والتي تأسست في الأصل لمواجهة معاداة السامية، بأمان واعتبرته "ناشط سلام شجاعا" في غزة. وتتخذ المنظمة من جنيف مقرا.

وتصعدت الأمور عندما حذف المسؤول السابق في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بيتر بوكارت، الخضري من مجموعة صحافية على موقع فيسبوك وقال إنها يجب أن "تخجل" من نفسها.

وقال ناشط حقوقي غزاوي فضل عدم ذكر اسمه إن الخضري "أشارت في منشورها الى الناطق باسم الداخلية وآخرين، هذا خطأ قد يكون شكل ضغطا على حماس أدت إلى اعتقال أمان".

وأكد البزم أن اعتقال هؤلاء الناشطين جاء "بناء على متابعة حثيثة من أجهزة الأمن لهم".

من جانبه، دعا رئيس المكتب الإعلامي في غزة سلامة معروف، الخضري لتقديم شكوى "بالضرر الواقع عليها"، مشيرا إلى أن منشور الخضري الرافض للتطبيع "واجب مهني".

وسيطرت حركة حماس على قطاع غزة وهو شريط ساحلي ضيق وفقير في العام 2007 بعد مواجهات مع حركة فتح.

وخاضت إسرائيل والفصائل في قطاع غزة وفي مقدمها حماس ثلاث حروب خلال عقد. وتفرض إسرائيل منذ أكثر من عشرة اعوام حصارا مشددا جوا وبرا وبحرا على القطاع الذي يسكنه نحو مليوني نسمة.